مستضيفاً أحد مهندسي الوحدة وزير الدولة لشؤون الوحدة يحيى العرشي

مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ينظم حلقة نقاشية بصنعاء حول الوحدة اليمنية وتهديدات الغزاة الجدد

 

 

الثورة / إبراهيم الوادعي
أمام ما يعتمل من مؤامرات تقودها دول تحالف العدوان بدعم بريطاني وأمريكي قوي لواد الوحدة اليمنية كمقدمة لتفتيت اليمن وان تخفت وراء أدوات محلية ومسميات محلية.
وعشية حلول الذكرى الـ 23 للوحة اليمنية نظم مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية حلقة نقاشية ضمت سياسيين وأكاديميين وعسكريين وباحثين تحدثوا عن استعادة الوحدة اليمنية ضمن مسارات تاريخية وفي الحاضر حيث المخاطر المهددة للوحدة في ظل الحرب المفروضة على الدولة اليمنية في صنعاء والتي تواجه حربا على أكثر من جبهة وحصار قاس تكتف إمكانياتها وقدراتها على حسم المواجهة أكبر للمشاريع التقسيمية.
مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية استضاف يحيى العرشي الوزير السابق وأحد مهندسي اتفاقيات الوحدة والذي تحدث عن مسار إعادة توحيد اليمن والتحديات التي رافقت تلك المسيرة، كاشفا معلومات للمرة الأولى تقال عن تلك المفاوضات التي تنقلت بين طرابلس والكويت وتعاقب عليها عدد من رؤساء اليمن في الشطرين آنذاك.
«في الواقع الوحدة اليمنية مطلوب القضاء عليها من وقت مبكر وهي كانت مفاجأة غير مستحبة لبعض دول الجوار، الوحدة اليمنية كانت قائمة تاريخيا حتى سقوط جنوب اليمن تحت الاحتلال البريطاني وحتى السلاطين الذين شكلوا المحميات كانوا عمالا للكيان الموحد قبل أن يضعف.
عندما أتى الاحتلال البريطاني وكانت اليمن موحدة أيام الإمبراطورية العثمانية، ولكن لندن كانت تريد تأمين موطئ قدم على البحار وطريق الملاحة الدولية، وهو سحب تفكيره وجنوده من حضرموت وسقطرى إلى عدن وكان بداية يطمح إلى التقوقع هناك ولكن ضعف السلطنات أغراه بالتوسع جنوب اليمن.
نضال اليمنيين منذ بداية الاحتلال البريطاني كان من أجل استعادة الوحدة اليمنية وهو المصطلح الدقيق، والشيء الذي يؤسف له في الواقع أنه بعد خروج الاحتلال البريطاني في 67 لم تتم الوحدة في ذلك الوقت، وهنا الخطأ الكبير الذي وقعت فيه حقيقة القوى الوطنية والرؤساء في الشمال والجنوب وكانت بداية التشطير، وضمنته إجابات لتلك القوى عن ذلك الخطأ الاستراتيجي الذي وقع، وتذكر مظاهرة في تعز عقب زيارة الرئيس عب الناصر لماذا لم تذكر الوحدة اليمنية، وذلك مؤشر على وجود الوحدة الوطنية في عمق النضال اليمني على مستوى الشعب وليس القيادات فقط.
ولم يحدث في عهد الاحتلال البريطاني أو واقع التشطير فروق بين الشعب وكان بإمكان المواطن اليمني أن يحصل على الجواز من الشمال أو الجنوب.
ولأن الوحدة لم تتم في 67م شهدنا وقوع مواجهات في 72 م بين شطري اليمن، وذلك دفعهم للتوقيع على اتفاقية الوحدة في القاهرة وتشكيل لجان لكيفية تشكيل دول الوحدة أما شعبيا فالوحدة قائمة الاتفاقات كانت في جوهرها تهدف لإلغاء ازدواج الدولة وازدواجية الوزير وكذا تداخلت الظروف وصولا إلى 79م حيث تجددت المواجهات وتأكد الخيار بأن لن يقضي على أجواء الصراع إلا باستعادة الوحدة.
وفي قمة الكويت عبد الفتاح إسماعيل استقال وقال كرئيس انهي التشطير وكان هناك تحفظ من قبل الشمال باعتبار أن هذه القفزة قد تتعرض للعديد من الإشكالات، واعتقد ان هذا التفكير من قبل الشمال كان مترددا حتى لا أقول متخلفاً لوصف الفكر والأجواء في الشمال الذي كان يحذر من الماركسية التي بقيت في اليمن في شكل وظيفة فقط.
بعد مؤتمر الكويت نشط العمل في اتجاه الوحدة لتهيئة المناخ وجرى الاتفاق على ذلك بوقف الأنشطة المعادية من كلا الشطرين بوقف الجبهة الوطنية والمعارضة للنظام الاشتراكي والتي كان نشاطها أقل وتيرة ولا ترقى إلى درجة الأعمال المسلحة، وهنا علي ناصر لعب دوراً مهماً في هذا التوجه وتجاوبت معه صنعاء حينها.
أتت أحداث 86م في عدن مؤسفة لكنها دفعت باتجاه تأكيد خيار الذهاب إلى الوحدة لإنهاء الصراعات البينية وبين الشطرين وسقوط الرؤساء هنا وهناك قتلى وأرى أن سبها غياب الوحدة على أسس ديمقراطية.
وفيما يخص التآمرات الخارجية التي كانت قائمة آنذاك أشار العرشي إلى الدور السعودي البارز حينها:
«الوحدة وظهور البترول شكل قلقا لليمن من استقلال اقتصادي وقوة، وأتذكر أن السعودية فترة الحوار لاستعادة الوحدة كانت تدفع بقواتها في الحدود لمزيد من اقتضام الأراضي اليمنية وفي ذات الوقت يمنع على اليمن أي إطلالة على الصحراء، ورغبة في أن يكون لهم نفوذ في البحر العربي وذلك لن يتأتى من خلال وحدة اليمن.
وأستطيع القول إن الخلل في الداخل عندما لا نتوحد وراء أي فصيل وطني خال من الفساد خال من التوريث هذا ما يجعل مننا المرتزقة ويسهل على البعض مد يده للخارج.
نسجت خيوط الفتنة في اليمن وكانت الفرصة للمتآمر الخارجي في حرب صيف 94م للقضاء على الوحدة، استدرجت قيادات ولكن إرادة الله حالت دون خسارة الوحدة اليمنية، وأي عوامل سياسية أخرى تظل هامشية، والأمر يخصنا كيمنيين، حيث كان الفشل في معالجة ملف حرب صيف 94م، وعدم قيام دولة مؤسسية ووجود قضاء عادل وجيش في الحدود وليس في العواصم، وللأسف كثير من الاختلالات حدثت وتسببت فيما وصلنا إليه.
واخلص إلى أنه يجب أن نحافظ على الوحدة باعتبارها المناعة للفتن والعالم سيخضع لإرادة اليمنيين وبناء دولة مؤسسات.
ويجب أن يكون للتربية والتعليم ومنهجها دور في توعية الأجيال حول الوحدة في الجانبين التاريخي والجغرافي وهذا نعده قصورا لايزال قائما في الرؤية الوطنية منذ بداية الوحدة، ومنعا لاستغلال أطراف خارجية في التلاعب بذاكرة الجيل الجديد وتشكل المخاطر التي نراها اليوم.

متغيرات دولية
د عبد العزيز الشعيبي أستاذ العلو السياسية بجامعة صنعاء
أشار إلى بعض المتغيرات الدولية حينها وسمحت هذه المتغيرات لليمن بأن يتوحد.
«متغيرات دولية كسقوط الاتحاد السوفيتي والعراق كقوة إقليمية داعمة للوحدة اليمنية، ثم أتى الإطار الداخلي وهو الأهم وأخذ وقتا حتى وصلنا إلى الحظة استعادة الوحدة اليمنية.
ويمكن القول إن الوعي الجمعي للامة لم يكن إلا في إطار الوحدة اليمنية وذلك ما أكدته الجغرافيا والمجتمع، لم يكن هناك من دولة قوية في اليمن إلا الدول التي نشرت سلطتها عبر الجغرافيا اليمنية.
الوحدة اليمنية تمتلك جذورا عميقا فيما يتعلق بواقعها، وأتذكر أنه انجز مشروع دستور الوحدة في العام 1981م وبقي في الأدراج حتى 22 مايو 1990م
الاتفاقات الوحدوية تنقلت ما بين العواصم العربية من طرابلس إلى الكويت والقاهرة، ويمكن القول إن الضغط الداخلي كان دافعاً باتجاه الوحدة واستعادتها يضاف إلى كثير من الأسس.
ويمكن القول انه كان على الرغم من التباين الكبير بين النظامين السياسيين في الشمال والجنوب إلا أن الوحدة كانت متعمقة في جسد وعقل وضمير كل يمني، لم يكن يلاحظ اليمني خارج إطار اليمن أي اختلاف أو تباين، وكانت تتمثل الوحدة في أسمى معانيها في كل العواصم العربية والدولية، وكانت الجاليات اليمنية موحدة ولا يوجد أي حديث عن الانفصال.
كان الجواز اليمني يمكن أن يؤخذ من الشمال أو الجنوب، وكانت التسميات فقط شمالي أو جنوبي تسميات فقط، وكان هناك ساسة من الشمال تبوأو مناصب في الجنوب، وساسة جنوبيين تبوأو مناصب في الشمال بمعنى انه لم تكن هناك من فواصل حقيقية بل كانت الوحدة الشعبية قائمة .

أمريكا تقف وراء تشويه الوحدة اليمنية
عبد الله بن عامر نائب مدير التوجيه المعنوي للقوات المسلحة أوضح بأن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دورا في الاختلالات التي رافقت الوحدة اليمنية بعد حرب صيف أربعة وتسعين، كاشفا أن رئيس النظام الأسبق الخائن على عفاش ظل يماطل في الذهاب إلى الوحدة حتى حصوله على ضوء اخضر أمريكي، وهو أفشل الذهاب إليها بجريمة قتل إبراهيم الحمدي.
«الولايات المتحدة الأمريكية دفعت إلى حرب 94م لإنهاء ما يمت إلى الحقبة السوفيتية وشهدنا تسريح قوات الجيش، وأستطيع القول إن مرحلة ما بعد الوحدة لم تخضع للبحث وأجزم أنها لم تكن مرحلة صراع بين الشمال والجنوب بل بين تيار متغرب لاستئصال تيار ينتمي إلى الحقبة السوفيتية برغبة أمريكية، عبر إقصاء مكون الحزب الاشتراكي اليمني الذي تعاديه واشنطن، ولا أعتقد أن الاغتيالات التي طالت كوادره قبيل صيف حرب 94 تنفصل عن الخطة والرغبة الأمريكية.
سالم صالح محمد ذكر انه التقى مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية بعد حرب صيف 94م وشعر بأن الحرب كانت أمريكية، لإنهاء الوحدات التي تلقت تدريبا سوفيتيا وترسانتها سوفيتية.
ومحمد حسنين هيكل تحدث عن خفايا حرب صيف 94 وهي إعادة اليمن إلى 3 دول، وما يحدث في الجنوب الآن هي ظاهرة إعلامية أكثر من كونها حقائق على الأرض، والمحتل يريد لنا السكوت على ما ينشر ويعلن لإيصالنا إلى حقيقة التسليم بالتقسيم ويصبح وكأنه الخيار المقبول والحل، و عبر إبقاء الفوضى أيضا حتى يضجر منها اليمنيون وينشدون الخروج ولو بالتقسيم والتجزئة مع كونها ليست الحل والمدخل لصراع آخر يريده العدو.

التحركات الاحتلالية في جنوب وشرق اليمن:
الباحث أنس القاضي رأى في ورقته أن التهديد الأكبر للوحدة اليمنية حتى اليوم هو حرب صيف 94 وما نتج عنها، وأن إصلاح مسار الوحدة وليس الانفصال هو الحل.
«ليست العودة إلى ما قبل 22 مايو 1990م هي ما يريده المحتلون الجدد بل العودة باليمن إلى مقبل العام 67م وان الحل لا يكمن بالانفصال بل إصلاح مسار الوحدة وإنشاء دولة مؤسسات ترعى مصالح اليمنيين، وكل اليمن يعاني من الاختلالات التي رافقت الوحدة، الدولة الوطنية العادلة هي القادرة على توحيد الشعب اليمني ويرفع المعاناة عن كل أبناء الشعب.
أيضا التحركات العدوانية في جنوب وشرق اليمن لا تهدف إلى حل القضية الجنوبية بل إلى تلبية المطامع الاحتلالية لدول العدوان.
الاستراتيجية التي بنى عليها العدوان حيث انطلقت السعودية والإمارات من دوافع جيبولوتيكية لكل منهما، السعودية ترغب في أنبوب نفط يصلها ببحر العرب والإمارات ترغب بحرية بحرية عبر السيطرة على الساحل اليمني حتى باب المندب.
وهناك تقاطع في أطماع كل منهما وهذه التقاطعات يمكن أن تؤدي إلى صراع تنافسي بينهما وهو ما هو حاصل حاليا، واضحت المناطق الجنوبية والشرقية مناطق تماس لمصالح كليهما وتصارعهما.
وحاليا قتال المرتزقة فيما بينهما هو ترجمة لتصارع المصالح السعودية والإماراتية، وهذه الصراعات تتسق مع الأجندة الأمريكية وتحركات المرتزقة لا تغادر مربع المصلحة الأمريكية حكما.
ويتصدر البريطاني اليوم دور سياسي في تجزئة وتقسيم اليمن ونسأل هل ستصوت الصين وروسيا مع القرار، أم نشهد موقفا آخر يجسد الصراع الدولي الحاصل وهذا الأمر أيضا له بعده الخطير.
ولا يمكن حل المشكلة اليمنية سوى بحوار يمني يمني يكون متخففا من الضغوط الدولية وعدم رهنها لبعد دولي أو مواقف دولية ترى في مصالحها أولوية على المصلحة اليمنية ووحدة الشعب اليمني.

قد يعجبك ايضا