صفقة رمضان.. النــجاح بصــياغة يمنية

افتتاحية الثورة

 

حسمت هذه السلاسة في تنفيذ عمليات تبادل الأسرى ضمن «صفقة رمضان» النجاح الكبير للجانب الوطني، الذي كان ولا يزال في مستوى متناهٍ من الجهوية لإنهاء هذا الملف الإنساني، بما يعنيه ذلك من عودة الدفء والسكينة لتلك الأسر التي لها أسرى في سجون السعودية ومرتزقتها.

الشعور بعظمة الفعل لم يعكسه فقط هذا الاهتمام الرسمي الكبير والذي ترجمه تقدُّم فخامة المشير مهدي المشاط- رئيس المجلس السياسي الأعلى، وكبار قيادات الدولة المستقبلين للأسرى المحررين، وإنما أيضاً هذه الجموع الجماهيرية التي كانت وفية بالحظور، فكانت أصواتها تتعالى فرحاً وطرباً مع كل إطلالة لمجموعة من المحررين من باب الطائرة.

وخلال الثلاثة أيام التي شهدت عودة الأسرى المحررين كانت ساحة المطار كتلة من مشاعر الابتهاج والفرح لعودتهم وقد كانوا مغيبين في ظلمات سجون وزنازن وحجرات دمرت كل القيم في التعامل مع الأسير وحتى المختطف من باب إنساني.

وعكست حيوية الاستقبال منزلة الأسير بشكل خاص والسجين اليمني بشكل عام باعتبار أن قوى العدوان مارست أيضاً خلال السنوات الماضية هواية التقطع للمسافرين واختطافهم من الطرقات وحتى اختطاف الأطفال والنساء من المنازل بلا أدنى شعور بالانتماء إلى دين يحرم ويجرم مثل هذه الأفعال غير الأخلاقية، والتي لا تمتّ بصلة لقيم التعايش أو الاختلاف.

ولعل ما يؤكد ذلك هو حالة الفتور التي بدت في عملية استقبال أسرى العدوان في مطاراته والذي عكس حالة من اللامبالاة وربما المنّ على الأسرى أن ساعدوهم بالعودة.

زد على ذلك أن قدوم أسرى الطرف الآخر أحيا نوازع الشقاق بين ميليشيات المرتزقة فاختلفوا حتى في طريقة استقبالهم، كما لوحظ ذلك في عدن مع استقبال محمود الصبيحي.

عكس أيضاً إتمام العملية بهذا النجاح استمرار اهتمام قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله بهذا الملف، والإفراج عن كل أسرى الجيش واللجان، ولذلك كانت صنعاء الأكثر إلحاحاً في إثارة هذا الملف وربما لولا ذلك لما كان التحالف وتابعوه من العملاء تحركوا في هذا الشأن خطوة واحدة.

إصرار القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى تجاوز حتى حالة المماطلة التي اتبعها طرف العدوان متعدد الاتجاهات وكثير التباينات حسب ما أشار إلى ذلك رئيس لجنة شؤون الأسرى عبدالقادر المرتضى، فلم يتماه مع عمليات التعقيد والعرقلة التي كان يمارسها التحالف، ولذلك يحسب لهذا الإصرار والاهتمام هذا النجاح في عودة أكثر من (٧٠٠) أسير ومختطف إلى أحضان أسرهم. النجاح عكس أيضاً صدقية استعداد الجانب الوطني في إتمام صفقة شاملة على مبدأ الكل مقابل الكل، وهو الأمر الذي يتعارض مع مطامع أو لنقل سلبية قوى العدوان تجاه هذا الملف، بدليل تركيزهم فقط في أي اتفاق على القيادات والأفراد السعوديين بما ينفي أي اهتمام من جانبهم بأسراهم اليمنيين الذين خاضوا المعارك بالنيابة عنهم.

كما كان لعودة الأسيرة سميرة مارش صداه في النفوس، المرأة اليمنية الأبية التي اختطفها المرتزقة من داخل بيتها في ما يعد عيباً أسود سيبقى وصمة عار تلاحقهم باقي حياتهم، وفعلاً يُسقط عنهم أي شعور بالمسؤولية وهم الذين يحاولون تقديم أنفسهم كمسؤولين وقيادات وطنية، فيما حرصت صنعاء على عودة هذه المرأة عزيزة مكرمة إلى بلادها فأفرجت مقابلها عن أربعة من عناصر إحدى خلايا العدوان التخريبية وممن صدرت بحقهم أحكام بالإعدام، وسيبقى هذا الفعل نموذجاً صارخاً لاهتمام القيادة بمواطنيها وبخاصة النساء إذا تعرضوا لمثل هذا الفعل المشين من قبل الأعداء.

بقي الإشارة إلى جانب مهم جداً، وهو الهيئة التي ظهر عليها الأسرى من الجانبين، ففي الوقت الذي تم فيه إسعاف عدد من أسرانا المتعبين بسبب التعذيب والانتهاكات التي مورست ضدهم في سجون التحالف، ظهر أسرى الطرف الآخر في صحة عالية ولم نسمع شكوى من أي جهة عن حالة انتهاك تعرض لها أي أسير لدينا، والسبب ببساطة هو التزام الجانب الوطني لحقوق الأسير وفق تعاليم ديننا الإسلامي الذي يدعو إلى احترام حقوق الأسير واحترام إنسانيته.

 

 

 

قد يعجبك ايضا