تربعت محافظة ذمار على عرش ألعاب القوى اليمنية حيث كان نجوم المحافظة يحصدون معظم القاب البطولات والمسابقات المحلية كما يحققون مراكز متقدمة في البطولات الإقليمية ويمكنهم أن يصلوا إلى العالمية لو توفر لهم القليل من الرعاية والدعم والتشجيع كما يتوفر لغيرهم من الأبطال الذين هم ربما اقل منهم في المستوى لكنهم ليسوا في اليمن وقد شهدت ألعاب القوى اليمنية منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي ظهور عدد كبير من اللاعبين المتميزين في ألعاب القوى وجلهم ينتمون إلى محافظة ذمار حيث كانت أندية المحافظة غالبا ما تحجز كافة المراكز المتقدمة في معظم البطولات المحلية كما كانت المنتخبات الوطنية لألعاب القوى تتشكل من لاعبي ذمار مع استثناءات قليلة وهذا التميز جعل عدداً من الأندية اليمنية تتجه إلى التعاقد مع لاعبي ذمار للمشاركة باسمها إلى درجة أن بعض المسابقات والبطولات المحلية كانت تشهد منافسات شديدة بين اندية الجمهورية ولكن بلاعبين كلهم أو معظمهم من ذمار.
طبعا هذا الكلام من باب الانصاف أولا والدخول في الموضوع الذي أريد من خلاله إيصال فكرة ورسالة إلى مسؤولي الرياضة في بلادنا عن أوضاع ألعاب القوى وما وصلت اليه من تدهور رغم أنها لا تحتاج إلى تلك الإمكانات الضخمة التي تتطلبها بعض الرياضات الأخرى ويمكن أن تحقق ألعاب القوى بلاعب واحد أو لاعبين وبدعم بسيط إنجازات للبلاد تعجز عن تحقيقها منتخبات أخرى تحتاج إلى إمكانات ربما لا نستطيع توفيرها وبالتالي يكون لنا موطئ قدم في سجلات الإنجازات في مختلف البطولات العالمية لهذه اللعبة كما تفعل دول اقل منا في سكانها وإمكاناتها وحتى في امتلاكها للمواهب والطاقات البشرية التي نمتلكها نحن كبعض الدول الأفريقية وبعض دول الخليج التي تعتمد على التجنيس بينما نحن لا نحتاج إلى ذلك فلدينا آلاف المواهب الذين يحتاجون إلى قليل من الاهتمام والرعاية والتشجيع ليحققوا لليمن الإنجازات التي تستحقها والأمر يتعلق بالنية والرغبة من قبل الجهات المسؤولة على الرياضة في البلد.
في حقيقة الأمر إن المسؤولية الأولى تقع على عاتق اتحاد اللعبة الذي لم يتمكن في أي فترة من الفترات من وضع الاستراتيجية المناسبة والخاصة بألعاب القوى اليمنية للاستفادة من الثروة البشرية الهائلة التي تمتلكها اليمن كما أن اللجنة الأولمبية تتحمل مسؤولية إزاء هذا الغياب والتقصير تجاه اللعبة بعد الاتحاد مباشرة لأنها انساقت وراء الاتحاد وسارت في نفس مساره ولم تكن لها رؤيتها الخاصة بها واكتفت ببرنامجها الضعيف للواعدين والذي لا يسمن أو يغني عن جوع وتحول إلى برنامج لقتل الواعدين -كما قلنا أكثر من مرة- والأكيد أن وزارة الشباب والرياضة تتحمل مسؤولية لكنها تأتي في المرتبة الثالثة لأنها ليست المسؤول المباشر على اللعبة لكنها وبحكم مسؤوليتها في الإشراف على الاتحادات لم تقم بواجبها المناط بها.
قبل عدة سنوات تم تأسيس مركز راوية لألعاب القوى في محافظة ذمار وتمت تسميته باسم نجم ألعاب القوى في المسافات القصيرة المرحوم احمد راوية، لكننا لم نسمع لهذا المركز أي إنجاز أو نشاط منذ انشائه واقتصر دوره على احتضان بعض معسكرات الاعداد للمنتخب بالاسم لأنه لا يحتوي على أي إمكانات أو دعم أو رعاية من أي كان.
اعتقد أن قيادة محافظة ذمار ومسؤولي الرياضة فيها يتحملون مسؤولية كبيرة جراء غياب ألعاب، القوى عن المشهد وانهيار هذا المركز الذي ربما كان بارقة أمل لإعداد وتأهيل نجوم اللعبة فهل يمكن أن تكون هناك التفاتة حقيقية من كل هذه الأطراف التي ذكرتها لوضع استراتيجية واضحة لألعاب القوى اليمنية وعلى أسس علمية تنطلق من محافظة ذمار ومن هذا المركز وتسخر الإمكانات المطلوبة واللازمة؟ واعتقد أننا نمتلك كوادر يمكنها القيام بذلك؟.