تربية وتعليم المراكز الصيفية ستكشف الحقيقة والأكذوبة في واقعنا..

عبدالفتاح حيدرة

 

إن التربية عملية شاملة لجوانب الإنسان، فهي تربية لجسمه وعقله، وضميره، وخُلقه، وعواطفه، ومواقفه، والمهتم حقا بمتابعة وتقييم مشروع أنشطة المراكز الصيفية بوعي تام ومعرفة صحيحة للقيم العليا و السامية لمشروع المسيرة القرآنية، سوف يجد أنها تقدم له مجالا جديدا في التربية كتخصص يعكس أو يعبر عن نشاط لمؤسسات التربية والتعليم، الذي يفترض بل وواجب أن نطلق عليه فلسفة التربية الحديثة، أو يمكن أن نطلق عليها فلسفة (عملية التربية والتعليم) أو فلسفة (الانضباط في التربية والتعليم)، كمشروع تربية لأبنائنا وشبابنا وأجيالنا، بأهدافه ومناهجه ونتائج وقيمه وعلاقاته الدينية والاجتماعية والوطنية والقومية والإنسانية، وفلسفة التربية هذه هي مسمى ينطبق على دراسة الغرض من عملية وطبيعة التعليم والمثل العليا الخاصة به، ومن هنا يمكننا تعريف تربية وتعليم أنشطة المراكز الصيفية إنها تدريس وتعلم مهارات محددة مرتبطة أخلاقيا و عمليا وعلميا بعملية نقل المعرفة والحكمة والرشد للطلاب، وهذا بحد ذاته مفهوم أوسع وأشمل من عمل المؤسسات التعليمية الروتينية التي كثيرا ما نتحدث عن انفصام مبدأي التربية و التعليم فيها..
وقبل أن أبدأ فلسفتي المتواضعة أو حديثي في هذا المقال عن أهمية أنشطة التربية والتعليم المرتبطة بالولاء الإيماني والهوية الإيمانية في المراكز الصيفية، دعونا نقرأ بفهم وتدبر، قول الحق تبارك وتعالى في محكم تنزيلة (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ – كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إلى عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾. (سورة الحج)، والسؤال الآن، هل من لا يعترفون بوجود خالق، أو منظم ومُدبر للكون، يعتمدون على العقل في أدلتهم.. ؟!! بالطبع لا، ودليلنا في هذا قوله سبحانه وتعالى السابق (بغير علم)، والملخص هنا هو إن الإلحاد والعقلانية لا يجتمعان أبدا، ولهذا لا يُخفي علينا ما يدور في مجتمعتنا اليوم من مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية ودينيه، إلا أن هذه الأخيرة اتخذت اشكالا كثيرة التطور، أسهمت بشكل كبير في زعزعة الاستقرار الفكري والديني للكثير من أبنائنا، واخص بالذكر مشكلة الإيمان و الإلحاد، فنحن أمام حقيقة وأكذوبة في واقعنا هذا وبدون علم نتبع كل شيطان مريد، خاصة أن مشكلة الإلحاد وأتباع خطوات الشيطان الرجيم، قد اتخذت مناحي كثيرة وأصابت كثيراً من عقول الشباب وصلت بخستها وضلالها الشيطاني إلى الترويج للمثلية الجنسية في كافة مدارس التربية والتعليم في العالم، وهذه المشكلة تشتعل كالنار في الهشيم..
إن من اهم الجوانب التي تهتم بها الفلسفة في صناعة الأجيال المنتجة اهتماما لا مثيل له هو التربية، وفلسفة التربية هي تطبيق النظرة الفلسفية والطريقة الفلسفية في ميدان الخبرة الإنسانية الذي نسميه التربية الأخلاقية، وهي نظرة تربوية منبثقة من نظريات وأفكار فلسفية في إطار حضاري معين، و أهم واعظم تجربة تاريخية حضارية نالت الاستمرارية والديمومة هي التربية الإسلامية التي جاءت بها الرسالة المحمدية، على صاحبها افضل الصلاة والسلام وعلى آله الطيبين الطاهرين، والتي قدمت للبشرية التطبيق العملي الميداني لتربية الهوية الإيمانية وتربية الولاء الإيماني المرتبطتين إرتباطا وثيقا بالوعي لهدى الله، ومنهما تستخدم عمليات التربية والتعليم للدلالة على نشاط التثقيف والتعليم، أو للدلالة على الانضباط أو الإشارة إلى إحدى المجالات التعليمية المرتبطة بالتربية الأخلاقية، وبوصفها نشاط إنساني أخلاقي قد يكون ذلك التثقيف والتعليم رسمياً أو غير رسمي، عاماً أو خاصاً، فردياً أو اجتماعياً، ولكنها دائما تتمثل في غرس السلوكيات الصحية والقدرات العالية والمهارات العلمية والمعرفة الواعية و المعتقدات الصحيحة، وأيضا المواقف الحقه والقيم العليا والصفات الشخصية السوية، وذلك بأساليب ومناهج محددة..
في الختام، نحمد الله ونشكره على وجود قيادة جُل اهتمامها هو تبنيها و رعايتها لتربية أبنائنا على الأخلاق السوية وتعليمهم أساليب المعرفة الواعية وإرشادهم إلى طرق الهداية و الاستقامة والحق، وأتمنى لأبنائنا وشبابنا التوفيق والنجاح والسداد، و أوصى الآباء والأمهات أن يهتموا بأبنائهم بدرجة أكبر واشد مما هو عليه، لإن فلسفة تربية وتعليم أولياء الشيطان اليوم تقوم على هدم كل ما هو سوي فيهم، وفي المقابل هناك فلسفة تربية وتعليم تقوم بها المراكز الصيفية والقائمون عليها يجب أن تكون (رؤية) دينية ووطنية وإنسانية وشعبية وجماهيرية وسياسية ومجتمعية، لنأخذ بأدي أطفالنا وشبابنا من وسط هذا المجتمع العالمي السيء والفاتن بمشكلات أخلاقية وتربوية قد تؤدي بأبنائنا نحو حافة الضياع، أما عن دور الدولة والمؤسسات المعنية بنشر الثقافة واخص بالذكر الأعمال الإعلامية والثقافية و الفنية التي يُشاهدها صغيرنا قبل كبيرنا، أرجو أن نجد عملا إعلاميا أو ثقافيا أو فنيا – فيلم أو مسلسل – يعرض ويُناقش ضرورة الاهتمام بفلسفة نشاط تربية وتعليم المراكز الصيفية بوعي ومعرفة وحكمة ورشد، أقول قولي هذا والله هو السميع العليم..

قد يعجبك ايضا