محاولات المساس بالوحدة اليمنية.. تحرك مفضوح ومحكوم بالفشل

حسن محمد طه

وإن رَكَّزَ تحالف العدوان على إذكاء الصراع بين مرتزقته في الجنوب المحتل

 

الخلافات الكبيرة والمتصاعدة بين السعودية والإمارات نتيجة تجاوز الإمارات لدورها في إدارة صراع بعض دول المنطقة ستظهر عما قريب للعلن مهما كانت المراوغة وخلط الأوراق في مناطق تدخلاتهم العسكرية بشكل فردي أو ثنائي.
ومهما لجأت الدولتان (السعودية والإمارات) إلى تجاوز الشعارات العلنية التي غلفتا بها عدوانهما البربري على اليمن –كشعار الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره- ساعية في الخفاء إلى المساس بالوحدة اليمنية عبر التركيز على إذكاء الصراع بين مرتزقتهما في جنوب الوطن المحتل؛ فإن تلك المحاولات والتحركات مفضوحة ومحكومة بالفشل المسبق.
كما أن تلك المحاولات، لا تعكس مسعى الدولتين لاستخدام كل الطرق للضغط على صنعاء للحصول على تنازلات متعلقة بالتفاهمات والاتفاقات التي تمت بين صنعاء والرياض برعاية الوسيط العماني، بل أن تلك المحاولات تعكس طمع دول العدوان (السعودية والإمارات) في تحقيق ما عجزت عن تحقيقه خلال 8 أعوام على الصعيد العسكري والاقتصادي من خلال العبث بأهم مكتسب وطني يلتقي حوله فرقاء اليمن السياسيون، ويجتمع به شمل اليمنيين الشرفاء مهما تباينت مواقفهم.
إن محاولات السعودية والإمارات إذكاء الصراع بين الفصائل الموالية لدول تحالف العدوان للنيل من الوحدة اليمنية، لا ولن تغير شيئاً في موقف الشعب اليمني (من سقطرى إلى صعدة) إزاء مكتسبه الوطني (الوحدة)، بل تستفز في ثقافة اليمنيين تمسكهم الكبير بوحدتهم، وقدرتهم على حمايتها وإفشال كل المخططات والنزعات الانفصالية، وإحباط ممولها الخارجي.
ولعل من حقائق التاريخ الأكثر رسوخاً في وجدان الشعب اليمني، تتمثل في إفشال المساعي العدوانية الخارجية – حتى وإن ركزت على تغذية وإدارة صراعات داخلية بين اليمنيين، تحت أي عناوين عنصرية – تمس بالوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي، فإن تلك المساعي تصطدم دائماً بالوعي اليمني والحكمة اليمانية عبر التاريخ.
ولعل حكام (الرياض وأبو ظبي المراهقون) لا يعلمون أن إعلان الوحدة في 22 مايو 1990 م، ما هو إلا إعادة للوحدة الأصيلة لليمن الواحد (أرضاً وإنساناً) ولم يكن اليمن إلا يمناً واحداً وأن الإمبراطوريات الاستعمارية (بريطانيا والأتراك) هي من قامت بالتشطير والتجزئة ليتمكن المستعمرون من إحكام السيطرة على اليمن.
الواقع اليوم أن السعودية قد جن جنونها لأنها فشلت في تنفيذ أهدافها في اليمن ومن أهمها مشروع مد خط أنابيب النفط من أراضيها إلى البحر العربي عبر الأراضي اليمنية في محافظة المهرة لتأمين صادراتها النفطية في حال صعدت إيران في مضيق هرمز.
ومما زاد من تخبطها الجنوني أن مصالحها الاقتصادية في العمق السعودي لن تكون بأمان إلا إذا تصالحت مع صنعاء التي لا يمكن أن تقبل بتصالحٍ كما تريد أن تمليه عليها السعودية.
وبالمقابل تشعر السعودية أن الإمارات تفوقت عليها بعد أن حققت بعض المكاسب ولو (بشكل مؤقت) في وضع يدها على جزيرة سقطرى اليمنية والبدء في مرحلة تغيير التركيبة الاجتماعية فيها بالإغراءات المالية والتجنيس لسكانها (رغم أنه تنفيذ لمخطط أمريكي بريطاني)، إضافة إلى أن الإمارات فرضت نفوذ مكون الحراك الجنوبي الانفصالي (المجلس الانتقالي وجناحه العسكري) كواقع في العاصمة الاقتصادية عدن المحتلة، وتمويل جيش المرتزقة في الانتقالي والوحدات العسكرية في المخا بقيادة  المرتزق طارق عفاش (رغم أنه تنفيذ لمخطط بريطاني إسرائيلي أمريكي).
لذلك عملت السعودية على تفكيك الجناح العسكري للانتقالي ورفع يد الإمارات عن المكتسبات السعودية (كما تعتقد)، فتفاجأت السعودية بقيام الإمارات بتفجير الوضع في السودان، تنفيذاً وخدمة لأجندة أمريكا وإسرائيل.
ومن المؤسف أن الكثير ممن ارتضوا أن يكونوا خداماً للمحتلين يعكفون على إجادة الانبطاح وفي سباق حثيث لإرضاء السفير السعودي، وهم في حالة من الهوان والذل التي لا يمكن أن يحسدهم عليها أحد من أبناء اليمن الشرفاء الأحرار.
ومن المعيب جداً أن يبحث المنبطحون العملاء عن كراسي السلطة عبر سفير الدولة المحتلة ومتجاهلين أن شرعية الحكم لا تأتي إلا من الشعب وننصحهم بأن يستحضروا فيديوهات استقبال ومقابلات السفير السعودي لهم ويشاهدونها بتكرار وسيدركون أنهم لا يمتلكون مثقال ذرة من العزة والكرامة التي تؤهلهم لمناصب يحكمون من خلالها قرية من الشرفاء فما بالكم بشعب تعداده ثلاثين مليوناً من الأحرار، وكل يمني حُر منهم مؤهل ليحكم دولة السفير وملوكها.
خلاصة القول: إن نصيحتي للسفير أن يمضي في مسار اتفاق صنعاء، كما أن على الرياض أن تجدد موقفها العلني من الوحدة اليمنية قبل العودة إلى اللقاءات الخاصة باتفاقات الهدنة وإحلال السلام ووقف العدوان وإعادة الإعمار وجبر الضرر، لأن غير هذا المسار ستكون كلفته على دول العدوان باهظة، أما نحن فليس لدينا ما نخسره فعدوانهم دمر ونال من كل شيء، إلا من كرامتنا وعزتنا فهي رأس مالنا، ولا نستحق الحياة بدونهما.

* عضو مجلس الشورى

قد يعجبك ايضا