أردوغان يحسم جولة الإعادة ويفوز بالرئاسة التركية

تركيا / وكالات
حسم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس الأحد، موقع رئيس الجمهورية لدورة جديدة بعد انتهاء فرز أصوات المقترعين في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة.
وحصل الرئيس رجب طيب إردوغان٬ على 52.50% من أصوات الناخبين في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة، بينما حصل منافسه كمال كليجدار أوغلو على 47.50% من الأصوات.
وتأتي نتيجة الفوز بعد فرز كامل أصوات الناخبين، وسيتم إعلان النتيجة الرسمية من الهيئة العليا للانتخابات لاحقاً، بعد النظر في الاعتراضات المقدمة من المعارضة.
وبهذه النتيجة يطوى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ما يمكن اعتبارها «آخر عقبة انتخابية في حياته السياسية»، إذ تكون السنوات الرئاسية الخمس المقبلة، التي منحه إياها غالبية المصوتين الأتراك، الأخيرة في مسيرة حكم ينتظر أن تدخل عشريتها الثالثة؛ بالنظر إلى أن التعديلات الدستورية التي دفع بها للاستفتاء العام في 2017 تحدّ ولاية الرئيس في فترتين، إلّا في حال الذهاب لانتخابات مبكّرة بموافقة البرلمان.
وفي كل الأحوال، فقد كانت هذه العقبة الانتخابية الأكثر امتحانا وصعوبة بالنسبة للرئيس التركي، بالنظر إلى تقارب الأرقام التي دفعت نحو جولة ثانية للمرة الأولى، قياسًا على سنوات دأب فيها مع حزبه على الانتصار المريح، وبالنظر أيضا إلى حجم الملفات المتراكمة قبيل الانتخابات، والتي وضعت إدارته تحت السؤال، بعد ارتفاع التضخم وتراجع قيمة الليرة التركية، ثم الكارثة البشرية والاقتصادية التي تسبب بها الزلزال الذي ضرب جنوب البلاد في 6 فبراير الماضي.
كما أن محاولة إردوغان توسيع دور تركيا الإقليمي والدولي جعلته يصطدم بالعديد من الدول العربية والأوروبية، وحتى أمريكا، لا سيما في ظل التدخل العسكري في سورية وفي ليبيا.
لكن بعدما توترت العلاقات مع العديد من الدول على مدى سنوات، لجأت أنقرة في الفترة الأخيرة إلى سياسة إعادة تطبيع العلاقات مع الخارج.
وتبدأ تركيا منذ الغد، بنظر مراقبين، مرحلة الجمهورية الثانية التي تترقبها دول الإقليم التي لمّح كلجدار أوغلو إلى إعادة النظر بالعلاقات والاتفاقات معها ومع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، التي دعمت وروّجت خلال الجولة الأولى لفوز مرشح المعارضة.
وربما الأهم هم اللاجئون بتركيا الذي يترقبون قرارات حول مصيرهم بعد علوّ صوت المعارضة والتسابق في تقديم مواعيد طردهم سعياً لنيل أصوات الأتراك.

أردوغان أُجبر على خوض الجولة الثانية
وفي مايو 2023 رشّح أردوغان نفسه للرئاسة متنافساً مع كمال كليجدار أوغلو، ومحرم إنجه وسنان أوغان.
إلا أنّ محرم إنجه أعلن انسحابه من السباق قبل 3 أيام من بدء الانتخابات، وأنهى إردوغان حملته الانتخابية يوم 13 مايو 2023 بالصلاة في مسجد آيا صوفيا مع مناصريه، فيما أنهى كليجدار أوغلو حملته الانتخابية بزيارة ضريح كمال أتاتورك.
وفي يوم الأحد 14 مايو 2023 توجّه الشعب التركي للمشاركة في الانتخابات الرئاسية لعام 2023، إذ بلغ عدد الناخبين 64.190.651 مواطناً تركياً، صوّت منهم نحو 55.761.445 بنسبة مشاركة 88.4% من الشعب.
وخلال الجولة الأولى من الانتخابات التركية، حُرم إردوغان بفارقٍ ضئيل من الحصول على أغلبية الأصوات، وأُجبر على خوض الجولة الثانية ضد منافسه كليجدار أوغلو.
وقبل الجولة الثانية بأيام أعلن مرشّح الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية سنان أوغان موقفه وأعلن دعم مرشح تحالف الجمهور رجب طيب إردوغان.

من هو رجب طيب أردوغان؟
ولد إردوغان يوم 26 فبراير عام 1954 في مدينة طرابزون بشمال شرق تركيا، ثم عاد إلى إسطنبول وهو في الثالثة عشرة من عمره.
درس إردوغان المرحلة الابتدائية في مدرسة قاسم باشا وتخرّج فيها عام 1965، وأكمل المرحلة الثانوية في ثانوية إسطنبول للأئمة والخطباء، وحصل فيها على منحة الإقامة المجانية، وتخرّج فيها عام 1973.
حصل إردوغان أيضاً على شهادة الثانوية العامة بعد اجتياز امتحانات المواد الإضافية، ثمّ التحق بكلية العلوم الاقتصادية والتجارية بجامعة مرمرة، وتخرّج فيها عام 1981.

مسيرته السياسية
شارك إردوغان لأوّل مرّة في الانتخابات البلدية عام 1989، مرشحاً في بلدية «باي أوغلو»، لكنّه لم يفز فيها، ثمّ ترشح في الانتخابات البلدية مرّة أخرى عام 1994، وفي تلك المرة ترشح للمنافسة على الفوز بمنصب والي إسطنبول، وهو ما تحقّق بالفعل، ليُمثّل ذلك أحد أبرز المحطات السياسية في حياته وفي تركيا كذلك.
وفي أغسطس 2001 أسس حزب العدالة والتنمية، وتم انتخابه رئيساً للحزب، وبعد نحو عام وشهرين تقريباً، شارك الحزب في الانتخابات العامة في تركيا، وفاز بنحو 35% من الأصوات، ليُصبح صاحب الكتلة البرلمانية الأكبر، ومن ثمّ يصبح مؤهلاً لتشكيل الحكومة. لكن تمّ منع إردوغان قانوناً من شغل منصب رئيس الوزراء أو دخول البرلمان بسبب الحكم بسجنه، وظلَّ الأمر على حاله حتى تم إلغاء القرار، في كانون الأول/ديسمبر 2022.
وفي مايو 2003، أصبح رجب طيب إردوغان رئيساً للوزراء في تركيا، وفي عام 2007 جرت عرقلة محاولات انتخاب مرشح حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية لرئاسة البلاد في البرلمان بسبب مقاطعة المعارضة، عندها دعا إردوغان إلى انتخابات برلمانية مبكّرة، وحقق حزبه فوزاً حاسماً في الانتخابات في يوليو.
في 2010، جرت الموافقة على حزمة من التعديلات الدستورية التي دافع عنها إردوغان خلال استفتاءٍ وطني، وتضمّنت الحزمة تدابير لجعل الجيش أكثر مساءلة أمام المحاكم المدنية وأيضاً لزيادة سلطة المجلس التشريعي في تعيين القُضاة.
وأثناء حملته للانتخابات البرلمانية في أوائل عام 2011، تعهّد إردوغان باستبدال الدستور التركي بدستور جديد من شأنه تعزيز الحريات الديمقراطية.
في يونيو 2011، حصل إردوغان على فترة ولاية ثالثة كرئيس للوزراء عندما فاز حزب العدالة والتنمية بهامشٍ واسع في الانتخابات البرلمانية. ومع ذلك، فشل حزب العدالة والتنمية في تحقيق أغلبية الثلثين اللازمة لكتابة دستور جديد من جانب واحد.

من رئاسة الوزراء إلى رئاسة تركيا
وفي أغسطس 2014، فاز إردوغان بأوّل انتخاباتٍ رئاسية عامة تشهدها تركيا، وكانت هي المرة الأولى التي يتمّ فيها انتخاب الرئيس بشكلٍ مُباشر بدلاً من الانتخاب في البرلمان.
وفور توليه منصبه بدأ إردوغان بالدعوة إلى دستورٍ جديد بعد الانتخابات البرلمانية في عام 2015، وفي يونيو 2015، فشل حزب العدالة والتنمية في الفوز بأغلبية برلمانية للمرة الأولى منذ تشكيله، حيث حصل على 41% فقط من الأصوات.
تلك النتيجة اعتُبرت عموماً بمثابة ضربة لخطط إردوغان لتوسيع الرئاسة، وفي عام 2015 استعاد حزب العدالة والتنمية بسهولة أغلبيته البرلمانية في انتخابات مبكرة نتجت عن فشل المفاوضات لتشكيل حكومة.
في صيف 2016، تجاوز إردوغان محاولة انقلاب، في ليلة 15 يوليو، وذلك بعد أن احتلّ عددٌ قليل من العسكريين شوارع في أنقرة وإسطنبول واستولوا على منشآت حكومية بما في ذلك محطات تلفزيونية وجسور.

محاولة انقلاب
تغلّب أردوغان على محاولة الانقلاب إذ استعادت الحكومة السيطرة على الأوضاع، ولكن قتل نحو 300 شخص معظمهم من المدنيين في مواجهاتٍ خلال الانقلاب.
وخلال الأسابيع التي تلت محاولات الانقلاب، نفّذت الحكومة عملية تطهير واسعة النطاق، حيث طردت عشرات الآلاف من الجنود وضباط الشرطة والمدرسين وموظفي الخدمة المدنية من وظائفهم وسجنت آخرين بزعم تعاطفهم مع الانقلاب.
وفي أبريل 2017، وافق الأتراك خلال استفتاء على إقرار نظام رئاسي تنفيذي يمنح سلطات واسعة لرئيس الجمهورية، في اختبار شعبية آخر اجتازه الرئيس التركي بنجاحٍ كبير.
وفي يونيو عام 2018، فاز إردوغان بانتخاباتٍ رئاسية مبكرة، كما فاز حزب العدالة والتنمية وحلفاؤه من حزب الحركة القومية بأغلبية برلمانية.

قد يعجبك ايضا