وكأن ما أصاب الأمة العربية من ضعف وهوان وجروح غائرة تنزف دما منذ عقود غابرة، وأنهكها وخر قواها وفتت جمعها وشتت شملها وسلبها مقدراتها وخيراتها، وكأن ذلك كله ليس كافياً لأعداء الأمة حتى زادوا عليها جرحاً جديداً فوق الجروح السابقة التي لم تندمل بعد (حرب السودان)!! السودان الشقيق المثقل كاهله أصلا بكثير من المشاكل والأزمات السياسية والاقتصادية وارتفاع منسوب البطالة، ناهيكم عن الغلاء وهشاشة البنية التحتية وتردي الخدمات الأساسية المختلفة، أضحت اليوم تعاني حربا عسكرية ستأكل الأخضر واليابس أو ما تبقى منه، وتترك البلد أثرا بعد عين ليسكنها الأشباح، ويسرق خيراتها من الذهب والفضة من تعودوا على النباح (الغرب وأمريكا)، والرقص على جثث الشعوب وقتل الأرواح، والضرب على الكؤوس والأقداح فرحاً بهذا النجاح، وتدمير بلد عربي جديد يضاف على قائمة الدول الفاشلة وتشطب من الألواح (القائمة).
فالحرب الدائرة اليوم بين عناصر المؤسسة العسكرية السودانية جعلت الشعب السوداني يعاني الأمرين جوعاً وفقراً ومرضاً من جهة، وخوف وقتل وخراب من جهة أخرى، فهي حرب عبثية بامتياز الخاسر فيها كل الشعب السوداني والمستفيد الوحيد منها أعداء الأمة العربية والإسلامية من اليهود والنصارى وعلى رأس أولئك الأعداء الأزليين أمريكا وإسرائيل، فأعداء الأمة قد ألفوا سرق خيرات وثروات الشعوب العربية والإسلامية، وهي حرب ليست وليدة الصدفة أو نتيجة خلاف بين الإخوة الأعداء من العسكر السودانيين بل هي خطة محكمة قد نسجت خيوطها منذ أمد لتركب السودان ركب الدول العربية التي دمرها الغرب والأمريكان كاليمن وسوريا والعراق وليبيا، والخلاف بين قائد القوات المسلحة السودانية وقائد ما يسمى بالدعم السريع ليس سوى القشة التي قصمت ظهر البعير وأشعلت النار من تحت الرماد، فقائد قوات الدعم السريع كان المطية واليد المنفذة للمخطط الإسرائيلي الأمريكي في اشعال فتيل الحرب السودانية، ويتضح ذلك بجلاء من خلال الثناء، وشهادة الزور التي قالها على الملأ المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع يوسف عزت في المقابلة التي أجراها مع روعي كايس مراسل قناة “كان” التابعة لهيئة البث الإسرائيلية ، وقال عزت: “أقول للشعب الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية ما تتعرض له الخرطوم وقوات الدعم السريع هو هجوم يشنه الجيش استغلته العصابة الإسلامية الإرهابية.
وأضاف، ما نتعرض له تعرضت له إسرائيل آلاف المرات من المجموعات الإرهابية مثل حماس والمنظمات الأخرى التي يعرفها الشعب الإسرائيلي جيدا”.
واتضحت الخلافات بين رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو للعلن بعد توقيع “الاتفاق الإطاري” المؤسس للفترة الانتقالية بين المكون العسكري والمكون المدني في ديسمبر الماضي، الذي أقر بخروج الجيش من السياسة وتسليم السلطة للمدنيين، وبرز الخلاف في الفترة الزمنية لاندماج قوات الدعم السريع بالجيش السوداني.
يذكر أن انتشار قوات الدعم السريع حول مطار وقاعدة مروي، منذ الأربعاء قبل الماضي، كان سبباً في اندلاع النزاع العسكري بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، حين طلبت الأخيرة انسحاب الدعم السريع من مروي خلال 24 ساعة، وهذا ما لم تنفذه الأخيرة.
وكان مقررا التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي لإنهاء الأزمة بالسودان في أبريل الحالي إضافة للتوقيع على الوثيقة الدستورية في 6 أبريل وهذا لم يحصل بسبب خلافات في الرؤى بين قادة القوات المسلحة وقادة قوات الدعم السريع فيما يتصل بتحديد جداول زمنية لدمج قوات الدعم السريع داخل الجيش .. الإملاءات التي تلقاها دقلو قائد قوات الدعم السريع من الخارج، وتحديدا من الإمارات وإسرائيل وأمريكا بتفجير الوضع عسكرياً هي السبب لأن تكملة الخطة الإسرائيلية الأمريكية لن تكتمل ويكتب لها النجاح كما يريد الا بالتمكين من مصر وتحويلها لدولة فاشلة سيما بعد أن فشلت محاولاتهم السابقة وتفجير الدولة من الداخل بواسطة جماعة الإخوان المسلمين ومن بعدها أزمة سد النهضة الذي كان يتوقع الأعداء تفجير الوضع عسكريا بين مصر وأثيوبيا !!