الجنوب ومشاريع الفوضى والانقسام

عبدالفتاح البنوس

 

 

كانت ولا تزال وستظل القضية الجنوبية من القضايا الجوهرية التي حظيت باهتمام وعناية خاصة خلال جلسات مؤتمر الحوار الوطني، حيث تم تخصيص فريق خاص بها من أجل مناقشة المحاور والقضايا المتعلقة بها، وكان اللافت في هذا الأمر هو حرص القوى الوطنية على مناقشة القضية بأبعادها المختلفة ووضع الحلول والمعالجات والمقترحات التي من شأنها ترميم جسد الوحدة الوطنية المتهالك، ومعالجة تداعيات وآثار حرب صيف 94 وما سبقتها من عمليات استهداف وإقصاء للقيادات المحسوبة على الحزب الاشتراكي الشريك الرئيسي في تحقيق الوحدة، حيث كانت قد قدمت القوى الوطنية جملة من الرؤى النيرة والمقترحات السديدة الكفيلة بتصحيح مسار الوحدة وإعادة الاعتبار لها، ولولا المؤامرة الخليجية التي هدفت إلى الانقلاب على مخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها، والذهاب للاستفراد بالرأي من خلال فرض خيار الأقلمة الذي تم التوافق على مواصلة النقاش حوله؛ لكانت البلاد قد تجاوزت المحنة والأزمة الخانقة التي خلفها الانقلاب الخليجي على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
الحقد الخليجي على الوحدة اليمنية يتواصل اليوم وبوتيرة عالية من خلال السعودية والإمارات من خلال التركيز على المحافظات اليمنية الجنوبية المحتلة والتي تخضع لهيمنتهما وسلطتيهما من خلال أدواتهما من المرتزقة العملاء المحسوبين على المحافظات الجنوبية الذين يتشدقون باسم الجنوب والقضية الجنوبية في الوقت الذي يعملون على نخر الجنوب من الداخل، وتمكين المحتل السعودي والإماراتي من السيطرة عليه ونهب ثرواته ومقدراته وفرض الوصاية والانتداب عليه.
صراع وتنافس محموم بين السعودية والإمارات، كل طرف يريد أن يهيمن ويسيطر على أكبر مساحة ممكنة من المحافظات الجنوبية، ويسعى للاستحواذ على الثروات التي تمتلكها وتسخيرها لخدمته وتعزيز مصالحه ونفوذه، بما يعود بالنفع على القوى الاستعمارية الكبرى التي يلعب السعودي والإماراتي دور الوكيل، ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي الممول من الإمارات والذي يقوده المرتزق عيدروس الزبيدي يواصل المتاجرة بالقضية الجنوبية خدمة للمحتل الإماراتي، غير مدرك لعواقب التفريط بالسيادة الوطنية والانغماس في مستنقع الخيانة، رغم أنه يدرك جيدا ما الذي تريده الإمارات وما هي أهدافها، والتي لا تصب في خدمة ومصلحة الجنوب والجنوبيين .
آخر تقليعات الزبيدي والإمارات ما يسمى بمؤتمر الحوار الجنوبي الممول من الإمارات والذي يهدف إلى تقسيم المحافظات الجنوبية وتوسيع دائرة الصراع والتوتر بين المكونات الجنوبية، ولا أعلم ما جدوى هذا المؤتمر في ظل سلطة الاحتلال وغياب المشروع الوطني الجامع لأبناء المحافظات اليمنية الجنوبية المنبثق عن المشروع الوطني الشامل لكل اليمنيين؟!! لقد فشل عيدروس الزبيدي في إقناع الشارع الجنوبي بأنه الممثل الحقيقي له والحامل لمشروعه والمتبني لقضيته العادلة والمشروعة ؛ كونه يحمل المشروع الإماراتي الذي يعمل على تنفيذه دونما اكتراث بالجنوب والجنوبيين وقضيتهم العادلة، بدليل ما عليه الأوضاع الأمنية والاقتصادية والمعيشية والخدمية التي يعيشها أبناء المحافظات الجنوبية المحتلة و التي تبعث على الحسرة والأسرى، ولم يلمس المواطنون في تلكم المحافظات أي دور إيجابي للمجلس الانتقالي والذي يدين قادته بالولاء والطاعة والتبعية للإمارات أكثر من الانتماء والولاء للجنوب، والذي صار مجرد شعارات لدغدغة العواطف والضحك على البسطاء ليس إلا.
بالمختصر المفيد، القضية الجنوبية من القضايا اليمنية الملحة التي يتطلب وضع الحلول والمعالجات لها تحت سقف الوحدة الوطنية، بمعزل عن التدخل الخارجي والوصاية الخارجية، المحتل الإماراتي يسعى لتمزيق الجنوب بين شذر ومذر، وهو حال المحتل السعودي، ولن يكتفوا بالنيل من الوحدة اليمنية، ولذا ينبغي التحلي باليقظة والحذر والوعي والبصيرة والخروج من معمعة المناطقية والشطرية، والعمل على تحرير الأرض من المحتلين، ومن ثم الدخول في حوار وطني – وطني ينطلق من الحرص على المصلحة الوطنية يعالج كافة القضايا، ويعيد الثقة، ويرسم ملامح الدولة اليمنية الحديثة، الكفيلة بتجاوز أخطاء الماضي وعدم العودة إلى مثلها مستقبلا، الدولة اليمنية التي قامت الوحدة من أجل أن ترى النور .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا