الثورة / يحيى قاسم المدار
صرحٌ علميٌ ثقافيٌ تربويٌ شامخٌ ذو أهداف تنويرية تبصيرية لرسالة الإسلام الخالدة وفق المنهج القويم.
أسس المركز على التقوى والإيمان، ورفعت دعائمه بالعترة والقرآن فأصبح من مناهل الثقافة، التي لا يخيب قاصدها ولا يظمأ واردها، ومن مشاعل الهداية التي تنير دروب السائرين وتضيء طريق الحائرين.
جاء تأسيس هذا المركز في مرحلة الاستقطابات الحادة من قبل التيارات والجماعات المتضادة الساعية لتحقيق أهدافها الحزبية الخاصة ومصالحها السياسية الذاتية.
أدرك الشيخ المرحوم محسن أبو نشطان أن الهوية الإيمانية لأبناء قبيلة أرحب تتعرض لحملات التزييف ومحاولات التجريف والتحريف، فتوجه إلى بعض العلماء الأعلام من آل بيت النبي الكرام ليتدارس معهم المشكلة ويسترشدهم الحل فبعثوا إليه بمدرسين أفاضل ليسدوا الفراغ الفكري في المجتمع ويتولوا مسؤولية إعداد الطليعة الأولى لحمل رسالة العلم وتحمل مسؤولية الإرشاد.
ولما رأى الشيخ محسن حالة التعطش للعلم لدى الطلبة الأوائل في مسجد القرية وشدة رغبتهم فيه وحاجتهم إلى مدرسة علمية تتوسط المناطق المحيطة التي يتوافد منها الطلاب بادر إلى تحقيق الرغبة وتلبية الطلب.
———————————————————————————————-
منذ تأسيس المركز لم يستطع الأعداء إخفاء ما يجيش بصدورهم من غيظ وحقدٍ تجاهه وحاولوا إطفاء نوره فبدأوا بنفث سموم دعاياتهم الكاذبة وافتراءاتهم السخيفة طيلة تسعة أعوام لكنهم فشلوا.
وفي حين كان المركز في أوج نشاطه ومع بدء العدوان السعودي الأمريكي على اليمن وجد الأعداء فرصتهم فصبوا جام حقدهم وتم استهداف المركز في منتصف ليلة الخميس 16/ 4/ 2015م بسبع غارات متواصلة ألحقت به دماراً وضررا في أغلب مرافقه ومبانيه.
وبعد أربعة أيام تم استهداف منزل الشيخ المرحوم / محسن أبو نشطان بغارتين .. يوم الإثنين 20 /4 /2015م..
وفي فجر الإثنين 10 /8 /2015م قام طيران العدوان بقصف سكن المدرسين بغارتين..
ثم عاودت طائرات العدوان يوم الخميس 20 /8 /2015م، وشنت على المركز إحدى عشر غارة ..
ولم يكتف العدوان بضرب المركز، بل قام بضرب منازل أولاد المرحوم / محسن أبو نشطان بغارتين ليلة السبت 26 /9 /2015م.. ثم عاود بغارتين ليلة الثلاثاء 29 /9 /2015م..
ثم عاود الضرب للمنازل للمرة الثالثة بثلاث غارات، ليلة الجمعة بتاريخ 2/10/2015م.
ثم لا زالوا يواصلون الغارات واستهداف المركز ومرافقه فتم استهداف المطبخ والفرن وصالة الطعام وكذلك السكن الخاص بالمدرسين وصالات الاستقبال واستهدفوا حتى الأضرحة. . ليصل عدد الغارات إلى خمس وخمسين غارة.
فبدأ بتشييد غرفة متواضعة في منطقة بوسان في أرحب، وكانت تلك الغرفة المتواضعة نقطة البداية ونواة التكوين الأولى لمركز علمي حظي بموقعه الرائد بين مدارس وهجر العلم في اليمن وبالرعاية الفائقة والعناية من قبل مؤسسه الهمام وأولاده الكرام.
لم يدخر مؤسسه الشيخ المرحوم محسن أبو نشطان جهدا ولا جاها ولا مالا إلا وجاد به في بناء وتشييد المركز وتأثيثه وإعداد وتأهيل أساتذته ورواده الأوائل من طلاب العلم وبهذا تميز المؤسس الراحل عن كثير من المشايخ الذين قلَّ أن يلتفتوا إلى العناية بمثل هذا الموضوع والمبادرة إلى إنشاء مثل هذا المشروع.
لم تمض سوى فترة وجيزة حتى تضاعف أعداد الطلاب ودعت الحاجة إلى توسعة المكان لتتحول الغرفة المحدودة الجوانب إلى مركز متعدد المرافق من مسجد كبير واسع تم تأسيسه وإلى جواره عدد من الفصول الدراسية
شُيد المركز في بنائه الأول عام 2004م، على أُسسٍ راسخة، وجذور ثابتة؛ وبدأ غرس بذرته الطيبة.
ثم بدأ التوسع شيئا فشيئا برعاية الشيخ محسن وولده الشيخ نزيه ليتحقق بذلك الحلم المنشود بوجود هذا المركز العلمي الهادف إلى بناء جيل قرآني ومجتمع إيماني متسلح بالوعي ومتزود بالتقوى ومتمسك بأعلام الهدى.
عمل هذا الصرح العلمي المتميز بشكل رئيسي على تدريس القرآن الكريم والعلوم الشرعية وتقديم المعارف لطلاب العلم وتثقيفهم بالثقافة الإسلامية الصحيحة، وربطهم بتاريخهم الإسلامي المجيد، وهويتهم الإيمانية الأصيلة في عصر أسدلت فيه ظلمات الجهل وتزعزعت أركان اليقين من معالم الدين الإسلامي الحنيف.
بدأ المركز بإقامة الدورات الصيفية منذ عام 2005م بقسميها: الداخلي والخارجي.. وتوافد إليه طلاب العلم لدراسة القران والعلوم الأخرى من جميع أنحاء البلاد ومختلف المناطق في محافظة صنعاء وبعض المحافظات المجاورة، حتى أصبح هذا المركز قبلة لطلاب العلوم في اليمن.
وتخرج من المركز الكثير من الأساتذة والخطباء والمجاهدين.
وبالإضافة إلى تعليم القرآن ودعوة الناس بالحكمة والموعظة الحسنة أخذ المركز على عاتقه محاربة تيارات الغزو الفكري والأفكار الهدامة، والعقائد الباطلة والثقافات المغلوطة وتصحيح الانحرافات العقائدية والسلوكية التي أوصلت مجتمعنا إلى التيه والضياع.
وسعى المركز إلى ترسيخ ثقافة البحث العلمي والتوسع المعرفي وتطوير القدرات الفكرية وتنمية المهارات الإبداعية لدى المجتمع..
ناهيك عن دور هذا الصرح في مواجهة الفكر التكفيري الوافد وحماية المنطقة وغيرها من المحافظات المحيطة من تيارات التغريب وثقافة الخنوع والاستسلام..
ومن بين نشاطات المركز النشاط الثقافي الذي كان له النصيب الأوفر من اهتمامات المركز ومن أبرز جوانبه، إقامة المخيمات الثقافية والندوات العلمية ودورات التنمية الذاتية والدورات التأهيلية للخطباء والمرشدين ودورات للقائمين على المراكز الصيفية.
وكذلك دورات في مجال الحاسوب ودورات في مجال الإدارة.
ومن أهم الأنشطة إحياء المناسبات الدينية: المولد النبوي الشريف – عيد الغدير (يوم ولاية الإمام علي عليه السلام) – ذكرى عاشوراء (ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام) – ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي عليه السلام – ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام..
وأصدر المركز العديد من المطويات والمنشورات والمجلات الهادفة والنشرات الثقافية والصحف كالمشكاة وصحيفة الملتقى وصحيفة تبيان ومجلة بينات بالتعاون مع مؤسسة البينة.
كما أصدر المركز عدة مجلات حائطية إلى جانب البروشورات.
ورغم أن الانشطة العلمية هي أبرز الأنشطة انتشارا وأكثرها اشتهارا اهتم المركز بالجوانب الاجتماعية والإعلامية فكان المركز بمثابة النادي والمنبر الإعلامي والملتقى الاجتماعي.
وتم تأسيس (ملتقى السلم والوئام – الاجتماعي الثقافي الخيري) 2011م ليقوم بدور كبير في رعاية ومساعدة الأسر الفقيرة وذوي الاحتياجات الخاصة، ورعاية أسر الشهداء والأسرى والجرحى والمرابطين وهذا ما جعله محل احترام من كل أبناء المجتمع .
لم يقتصر نشاط المركز على الاهتمام بتعليم وتوعية الرجال بل توسع اهتمامه ليشمل الجانب النسائي فتم تأسيس عدد من المراكز النسوية.
——————————————————————————————————–
مركز يحتضن عشرات الآلاف من طلاب الدورات الصيفية وممتد على أكثر 141 من مدرسة بأرحب كلها
لقد أراد الأعداء أن يخفضوا علوَّ هذا المركز فما ازداد إلا شموخا ورسوخا.
أرادوا أن يدمروا بنيانه ويشردوا فرسانه وأراد الله إلا أن يكتب له الظهور الذي لا تطمسه عواصف المحن وأن يكتب لفرسانه الحضور الذي لا تغيبه قواصف الفتن.
أرادوا إطفاء نور الإيمان والعلم والجهاد والقضاء على عزيمة الإنسان وأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.
وها هي إرادة الانتصار تتغلب على همجية القصف والدمار.
ففي العام 1442 للهجرة تم في أرحب افتتاح حوالي اثنين وسبعين مركزاً ومدرسة صيفية للبنين والبنات.. بلغ عدد طلابها أكثر من (7000) طالب وطالبة.
وفي العام السابق 1443هـ للهجرة تم افتتاح أكثر من مائة وثمانية وثلاثين مدرسة ومركزاً صيفيا.. بلغ عدد طلابها أكثر من (12270) طالبا وطالبة.
وها هو اليوم المركز يعاود أنشطته وينهض مجددا من بين الركام ويفتتح أكثر من أربعة مراكز داخلية ضمت أكثر من ألفي طالب نحتفل بتخرجهم بالتزامن مع اختتام الدورات الصيفية المفتوحة في عموم أرحب وقد بلغ إجمالي الطلاب (١٢٤٦٦) طالبا وطالبة توزعوا على مائة وإحدى وأربعين مدرسة صيفية منها: اثنتان وعشرون مدرسة للذكور، وإحدى وعشرون مدرسة للإناث وثمانية وتسعون مدرسة للذكور والإناث، في جميع المستويات.
وفي يوم الأحد، 29 ذو القعدة 1444هـ الموافق 18 يونيو 2023م أقام المركز احتفائية ثقافية وعرضا كشفيا مهيبا في اختتام الأنشطة والدورة الصيفية لمراكز الشيخ المرحوم أبو نشطان في مديرية أرحب في محافظة صنعاء.
الفعالية حضرها عضو المجلس السياسي الأعلى جابر الوهباني ورئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، حيث ألقى رئيس الوزراء كلمة حيا في مستهلها القائمين على المركز الصيفي وأنشطته الطلابية والشبابية .. لافتاً إلى أن المخيمات الصيفية بمختلف أنشطتها تحظى برعاية مباشرة من قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ورئيس المجلس السياسي الأعلى، وجاءت من أجل بناء الجيل الصاعد وتنمية قدراته وصقل مواهبه والاستعداد لخوض معركة المستقبل بمختلف استحقاقاتها الوطنية والعربية والإسلامية.
وقال «نشكر هذا المركز الذي سطر عبر تاريخه الطويل مجموعة من الأعمال التعليمية والثقافية وكذا مؤسسه الشيخ محسن أبو نشطان، الذي وضع قبل موته بصمة علمية وثقافية ليواصل أبناؤه هذا العطاء السخي في هذا المركز إلى جانب أربعة مراكز أخرى تضم أكثر من ألفي طالب وبدعم مباشر من قائد الثورة».
وعبر رئيس الوزراء عن الشكر للمسؤولين والضيوف الذين شرفوا الفعالية الختامية لأنشطة المركز الصيفي والذي بحضورهم ومؤازرتهم للطلاب والمعلمين وللمركز حتما سيواصل نشاطه بصورة دائمة .. مهنئاً الطلاب وهم يختتمون فعاليات أنشطتهم الصيفية.
كم ألقيت كلمة العلماء من قبل مستشار رئيس المجلس السياسي العلامة محمد مفتاح، بارك في مستهلها للخريجين اختتام الدورات الصيفية في هذا المركز وكافة المراكز بعد تلقيهم للعلوم والمعارف النافعة خلال الأسابيع الماضية.
وجدد استنكاره لقصف وتدمير العدوان لمركز الشيخ محسن أبو نشطان .. وقال “من بين ركام المركز الذي يمتلئ بالذكر والقرآن والعلم والفضيلة ومعالجة قضايا الناس وإصلاح أوضاع المجتمع، نقول للمعتدي خبت وخسرت بجرائمك وقصفك وتدميرك، وترى اليوم من بين الركام رجال اليمن ومسؤوليها ووجهاءها وعلماءها وعظماءها وجيلها الصاعد”.
وترحم العلامة مفتاح على روح الشيخ محسن أبو نشطان مؤسس المركز العلمي والثقافي والاجتماعي المهم الذي لم ينقطع عمله ومحسنته من خلال المسجد والمدرسة وغيرها من المعالم العامرة التي تعطي درساً للجميع في التأسي بهذه الأعمال والمآثر الصالحة.
بدوره ثمن رئيس الهيئة العامة للزكاة الشيخ شمسان أبو نشطان، دعم القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى للمركز وكافة مراكز الجمهورية وللعلماء والمدرسين الذين بذلوا جهوداً جبارة في تربية وتعليم الطلاب وأنتجت الثمار الطيبة كما شاهدها الجميع اليوم في الفعالية الختامية.
وقال «من بين الركام والدمار بمركز الفقيد محسن أبو نشطان العلمي الشامخ منذ ثلاثة عقود كان تأسيسه في مرحلة حساسة عندما كان أعداء الله والوطن يبثون سمومهم لتضليل وتدجين الناس ونشر الثقافات المغلوطة لجعل الناس يتنكرون عن منهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته».
وأشار أبو نشطان إلى فشل الأعداء في تحقيق أهدافهم بشن 55 غارة على المسجد والمركز والمباني والمنازل ومساكن المدرسين والطلاب وكل شيء لإخماد نور الله وكشف في ذات الوقت عن خوف وقلق تحالف العدوان من طلاب العلم والمراكز العلمية.
وأضاف: “آثار الدمار تخبرنا أن صوت تلاوة القرآن وقراءة العلوم الشرعية أخرست نعيق الغربان وأسكتت ألسنة الإفك والبهتان، واستطاع صوت البصيرة وهتاف الثورة قهر أزيز الطيران وصواريخ العدوان».. معبرا عن فرحة طلاب المركز والقائمين عليه باستمرار العلم النافع يشّع بالمركز رغم ما تعرض له من تدمير لمرافقه العلمية.
ولفت رئيس هيئة الزكاة إلى أن مديرية أرحب احتضنت هذا العام قرابة 141 مركزاً صيفياً وصل عدد الطلاب في السكن الداخلي لها إلى ألفي طالب، سيكون لها نقلات نوعية في قادم الأيام باعتبار الجيل الصاعد أمل اليمن ومستقبله.
وكانت الفعالية الختامية، اُستهلت بعرض طلابي شبابي لمنتسبي المركز بمصاحبة الفرقة الموسيقية العسكرية التابعة لدائرة التوجيه المعنوي، رفعوا خلالها علم اليمن وشعارات ثورية والصرخة في وجه المستكبرين، ورددوا الهتافات المعبرة عن الفخر بالانتماء لليمن.
تخلل الحفل، أوبريت إنشادي بعنوان «علم وجهاد» لفرقة شباب الصمود وكوكبة من طلاب المراكز، ونماذج مما تعلمه الطلاب خلال الدورات الصيفية، وريبورتاج عن المركز، وقصيدة للشاعر أمين الجوفي وأخرى لأحد أشبال المراكز.