الثورة / عبدالرحمن عبدالله
في مثل هذا اليوم قبل ثمانية أعوام، وبعد منتصف ليل السادس والعشرين مارس 2015، استيقظ اليمنيون على دوي الانفجارات الناتجة عن الغارات الجوية التي بدأها تحالف العدوان للتو غدراً، في الوقت نفسه كان السفير السعودي لدى واشنطن حينذاك عادل الجبير يخبر العالم باللغة الإنجليزية ومن العاصمة الأمريكية واشنطن بأن السعودية و17 دولة، تشن حرباً على اليمن أسماها «عاصفة الحزم»، محدداً أهداف الحرب، بإعادة هادي، وتدمير الصواريخ والأسلحة، والقضاء على أنصار الله.
واليوم تستكمل الحرب العدوانية اليوم ثمانية أعوام منذ بدأت على اليمن، خلالها انكشفت حقائق كثيرة جرى التضليل بشأنها، فمن الأهداف المعلنة التي كانت مجرد أكاذيب واهية، إلى حقيقة الحرب وطبيعتها ومن يقف وراءها، إلى الفشل الذي منيت به دول العدوان الـ17 التي تحالفت ليل السادس والعشرين من مارس 2015 بقيادة أمريكا في شن الحرب على اليمن، إلى الجرائم والمذابح المروعة التي ارتكبت بحق اليمنيين، إلى التجويع المميت الذي فرضه العدوان على اليمنيين جميعاً.
واستناداً إلى الذرائع والأهداف التي أعلنها العدوان، فإن أياً منها لا يبرر حرباً إجرامية غادرة بما فعلته من أهوال وجرائم ومذابح وتجويع وسحق للحياة العامة لكافة اليمنيين، وإذا كانت الحرب الإجرامية هدفت إلى تدمير السلاح، فقد تضاعفت الأسلحة اليمنية أضعافاً مضاعفة، وإذا كان هدفها الحقيقي هو احتلال اليمن والسيطرة عليه، فقد فشلت واستحالت هذه الأهداف، وإذا كان هدفها هو إعادة هادي إلى صنعاء فقد زجت به السعودية قبل عام إلى سجن مخفي، ونصبت بدلا عنه عميلا آخر، كل التفسيرات لا تقدم إجابة على الأسئلة التي تواجه تحالف العدوان اليوم.
وفي تبرير الحرب روجت دول العدوان بأن الحرب جاءت استجابة لنداء الرئيس المعترف به دوليا والذي بات اليوم في سجون التحالف العدواني ذاته، كما أن هادي نفسه الذي اُستخدم يافطة إعلامية للحرب الإجرامية أخبر صحفياً في مقابلة تلفزيونية بأنه لم يكن يعلم بعاصفة الحزم إلا بعد وقوعها.
ولإسقاط هذا التبرير الدعائي للحرب الإجرامية، فإن هادي الذي اختاره المجتمع الدولي بقيادة أمريكا والأمم المتحدة والسعودية، ليكون رئيساً في نهاية 2011م، كان من المفترض أن يكون مجرد رئيس مؤقت، رئيس انتقالي يشغل مقعد الرئاسة خلال عامين، وحتى اختياره جرى بطريقة هزلية ، بل إن ورقة الانتخاب كانت تحوي فقط اسمه دون وجود خيارٍ للتصويت بـ”لا”، ثم جرى تم تمديد رئاسته في فبراير 2014 لعامٍ ثالث وبدون تصويت، انتهت الفترة في فبراير 2015، ثم استقال هادي في النهاية، وهرب إلى عدن ثم تراجع عن استقالته وهو الذي انتهت فترته أساسا، وقبل أن يهرب إلى السعودية بدأت الحرب الإجرامية على اليمن بدعوى إعادته رئيسا، في مارس 2015، وتبقى مسألة امتلاك المرتزق هادي للشرعية اللازمة لدعوة قوات أجنبية إلى شن حرب على اليمن مسألة غير مبررة وحتى لو كان شرعيا وهو المشكوك أساسا في شرعيته، فلا يستطيع أن يبيح بلدا كاملا لقوات أجنبية.
أبقت دول العدوان هادي ليؤدي دور الكومبارس، من إحدى فنادق الرياض طيلة السنوات الماضية، وحتى أبريل من العام المنصرم أجبر هادي نفسه على الاستقالة من منصبه الوهمي التبريري للحرب العدوانية، وزج به إلى السجن، وأعلن من الرياض بأن هادي قد فوض صلاحياته إلى العليمي، وكأن هادي يمتلك الشرعية لنفسه، حتى يفوض شخصا آخر للقيام بمنصبه، وهكذا خيطت دول العدوان ذريعة الشرعية لتبرير الحرب الإجرامية، وهكذا بدأ تحالف العدوان بقيادة أمريكا في شن الحرب الإجرامية على اليمن، ومحاصرتها وتجويع سكانها، بمبرر دعم الرئيس والحكومة المعترف بها.
حاولت دول العدوان، إلى الإشارة بأنَّ جرائمها تحظى بتأييدٍ حاسمٍ من جانب جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وأن الحرب بهدف مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة، لكن السعودية وقعت هذا الشهر اتفاقا مع إيران يقضي بإعادة العلاقات وفتح السفارات، فيما الحرب على اليمن مستمرة.
كل الذرائع والعناوين لا تبرر قصفا جويا بأكثر من نصف مليون غارة، قتل فيها عشرات الآلاف ودمرت فيها البنى والمدن والقرى، ولا تبرر محاصرة أكثر من ثلاثين مليون إنسان وتجويعهم، ومن الصعب أن تجيب الإدارة الأمريكية والسعودية وكل دول تحالف العدوان على الأسئلة الأخلاقية التي تواجهها بعد ثمانية أعوام؟
إن حرباً جوية تحالفت فيها أمريكا والسعودية والإمارات و17 دولة، على واحدة من أفقر البلدان في العالم، كما أن فرض حصار شامل على بلد يعتمد على الواردات بشكل أساسي من الوقود والغذاء والدواء والقمح والاحتياجات الضرورية، لا تبررها ادعاءات كاذبة وعناوين دعائية.
من الصعبِ على تحالف العدوان اليوم أن يبرر حربه الإجرامية وحصاره الغاشم، ومع انكشاف أهدافه من احتلال المهرة وحضرموت وشبوة ومناطق الثروة في اليمن والتي كانت بعيدة عن أي جبهات قتال، فإن الأهداف الحقيقة للحرب والحصار واضحة.
وما لمْ تكن الإدارة الأمريكية التي تقود الحرب والحصار على اليمن، قد توصلت إلى نتيجة حاسمة بشأن إنهاء العدوان ورفع الحصار وسحب الجيوش الغازية، فإن عليهم انتظار الارتدادات غير الطيبة على مصالحها وعلى حلفائها وأدواتها الإقليمية.. وما بعد ثمانية أعوام سيختلف عما قبله.. والله غالب على أمره.