أفول عصر ( السوبر باور)..! (2)

طه العامري

 

سقوط دول المعسكر الاشتراكي دفع أمريكا إلى الاعتقاد أو فرض حكاية (انتصار الرأسمالية) وهزيمة (الاشتراكية)، في خطوة دعائية حاولت خلالها ترويكا (الليبرالية) الغربية بزعامة أمريكا تكريس ثقافة أسطورة (السوبر باور)، مرسخة في الذاكرة الإنسانية فكرة القوة وجبروتها كوسيلة مثلى للتفوق دون اعتبار لعوامل حضارية أخرى ذاتية وموضوعية، إذا ما أدركنا أن أمريكا والغرب يعتمدون (حضارة القوة) لبسط هيمنتهم على العالم دون اعتبار لقيم وأخلاقيات شعوب العالم التي تقوم على منظومة من المعتقدات الدينية والثقافية والحضارية، وموروثات إنسانية شكلتها قرون من وجود وتفاعل هذه الشعوب التي تزدريها دولة مثل (أمريكا) التي لا تؤمن بالموروثات الحضارية والثقافية للشعوب، وترى أن (القوة) هي صانعة الحضارات وهي عنوان التفوق ومصدره..
لذلك هي بمثابة معمل لصناعة الأسلحة وتخضع كإدارة لاستراتيجية مجمع الصناعات العسكرية الذي يحكم ويتحكم بالإدارة الأمريكية التي تعمل في خدمته وتنفذ برامجه في علاقتها مع العالم، وهذا المجمع يضع أهم أهدافه في صناعة وتسويق الأسلحة، وهذا سوق يعتمد على خلق الحروب وافتعال الصراعات على الخارطة الدولية، وفي حال خفوت نيران الحروب والصراعات تجد أمريكا نفسها مدفوعة لشن حروبها الخاصة ضد كل من يعارضها من أنظمة العالم ولا يخضع لقانونها ولا يقبل بأن يضع نفسه في خدمة أهدافها ومشاريعها الاستعمارية..!
في هذا السياق نجد أن أمريكا وخلال العقود الستة المنصرمة خاضت حروبا في مختلف قارات العالم بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة، أنفقت خلالها قرابة (36 تريليون دولار) وزهقت أرواح بشرية تجاوزت (العشرة ملايين إنسان) منها أكثر من (4.5 تريليون انفقتها في غزو العراق) ..!
وقد استطاعت من خلال هذه الحروب التي أشعلتها وقامت بها من تحريك عجلة الصناعات العسكرية، ومكنت تكتل المجمع الصناعي العسكري من تحقيق أرباح خيالية ذهبت لخزائن أصحاب هذا المجمع، فيما حصلت الدولة على حصتها من عائدات الضرائب التي لم تتسق مع حجم النفقات التي تتطلبها الدولة الأمريكية فذهبت للاستدانة لتغطية احتياجاتها حتى تجاوزت ديونها قرابة (22 تريليوناً) وفق أحدث الإحصائيات، الأمر الذي يجعل تخلفها عن التسداد وفق الجدولة المعدة سلفا يمثل كارثة على الاقتصاد العالمي -حسب تصريحات المسؤولين الأمريكيين- واكبر الديون المستحقة عليها هي لجمهورية الصين الشعبية..!
يضاف لكل هذا حاجة أمريكا لقرابة (6 تريليونات دولار) لتحديث وإعادة تطوير البنية التحتية خلال السنوات العشر القادمة..
وتتوزع ديون الإدارة الأمريكية بين ديون داخلية وديون خارجية وتعد هذه الدولة الوحيدة في العالم التي تعمل بأموال الآخرين نظرا لاعتماد عملتها (الدولار) كعملة عالمية.

قد يعجبك ايضا