الأيام الثلاثة التي مضت كانت أشبه بالأعياد، حيث استقبل الشعب اليمني أسرانا المحررين من سجون العدو ومرتزقته بفرحة ملأت النفوس والأرواح، أما أهالي الأسرى فكان التعبير عن فرحتهم بالبكاء والدموع التي انهمرت في لحظات لقائهم بأبنائهم وأقاربهم المحررين من سجون العدوان ومرتزقته.
مطار صنعاء الذي شهد لثلاثة أيام احتشادات يومية لاستقبال الأسرى، احتشد فيه الناس، واحتشدت المشاعر الجياشة التي عبرت عنها الدموع، وصار وطنا يحتضن أبطاله الذين عادوا إلى الديار مفعمين بالعزة والمعنويات العالية والثقة بالله والاعتزاز بما قدموه من بطولات وصبر وصمود، عادوا بروح وثابة وقوية استعصت على السجانين وحطمت آمال العدوان وأحلامه، عادوا إلينا وفي كل بطل منهم تحتشد ألف قصة تروي بطولاته وصموده وثباته، عادوا وبقدر اعتزازهم بما قدموه من تضحية، يحق لهم الاعتزاز بما حققه الشعب اليمني من انتصارات كانوا جزءاً من صناعها بفضل الله.
من شاهد ذلك البطل وهو يحتضن أباه ويقول بصوته القوي «أنا بيضت وجهك يا أباه، أنا مع الله مجاهدا»، وبالفعل لقد بيضت يا بطل وجه أبيك ووجه شعبك ووجه السيد القائد حفظه الله، وبالفعل أيها الأبطال لقد بيضتم وجوهنا جميعا، وملأتم صفحات التاريخ بطولات وفخرا، والوفاء لكم كان بتحريركم وهو وعد أكده قائد الثورة حفظه الله لكم، ووعد أكده لكافة الأسرى الذين ما زالوا في المعتقلات والسجون بأنا لن نترك أسرانا.
ولقد رأينا في وجوه الأبطال لدى وصولهم مطار صنعاء، معنوياتهم العالية تتدفق في ملامح وجوههم، ورأينا حرارة الإيمان بالله وبالقضية وبالقيادة في تعبيراتهم، على خلاف ما رأيناه في وجوه أولئك الذين عادوا إلى أصحابهم في عدن ومارب والرياض بوجوه عابسة لا يجدون ما يفخرون به ولا يجدون ما يفرحوا به، ورأينا استقبالهم كأنها مراسم عزاء للموتى، والحقيقة أنه لا قضية يفتخرون بالتضحية في سبيلها، ولا إنجاز يفخرون بتحقيقه، ولا شعبا يقاتلون دفاعا عنه، بل ارتزاقا وعمالة، بينما أبطالنا يحملون الحق وقوة الإيمان ولهذا كان المشهد في مطار صنعاء.
وأما فرحة أهالي الأسرى فكانت فرحتين وعيدهم عيدين، الأولى بعودة أبنائهم الأبطال وأقاربهم بعد طول غياب ومعاناة انتظار، والثانية بما حظي به الأبطال من استقبال مهيب وضخم تكريما لهم ولتضحياتهم في سبيل الله ودفاعا عن الشعب اليمني، وكان التعبير الأصدق الذي عبر به الأهالي عن أفراحهم هي الدموع التي رأيناها تنسكب من الأمهات والآباء والأبناء والأهالي الذين احتشدوا في استقبال أقاربهم من الأبطال المحررين، من سجون ومعتقلات العدوان ومرتزقته.
كان الأهالي يشعرون بالسعادة أيضا وهم يشاهدون ضخامة الاستقبال لأبنائهم وأقاربهم من الدولة والشعب، وقد عادوا أحرارا شامخين في انتظارهم قادة الدولة من عسكريين ومدنيين وغيرهم، يتقدمهم الرئيس وأعلى مستوى قيادي في الدولة، وكانوا يشعرون بالزهو والشعب يحتفل في استقبال فلذات أكبادهم المحررين، على خلاف الآخرين الذين لا قضية لهم ولا حق معهم.
عاد الأبطال أحراراً محررين مجللين بالفخر والبطولة والإيمان وحفاوة الاستقبال الشعبي والرسمي، بعد أن أمضوا سنوات طوال في المعتقلات، صمدوا فيها وتحملوا صنوف العناء والمعاناة والتعذيب الذي مارسه أولئك المجرمون، عادوا بإيمان أكثر وقناعة أمضى، وروح أقوى، وهكذا هم أبطالنا الذين عادوا، ونقول الحمدلله على عودتهم، نسأله الفرج عمن تبقى في الأسر بإذن الله.