تدخل المواجهات المسلحة في السودان بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان وما يسمى بقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي منعطفا خطيرا ؛ ففي ظل ارتفاع وتيرة العنف واتساع رقعة المواجهات وارتفاع أعداد الضحايا ، علاوة على الخراب والدمار الذي لحق بالمنشآت العامة والخاصة في غضون أيام قلائل ، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية وافتقار الكثير من المناطق في العاصمة الخرطوم لأبسط مقومات الحياة ، تواصل دول العالم والأمم المتحدة والمنظمات والهيئات التابعة لها عمليات إجلاء ممثليها و بعثاتها الدبلوماسية ورعاياها بشكل مكثف في مؤشر على اتجاه الأوضاع في السودان نحو المزيد من التصعيد وخصوصا في ظل التحشيد العسكري للعديد من الدول على السواحل السودانية بذريعة تأمين نقل رعاياها ، والحديث عن مشروع وساطة إسرائيلية لعقد محادثات مع أطراف الصراع في تل أبيب .
البرهان وحميدتي أدوات عميلة للخارج وكلاهما يؤديان الدور والمهمة المرسومة لهما والتي سيدفع ثمنها السودان والسودانيون ، لا مشاريع وطنية لهما ، كل طرف يسارع نحو الارتماء في أحضان الخارج والتطبيع مع كيان العدو الصهيوني الذي يبدو أنه المستفيد الأكبر بعد الأمريكان من وراء هذه الأحداث ، الكل يرسمون للسيطرة على ثروات السودان وفي مقدمتها مناجم الذهب ، وهناك مخطط لتقسيم السودان بعد أن تم فصل جنوبه عن شماله ، وقد تكون أحداث السودان محطة لتصديرها إلى دول مجاورة خدمة للمشروع الأمريكو صهيوني ، والعجيب هنا وليس بعجيب في ظل انبطاحها للسعودية والإمارات وإدارتها وفق السياسة المصرية هو موقف ما يسمى بجامعة الدول العربية تجاه ما يجري في السودان وكأنه لا مسؤولية عليها تجاه ذلك ، والاكتفاء بالقلق والمراقبة عن كثب حد تعبير أمينها غير الأمين ، في انتظار التوجيهات التي ستصلها من مصر والإمارات والسعودية .
الحالة العامة للأوضاع في السودان في مختلف الجوانب وعلى مختلف الأصعدة قبل المواجهات تشير إلى أنه لا أثر لوجود أي دور للسلطة ممثلة بما يسمى بالمجلس السيادي أو الحكومة المنبثقة عنه يصب في حساب ومصلحة السودان والشعب السوداني وخصوصا في الجانب الاقتصادي والمعيشي ، وجاءت المواجهات المسلحة الراهنة بين الجيش وقوات الدعم السريع لتزيد الطين بلة والأوضاع تدهورا ، و حتى اللحظة لا أفق لحوار سوداني- سوداني يسهم في وقف إطلاق النار والسماح للمنظمات الإغاثية بتقديم المساعدات الغذائية والصحية والإيوائية للمواطنين المحاصرين داخل الأحياء الملتهبة ، وتمكين الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوداني من انتشال جثث القتلى المتناثرة على جنبات الطرق وفي داخل الأحياء والمنازل التي طالها قصف الطائرات والدبابات والمدافع ونيران القناصة من الجانبين ، وهو ما ينذر بالمزيد من القتل والخراب والدمار وإدخال السودان في نفق مظلم خدمة لأجندة ومصالح قوى خارجية ترى في السودان لقمة سائغة لها في ظل وجود قيادات مشبعة بالعمالة والارتزاق تهيمن على سلطة القرار وتنهب ثروات الشعب السوداني لحساباتها الخاصة .
بالمختصر المفيد، لن تتوقف الأحداث عند الحدود السودانية ، بل ستذهب للاتساع والتمدد لتشمل دول الجوار ، هكذا يريد اللاعب الرئيسي في أحداث السودان ، وسحب البعثات الدبلوماسية والرعايا الأجانب منها ، مقدمة لذلك ولا عزاء للشعب السوداني المغلوب على أمره الذي لا ناقة له ولا جمل لا من البرهان وجيشه وحكومته ولا من حميدتي ومناجم الذهب التي يسيطر عليها ويستغلها وقوات الدعم السريع التي تشبه إلى حد كبير ما كان يسمى بقوات الفرقة الأولى مدرع في اليمن ، والتي يجمع قيادتها وبعض عناصرها مع قيادة الجيش والدعم السريع السوداني العمالة والارتزاق من خلال المشاركة بجنود سودانيين في العدوان على بلادنا تحت راية السعودية والإمارات.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .