من أين لكم هذا ؟!

عبدالله الأحمدي

 

 

كان صادق الأحمر زميلي في معهد معين. في آواخر الستينيات كنا ندرس في الفترة المسائية. كان يأتي بطقم الكدم. ولم تكن السيارات الفارهة قد وصلت صنعاء، وحتى المال السعودي لم يكن قد تدفق بغزارة على عملاء بني سعود. إخوة صادق الأحمر بعضهم لم يكونوا قد أتوا إلى الدنيا.
أما علي محسن فكان ما يزال حارساً للأمير محمد بن الحسين في محور صنعاء الجنوبي.
كان الأحمر وأولاده يسكنون في بيوت أسرة حميد الدين في الأبهر وسط صنعاء القديمة التي استولوا عليها بعد انقلاب العسكر في العام ٦٢ولم يكن الشيخ قد بنى، أو تملك عقارات خاصة به.
بعد اتفاقية ١٩٧٠م التي فرضها بنو سعود على اليمن تدفقت القبائل الملكية التي انقطعت عنها حروف الذهب السعودي؛ تدفقت بالزوامل على صنعاء باتجاه القصر الجمهوري تطالب بالريال الجمهوري. وكان علي محسن يزومل ضمن هذه القبائل.
أما قبل العام ١٩٦٢م فكان الأحمر وعلي محسن (عسكر براني) مع بعض القبائل في بعض مديريات تعز.
يقول أمشيخ في مذكراته عندما نزل إلى تعز يراجع الإمام أحمد : إن المصروف خلص عليه، لكن تاجرا من تعز منحه مئة ريال فرانصي.
كان الأحمر عميلاً للمصريين. وكان جمهوريا في النهار ملكيا في الليل، وتحت جنح الظلام يقبض حروف الذهب من سيده محمد البدر.
اتفاقية ١٩٧٠م فتحت الباب واسعا للعمالة والارتزاق باتجاه بني سعود. كما حولت اليمن إلى إمارة سعودية على رأسها الشيخ الأحمر.
ومن يومها تدفق المال إلى جيوب العملاء، وفقد اليمن استقلاله، ثم بدت العمارات ترتفع، والسيارات تمرق الشوارع مسرعة.
كان ابن الأحمر العميل الأول لبني سعود ويدهم الطولى في اليمن، ويتصل مباشرة بسلطان بن عبدالعزيز.
ويشترك معهم في رفع هذا، أو إسقاط ذاك من الناس. وله دور في قتل الرئيس إبراهيم الحمدي. وفي إشعال الحروب بين القبائل اليمنية، وفي حروب الشطرين. كما له ولحزبه دور في. مقتل الشهيد جار الله عمر الكهالي، وعبدالحبيب سالم مقبل، وعلي جميل وأخيه.
فيما بعد التسعينيات أغدقت السعودية أموالاً لا تحصى، ولا تعد على عملائها في اليمن، وبدأت ناطحات السحاب والشركات والمشاريع ترتفع في صنعاء. وبعد عدوان ٩٤ على الجنوب شارك الأحمر وأبناؤه ومليشياتهم في نهب الجنوب. ومثلما تفيّد الأحمر بيوت بيت حميد الدين في صنعاء؛ ذهب ليتفيد منزل الأمين العام للاشتراكي علي البيض والقادة الجنوبيين في عدن. كما تفيّدوا مصانع وأراضي ومزارع ومنشآت ومنها المملاح في عدن.
أما علي محسن فقد كان أبو الفيد؛ فتفيّد أراضي بما يساوي مساحة دولة البحرين، ومنشآت واتحادات ومزارع بطول الجنوب وعرضه.
ثم تقاسم عفاش والأحمر حقول النفط في حضرموت وشبوة، وفرضوا أنفسهم وأصحابهم مقاولين من الباطن. وكل من يمتلك حراثة من أصحابهم سلموه مشروع مقاولات.
كان حميد الأحمر الذي سطع نجمه بعد غزو الجنوب وكيلا لبعض شركات النفط. وكان يستلم دولارا عن كل برميل نفط يصدَّر من اليمن. أما علي محسن فقد كان يؤجر معدات حفر آبار النفط التي يملكها ولده محسن علي محسن للشركات الراغبة في استخراج النفط في اليمن.
كون الحمر امبراطورية مالية من نهب وسرقة أموال الأمة، لا سيما نهب دولة الجنوب ومنجزاتها.
من يمشي في شوارع صنعاء سيجد مدنا هنا وهناك، وعمارات ومحطات، وجبالاً وأسواق وحدائق ومعارض وقاعات وجامعات ومشافي ومخابز، ومقابر ومشروعات أخرى. كل ذلك تم نهبه واستقطاعه من أراضي وعقارات الدولة والأوقاف والمواطنين. سيقولون لك كل هذا حق حميد الأحمر، وحق علي محسن وبقية العصابة !!
أمام بيوت الأحمر في الحصبة لم تكن تستطع أن ترفع نظرك، وإن فعلت تم القبض عليك.
وللأحمر قصة مع مبنى اليمنية الزجاجي أمام بيته، إذ اتهم موظفي اليمنية بأنهم ينظرون من خلف الزجاج إلى بيوته، وطلب من الشركة تبديل الزجاج، وإغلاق النوافذ.
كل هذه العقارات المشبوهة لا ندري من أين تنزلت على هذه العصابة الطارئة على البلاد بين ليلة وأخرى، وهم الذين كانوا قطاع طرق، يتقاتلون على الكدمة ؟!
عصابات الحكم العفاشي المفروض على اليمن سرقت المال العام وأفقرت اليمنيين، وهرّبت الأموال إلى الخارج.
واليوم يصرفون تلك الأموال على العاهرات والمثليين في تركيا ومصر، ويفاخرون بشراء العقارات وبناء المدن في تركيا والإمارات وجيبوتي، واليمنيون يموتون جوعاً وعطشا، ويمشون حفاة عراة، ويتسولون المنظمات الدولية قليلاً من الطحين المسوّس.
ولم تكتف العصابات بهكذا حال، بل جلبت على اليمنيين العدوان والحرب والموت.
سرقوا البلاد وخربوها، وقعدوا يسكرون ويتلذذون بمآسينا !!

قد يعجبك ايضا