مصارف السيول.. ظاهرة مدنية لا بد منها

د/ يوسف المخرفي *

 

لقد خصص الإنسان اليمني قديما قيعان صنعاء وعمران وصعدة وذمار كقيعان زراعية كبرى، بالإضافة إلى قيعان داخلية عديدة وكثيرة أخرى.
هذه المقدمة الحضارية، تعني أن أسلافنا خصصوا تلك القيعان كأراضي زراعية خصبة رسبتها الطبيعة على مدى زمن جيولوجي طويل بمعدل مليمترا واحدا السنة أي سنتيمتر واحد ١٠ سنوات.
وتحيط بتلك القيعان سلسلة جبلية من جميع الاتجاهات والتي تتدفق مياهها وإرساباتها إليها، وهذا يعني عمرانيا أنها لا تصلح للعمران لكونها مهددة بالسيول والفيضانات.
ولكن خلف من بعدهم خلف احتلوا تلك القيعان الزراعية الخصبة خرسانيا بالعمران واتجهوا بصورة متخلفة حضاريا نحو استيراد الغذاء من الشرق والغرب البعيد، وهذا توجه وموضوع أشد خطورة.
حصل خير، وتم استبدال الزراعة بالعمران دونما اتخاذ إجراءات تحويلية من قاع زراعي إلى ظاهرة مدنية أطبقت عليه في صنعاء على سبيل الحصر.
فالملاحظ المتخصص يرى أن السيول القادمة من وادي الأجبار داخل مديرية سنحان بمحافظة صنعاء تفيض فتجوب شوارع صنعاء بدءا من شارع خولان فحي شميلة ثم تخترقها عبر سايلة صنعاء.
كما أن السيول القادمة من جبل نقم تجوب منحدرات أقدام الجبل ومنحدراته لتغرق بصورة معتادة منطقة باب اليمن وقل مثل ذلك فيما يتعلق بسيول سلسلة جبال عصر وعيبان.
وينتج عن هذه السيول اقتلاع الأسفلت وتدمير الشوارع وإلقاء الرواسب الترابية في الشوارع وما ينتج عن ذلك من غبار يلوث هواء صنعاء ويهدد حياة سكانها بالأمراض التنفسية وفي مقدمتها الربو، كما يحد من صعوبة تحركهم وتجولهم بالشوارع والأحياء سواء كحالة مستنقعية أو على هيئة غبار لاحق.
تجدر الإشارة إلى أن معظم شوارع صنعاء الفرعية وداخل الأحياء لازالت ترابية فتحيل تلك الأحياء إلى مستنقعات يصعب على السكان التحرك فيها.
تلك هي المشكلة بجوانبها القاتلة لظاهرة التمدن والمدنية، ولكون طرحنا بنّاء فلا بد من اقتراح الحلول وهي حلول عديدة وشاملة؛ فلا يمكن قبول دخول السيول من وادي الأجبار إلى صنعاء ويتوجب حجزها في سد أرضي سطحي أو باطني بالأرض.
كما نقترح عمل مصرف كبير لمياه جبل نقم نحو سعوان وربطه بالسايلة في جولة الجمنة.
وقل مثل ذلك بالنسبة لمصارف سيول سلسلة جبال عصر وعيبان، كما ينبغي عمل مخرات للسيول في الشوارع بحيث لا يسمح بجريان مياه السيول في الشوارع الإسفلتية فتتسبب في اقتلاعها.
ومن الحلول أيضا الانحدار البسيط في الشوارع الإسفلتية مما يجعل السيول تنساب على جنباتها لا وسطها.
وارتباطا بتلك الحلول لا بد من رصف شوارع صنعاء بالصبة الخرسانية أو الرصف الحجري، طالما وأنه غير معتمد في تفكيرنا وخططنا الصيانة السنوية لأسفلت الشوارع.
لابد أن نتحمل جميعا المسؤولية، مفكرين وأكاديميين وأمانة العاصمة والحكومة والدولة من أجل تحسين مستوى حياة الناس والمحافظة على جمال وجه اليمن وعاصمته السياسية التاريخية صنعاء الحضارة والتاريخ.
أستاذ العلوم البيئية المساعد ورئيس قسم البيئة والتنمية المستدامة بجامعة ٢١ سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية

قد يعجبك ايضا