رفيقنا أيوب الصالحي وزميله أكرم حميد اللذان تخلى عنهما حزبهما الاشتراكي، يرزحان في المعتقلات السرية للجماعات الإرهابية منذ أكثر من ست سنوات.
لم يلتفت اليهما أحد في هذا البلد المتعدد العصابات.
وفدا صنعاء والسعودية والمرتزقة يلتقيان في جنيف من أجل قضية الأسرى؛ كل وفد قدم كشوفاته التي خلت من كل المخفيين بمن فيهم أيوب ورفيقه أكرم.
المخفيون ليس لهم بواك تندبهم، وليس لهم أحزاب تطالب بهم، نسيهم الجميع، لم يطالب بهم أحد.
سنوات من الوجع والحزن والقهر اجتاحت أمهات وأبناء وأحباب المخفيين قسرا.
أيوب الصالحي صاحب الدباب الأجرة؛ أول من خرج في ثورة ١١ فبراير، وكان دبابه رمز الصوتيات الثورية، لم يتذكره أحد، ولم يكن يتوقع أن يعتقله، ويخفية من يسمون أنفسهم – زورا – ثوارا.
أكرم حميد البسيط القادم من تهامة جندي الثورة الذي كان يعتقد إنه يحرس ممتلكات الشعب، كافأه اللصوص بالاعتقال والإخفاء القسري.
وإذا كان أيوب له زوجة وأولاد يصرخون باسمه في وجه العصابات، فإن أكرم ليس له إلا أم عجوز، عجزت وكلت دموعها عن الوصول إلى من يسمون أنفسهم سلطة القهر اليومي في تعز.
القضية إنسانية لا تقبل التجزئة، فلتحسبوا أيوب على أي طرف منكم، ولو أن المسؤولية تتحملها ما تسمى بالشرعية التي تقول إن أمور تعز تحت مسؤوليتها.
كلهم يتشدقون من الشرعية إلى الانتقالي إلى الإصلاح إلى غيرهم بعدم وجود سجون سرية، لكن الواقع يفضحهم.
وإذا كان لأسرى الحرب من يطالب بهم، وإقرار بوجودهم، وأماكن هذا الوجود، فإن المخفيين قسرا لا أحد يعرف أماكن إخفاهم، ولا من يتبنى قضيتهم، أو يتحمل مسؤولية تغييبهم، ولا توجد منظمات أو مجتمع دولي يضعهم في جدول أعماله، أو من يطرحهم على مائدة المفاوضات، وهنا تكمن الكارثة بوضع المخفيين خارج الحياة، وموتهم اجتماعيا، ودفنهم تحت الأرض أحياء بتواطؤ الجميع على جعل هذه الجريمة في الزوايا المنسية وخارج التعاطي والاهتمام، كما يقول زميلنا خالد يلمان الذي ضاق به الوطن، فقرر اللجوء في بلاد الله.
أتصور إن صفقة اطلاق كلهم مقابل كلهم بمن فيهم المختطفون والمخفيون قسرا هي الأكثر معقولية ومصداقية.
وجه ابن المختطف المغيب أيوب الصالحي أكثر من رسالة إلى العالم ومنظماته، والى قيادة حزب الإصلاح يطالب الجميع بإطلاق سراح والده، لكن لم يرجع اليه غير صدى كلماته والحسرات من قوى سياسية وثورية خذلته كما خذلت والده.
المشكلة إن سلطة الأمر الواقع في شارع جمال المسؤولة عن اختطافه وسرقة سيارته لم تعترف حتى بعد هذه المدة بوجوده، فهي تارة تسرب أخبارا إن أيوب قتله تنظيم القاعدة القاعدة، وأخرى تنكر وجوده في معتقلتها على الإطلاق.
والكارثة أن مجموعة من الرهط المحسوبين على الاشتراكي في تعز ما سموه مصالحة؛ مضمونها تبرئة القتلة والمجرمين وإدانة الضحايا.
وبدلا من المطالبة بالقبض على المجرمين وتقديمهم إلى العدالة يقدمون لهم مكافأة بحمايتهم، وأن تقوم ما يسمونها بالدولة بتقديم الديات لأولياء دم للضحايا، إنها لمهزلة ورب الكعبة يخوض فيها صبيان محسوبان على الاشتراكي، يقومان بخدمة من يدفع لها مقابل تلك الخدمات.
يا هؤلاء قليل من الحياء.
لا تتاجروا بدم الشهداء، ولا بآلام الضحايا، ولا تلوثوا تاريخ الاشتراكي، فأنتم تخصمون من تاريخ الحزب، ولم تقدموا شيئا يُذكر بكم، حتى الآن. ولا يوجد في قاموسكم غير الفضائح التي تقترفونها كل يوم. لم تقدموا بين يدي أيوب وأكرم، حتى وقفة احتجاجية في يوم من الأيام.
وقالوا في الأمثال إذا لم تستح فافعل ما شئت !!