-وهي تعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بفعل الحرب المتواصلة لتسع سنوات، بقيت اليمن بلداً وقيادةً وشعباً أكثر إنسانيةً والتزاماً تجاه اللاجئين على مستوى المنطقة، مقارنة ببلدان ثرية ما فتئت تواجه هذه الفئة البائسة من البشر بالحديد والنار والرصاص الحي.
-قبل أيام كنت مع كوكبة من الزملاء الإعلاميين في ورشة العمل الخاصة التي نظمها مركز دراسات الهجرة واللاجئين بجامعة صنعاء بالشراكة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بهدف التعريف باتفاقية اللجوء لعام 1951 والبروتوكول الملحق بها لعام 1967، وكل ما يتصل بمفاهيم اللجوء والقانون الدولي للجوء، وحقوق اللاجئين في الإسلام والتشريعات والقوانين ذات الصلة إلى جانب دور المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في دعم اللاجئين وطالبي اللجوء.
-على مدى يومين هما فترة انعقاد الورشة تناهى إلى مسامعنا جملة من المواضيع الحافلة والمفردات والمصطلحات المهمة حول واقع اللجوء في اليمن وما يعيشه عشرات الآلاف من اللاجئين وطالبي اللجوء من ظروف وأوضاع اجتماعية واقتصادية بالغة السوء والتي فاقمت منا الحرب وتداعياتها الكارثية، وألقت بالمزيد من المعاناة على كاهل هؤلاء الضحايا ممن تقطعت بهم السبل، وصاروا يدفعون أثمانا باهظة جراء عدم وجود اتفاقية دولية ذات قوة إلزامية في تشريعات الدول الأعضاء تكفل الحد الأدنى من حقوق اللاجئين وحمايتهم وإعادة توطينهم.
-اليمن لا تعد من بلدان توطين اللاجئين ولا تعدو كونها منطقة عبور، ومع ذلك كانت دائما وما زالت بشهادة كل المختصين ومنهم ممثلو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الأممية من الدول القلائل على مستوى الإقليم التي تقدم إسهامات ملموسة في استضافة اللاجئين وحمايتهم وتقديم الدعم للأشخاص الفارين من العنف والاضطهاد الفردي في بلدانهم الأصلية. يقول نائب ممثل المفوضية في اليمن ايراج برديف في هذه الورشة أن اليمن على ما تعانيه من وضع إنساني صعب بسبب الحرب المتواصلة منذ تسع سنين تقدم مساعدات ملموسة للاجئين، وهو ما يحسب للشعب اليمني وللسلطات على حد سواء.. ويوضح برديف أن عمل المفوضية إنساني واجتماعي، ما يستدعي تفعيل دور وسائل الإعلام المختلفة في تشكيل رأي عام بشأن اللاجئين ومطالبة الحكومات والمجتمعات بمعالجة القضايا المتعلقة بالنزوح.
-السيدات الفاضلات “نوف الهاشمي وميساء خلف وألتي سيالي” كن ممثلات للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين خلال ورشة اليومين، وقد تحدثن عن إسهامات المفوضية في تقديم المساعدة المنقذة للحياة إلى النازحين اليمنيين، وللاجئين وطالبي اللجوء في مختلف أرجاء البلاد وعن خدمات الدعم النفسي والاجتماعي لمساعدة المتضررين من الحرب، إلى جانب مجموعة واسعة من خدمات الحماية مثل جهود التصدي للعنف القائم على نوع الجنس والنشاطات التي تتمحور حول القضايا المتعلقة بالنساء والأطفال. لكنهن لم يغفلن الحديث عن المصاعب والتحديات التي تواجه المفوضية في اليمن والمتمثلة في التمويل المحدود ما يجعلها غير قادرة على تلبية هذه الاحتياجات الهائلة بشكل كامل ويحد من قدرتها على توفير المساعدة المنقذة للحياة.
-خلصت الورشة إلى جملة من التوصيات الهامة أبرزها الدعوة لتبني اتفاقية تلزم الدول بقبول إعادة توطين اللاجئين وأن يكون لها قوة إلزامية في تشريعات الدول الأعضاء بما يكفل حقوق اللاجئين وحمايتهم. كما طالبت المجتمع الدولي بتقديم المساعدات اللازمة للدول التي تعمل على إعادة توطين اللاجئين لديها.. وعلى تعزيز الشراكة بين المفوضية ووسائل الإعلام المحلية الرسمية من خلال تبني دورات تدريبية متخصصة في الإعلام لإبراز قضايا اللاجئين وإظهار واقعهم للمجتمع.
-ويبقى اليمن كما يؤكد مدير مركز دراسات الهجرة واللاجئين، عميد المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية الدكتور أحمد العماد، البلد الوحيد في الجزيرة العربية الذي وقع على اتفاقية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنح اللاجئين حقوقاً وحماية إنسانية، وهذه من المفارقات التي تحسب لبلاد الحكمة والإيمان كيفما كانت ظروفه وأوضاعه.
Prev Post