يعتبر مسجد ظفار ذيبين، من المساجد التاريخية والعريقة في محافظة عمران خصوصا واليمن عموما، حيث تشير عدد من المصادر إلى أن الذي بناه هو الإمام المنصور عبدالله بن حمزة، والذي يحتوي في داخله على ضريح ذلك الإمام ونجله داوود، وكان أول من لجأ إلى موضع ظفار ذيبين هو أبو الفتح الديلمي، أما ظفار فهو الاسم الذي أطلقه إمام المذهب الزيدي الإمام المنصور بالله ” عبدالله بن حمزة ” الذي ظهر في الفترة (583 – 614 هجرية) وهو الذي أسس ظفار ليكون معقلاً له ليحتمي ويعتصم به حتى لا تطال إليه يد الدولة الأيوبية في اليمن، بعد أن كان يسكن حصن كوكبان، وأحياناً حصن ذي مرمر (شبام الغراس) وأحياناً مدينة براقش في الجوف.
يتكون المسجد الذي يأخذ من شكله المستطيل من بابين الأول في الجهة الجنوبية والآخر في الجهة الشرقية، ويتكون رواق القبلة ورواقين جانبيين، أما في الرواق المقابل، لم تستغل للصلاة، وتشرف تلك الأروقة على صحن في الوسط أقيم في منتصف ضلعه الجنوبي ضريح أمام البوابة الجنوبية، كما أقيم ضريح آخر في الزاوية الجنوبية الشرقية، وهما ضريحان مربعان أقيمت عليهما قبتان، أما في الجهة الشرقية فتوجد بركة للماء إضافة إلى منارة المسجد المرتفعة والمزخرفة، حيث أنها بنيت بالآجر المحروق.
تعتبر زخارف مسجد “ظفار ذيبين” جمالاً وإبداعاً آخر، وهي زخارف انتشرت في معظم أجزاء الجدران الداخلية خاصة جدار القبلة والمحراب، وقد نفذت هذه الزخارف بالجص بأشكال زخرفية قوامها تفريعات ووريقات نباتية متداخلة إضافة إلى كتابات بالخط الكوفي، وعلاوة على ذلك فهناك زخارف الضريحين حيث زخرف الضريح الذي يقع في الصحن في المنطقة الانتقالية للقبة بزخارف هندسية وكتابات متداخلة بالخط الكوفي، أما الضريح الآخر فيعتبر تحفة معمارية رائعة بزخارفه في الجدران الداخلية والقبة فقد جمعت زخارفه ما بين زخارف نباتية وهندسية، وكتابات بالخط الكوفي وخط النسخ، وخطوط متداخلة، ولا ننسى أن سقف المسجد خاصة في رواق القبلة كان يحتوي على مصندقات خشبية مزخرفة بألوان مختلفة، أجملها لون مـاء الذهب، ويظهر من الخارج جمال المسجد بارتفاع مئذنته الجميلة المزخرفة إضافة إلى القبتين اللتين تعلوان الضريحين.
وكانت مدينة ظفار، من أهم مراكز العلم وهجره في شمال اليمن، وقد سكنها علماء دين مشهورون، وزاد من أهميتها وقوعها في وسط ثلاث قبائل، هي مرهبة من الشمال والغرب وأرحب من الجنوب، وسُفيان من الشرق، كما أن مؤسسها الإمام المنصور ” عبدالله بن حمزة ” كان مهتماً بنشر علوم المذهب الزيدي، وكان من أكبر علمائه ، فقد كان يُرسل إلى العراق من يقتني له الكتب النادرة شراءً أو استنساخاً، وعلى وجه الخصوص كتب المعتزلة التي كان لها اليد الطولى في حفظها وبقائها في اليمن حتى الزمن الراهن.