شعار الصرخة يُحمّلنا مسؤولية كبيرة

يكتبها اليوم / زيد الشُريف

 

 

من الأهداف الأساسية لشعار الصرخة في وجه المستكبرين هي أن يخلق وعياً في النفوس بحيث يميز فيه من يهتف به ومن يصل صداه إلى مسامعه ومن يتفهم معاني مفرداته بين العدو والصديق إضافة إلى أنه يشحن النفوس بالسخط ضد الأمريكان والصهاينة وعملائهم وضد أعمالهم الإجرامية وضد سياستهم الاستعمارية ويخرج الناس من حالة الصمت وانتظار المجهول أمام ما يفعله اليهود والنصارى من أعمال عدوانية ضد هذه الأمة إلى حالة العمل والموقف الإيماني الجهادي الواعي العملي الذي ينتشل الناس من حالة اللاموقف إلى حالة العمل والموقف ضد أعداء الأمة بتحرك جهادي شامل في كل المجالات ولهذا يعد شعار الصرخة جزءاً من مشروع قرآني عملي يشمل كل المجالات يشق طريقه لتغيير الواقع بكله إلى الأفضل وفق ما يريده الله تعالى ووفق ما رسمه وتحدث عنه في القرآن الكريم، ولهذا يعد شعار الصرخة موقفاً دينياً نفسياً ومعنوياً للخروج من حالة الركود إلى حالة الموقف والعمل الشامل والمثمر وتنمية الوعي الإيماني وتنمية السخط الإيجابي ضد الأعداء وليس شعاراً يُرفع ويردد فقط في المناسبات والمساجد والمسيرات وانتهى الأمر أو ينمي الوعي لمجرد الوعي والسخط لمجرد السخط بل هو بداية ومقدمة يدفع لعمل أوسع واشمل يستمر ويشق طريقه ويؤتي ثماره حتى تصبح مفرداته أعمالاً وإنجازات حقيقية في الواقع وليس شعاراً فقط بل حقيقة يعيشها المجتمع الإسلامي قولا وعملا ويجب أن يكون كذلك.
من اهم الأشياء التي ينبغي فهمها واستيعابها بالنسبة لشعار الصرخة هو أنه ليس مجرد هتاف يردده الناس في المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات بعد أو خلال أي عمل إجرامي عدواني يقوم به الأمريكان والصهاينة ضد الإسلام والمسلمين ثم يظن من يردده ويرفعه ويهتف به أنه قد قام بما يجب عليه وقد خرج من إطار المسؤولية الإيمانية والجهادية وأنه بترديده للصرخة وهتافه بالموت لأمريكا والموت لإسرائيل قد حقق إنجازا كبيراً وألحق بالأعداء خسائر فادحة، فشعار الصرخة هو موقف نفسي ومعنوي ينمي الوعي والسخط في النفوس فيدفعها للقيام بما يجب عليها تجاه أمتها ودينها وفي مواجهة أعدائها أما عندما يتحول إلى مجرد هتاف روتيني يتم ترديده كل يوم وكل أسبوع وكل شهر وكل عام بينما يستمر الأمريكان والصهاينة في أعمالهم الاستعمارية والإجرامية وتوسيع نفوذهم من خلال بناء القواعد العسكرية في مختلف البلدان العربية والإسلامية ولا يوجد من يمنعهم أو يحول بينهم وبين تحقيق أطماعهم وإعاقة مشاريعهم فهذا يعني أن شعار الصرخة نفسه يخاطب من يهتفون به بنفس المقدار الذي يخاطب من يستاؤون منه ومن هو موجه ضدهم، فمن يقول الله أكبر ويقول النصر للإسلام ثم ينظر إلى اليهود والنصارى وهم يزدادون توسعاً وهيمنة على المسلمين وليس له موقف عملي خارج إطاره المذهبي والجغرافي فهو بذلك يهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقه التي تحتم عليه أن يترجم مفردات شعار الصرخة إلى واقع عملي لا أن يبقيها مجرد صرخات وهتافات وملصقات.
عشرون عاما مرت منذ أول صرخة بهذا الشعار هتف بها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رحمة الله ورضوانه وسلامه عليه، ومنذ ذلك الحين إلى اليوم هناك الكثير من النتائج والثمار الإيجابية التي صنعها شعار الصرخة في نفوس من يرفعونه ويهتفون به ولكن تلك الثمار لا تزال قليلة ولم ترق إلى المستوى المطلوب بالشكل الذي تتضمنه مفردات الشعار وإذا بقي الحال كما هو عليه فهذا يعني أننا سنحتاج إلى عشرين سنة قادمة أو اكثر لننتقل إلى الخطوة التالية التي يهدف ويعمل شعار الصرخة أن يصل بنا إليها وهي تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني لأن هذا هو المعنى الحقيقي العملي لجملة (الموت لإسرائيل) ثم عشرين سنة أخرى لنصل إلى الخطوة التالية وهي تطهير وتحرير بلداننا العربية والإسلامية من القواعد العسكرية الأمريكية البرية والبحرية وكذلك القواعد البريطانية والفرنسية وغيرها التي تحتل وتسيطر على مواقع استراتيجية مهمة وحساسة في سوريا والعراق ودول الخليج العربي وأفغانستان وأفريقيا واليمن، لنكون بذلك قد جعلنا من جملة (الموت لأمريكا) قولا وفعلا وهكذا حتى نصل إلى النصر للإسلام واقعاً نعيشه ونصنعه بوعينا وجهادنا وتضحياتنا وثقتنا بالله وعونه وتوفيقه.
هذا الشعار وهذه الصرخة إذا لم نعمل على تحويلها إلى مواقف عملية حقيقية تجعل كل مفردة وكل جملة فيه تصبح حقيقة واقعية فإنه يحملنا مسؤولية كبيرة وخطيرة ومع مرور الأيام سوف يتحول من مثير ومنم للسخط ضد الأعداء إلى مصدر للهزيمة النفسية بالنسبة لنا لأن مفردات الشعار ليست مجرد كلمات عادية تهدف إلى رفع المعنويات فحسب أو إلى الهروب من المسؤولية بل هي بمثابة خطة جهادية عملية تم استخراجها من أعماق الآيات والسور القرآنية واذا اقتصر الأمر على ترديدها فقط ولم يتم تطبيقها فهذا يعني أننا لم نؤمن بها ولم نعيها ولم نفهمها فكيف إذن سنطبقها؟.. فنحن عندما نقول ونهتف (الله اكبر) نشهد بذلك على أنه تعالى اكبر من أمريكا وإسرائيل وكل الطواغيت فلماذا لا نعمل على أن لا يكون لأمريكا وإسرائيل أي نفوذ سياسي واقتصادي وعسكري في بلداننا؟ وعندما نقول ونهتف (الموت لأمريكا ـ الموت لإسرائيل ـ اللعنة على اليهود) فلماذا هم يميتوننا بأسلحتهم وطائراتهم بينما نحن لا نقترب من قواعدهم التي شيدوها على تراب بلداننا؟ وعندما نقول ونهتف (النصر للإسلام)، وهو ما أكد عليه الله ووعد به في القرآن ثم نرى أنفسنا على ما نحن عليه كأمة مسلمة من الضعف والهوان والأعداء ينتقصون أطراف بلداننا وينهبون ثرواتنا ويصادرون حقوقنا.. أليس هذا يدل على أننا نردد مفردات وجملاً لا علاقة لها بالواقع ونستمر كذلك عشرات السنين والواقع يزداد قساوة، يجب أن نعي ونفهم ونؤمن بمفردات شعار الصرخة ثم ننطلق لنترجمها إلى مواقف وأعمال حقيقية لتكون قولا وعملا حتى لا نكون ممن سألهم وخاطبهم الله تعالى بقوله (يا أيها الذين آمنوا لما تقولون مالا تفعلون).

قد يعجبك ايضا