العدو استخدم كل وسائل الاستهداف العسكري والاقتصادي على مدى 8 سنوات: الشعب اليمني بصموده الإعجازي فضح الأهداف الحقيقية لتحالف العدوان السعودي الأمريكي

 

الثورة / حمدي دوبلة
تعددت أشكال ووسائل العدوان الوحشي على اليمن ولم يقتصر الأمر على الاستهداف العسكري المباشر للمدنيين والبنى التحتية لليمن بالصواريخ والطائرات ومئات الآلاف من الغارات التي أتت على المعالم المدنية وأحالتها طيلة الثماني السنوات الماضية إلى أطلال وخرابات وخلفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى بل كان مصحوبا بحصار شامل وحرب اقتصادية شرسة تجلت من خلال عدة اجراءات كان من أبرزها قرار سلطات المرتزقة بتوجيهات من تحالف العدوان بنقل البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى عدن.
كل ذلك كشف زيف ادعاءات التحالف العدواني ومبررات حربه على اليمن ووضع حدا لأكذوبة إعادة الشرعية والحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن وأبان الكثير من الأهداف المضمرة المغلفة بشعارات بشعارات ومزاعم هدفها تزييف حقائق جرائم الحرب بحق الشعب اليمني للرأي العام العالمي.
تجلت من خلال قرار نقل البنك المركزي إلى عدن المؤامرة الأمريكية لتدمير الاقتصاد اليمني ومضاعفة معاناة الشعب بشكل واضح.

أهداف العدوان
تجلت أهداف الحرب العدوانية التي كان إعلانها في الـ 26مارس 2015من واشنطن، واتضح للقاصي والداني بأنها ليست عملية عسكرية خاطفة لإعادة الشرعية- كما كان يصوره الإعلام الموالي «للتحالف» بل كانت اقتصادية بحتة، حيث استهدفت الغارات الجوية لطيران العدوان كل موانئ ومطارات ومنافذ اليمن ومقدراتها الصناعية وحركتها التجارية، عبر خنق الصادرات والواردات عن أكثر من 30 مليون نسمة.
ومع استمرار تماسك الاقتصاد اليمني ومؤسسات الدولة الإدارية والإنتاجية خلال الأشهر الـ18 الأولى من الحرب، انكسرت تلك الصورة الوهمية لنظرية السيطرة الكاملة على الموارد الكامنة والموقع الاستراتيجي للبلاد- التي طحنتها الأزمات والصراعات عبر حرب لا تتجاوز أسبوعاً- كما كان الاعداء يعتقدون فبدأوا مرحلة علنية من استخدام الورقة الاقتصادية وبتخطيط أمريكي بحت.
سعت واشنطن علنياً لفرض اشتراطات تضمن ديمومة حضورها في القرار اليمني، وتبعاً لذلك في ثروات البلاد، وعندما وصلت إلى طريق مسدود، لوح سفيرها بورقة الاقتصاد، مهدداً بإيصال العملة اليمنية إلى مستوى لا تساوي قيمة الحبر الذي طبعت به، في حال عدم قبول وفد حكومة صنعاء المفاوض في الكويت منتصف عام 2016.
قرار نقل عمليات البنك المركزي، الذي أعلن أمام الأمم المتحدة في الـ15 من سبتمبر 2016، كان قراراً غير شرعي، دستورياً وقانونياً وسيادياً، فالتهديد الأميركي الصريح للعملة اليمنية يعد تدخلاً سافراً في سيادة البلاد المالية والبنكية، وكان كفيلاً بنسف مشروعية ذلك القرار، فضلاً عن انتفاء شرعية من أصدره وهو الرئيس هادي المستقيل والمنتهية ولايته الدستورية والقانونية والسياسية منذ 21 فبراير 2014.

الآثار والتداعيات
كانت أول التداعيات الكارثية لقرار نقل وظائف أو عمليات البنك المركزي إلى عدن، انقطاع الرواتب عن 1.25 مليون موظف حكومي يعيلون- وفق الدراسات السكانية- ما نسبته 35% من سكان اليمن، ما أحدث عجزاً كبيراً في دخل الأسر المعتمدة على الرواتب جعلها غير قادرة على توفير الغذاء والدواء وغيرها من وسائل العيش الضرورية، بعد أن ظل البنك المركزي يسلم الرواتب من صنعاء لكافة الموظفين على مدى 18 شهراً من الحرب والحصار.
وبما أن العملة الوطنية كانت هي الهدف الرئيس من قرار نقل البنك الذي جاء ترجمة لتهديدات السفير الأمريكي، فإنها كانت الأكثر تضرراً بفعل الممارسات غير القانونية التي تلت قرار النقل، حيث اتجهت الحكومة المعترف بها دولياً لطباعة ما يقارب تريليوني ريال يمني من العملة الجديدة غير القانونية والمزيفة، وإغراق السوق بدفعات مليارية منها، مثلت عاملاً حاسماً في زيادة التضخم النقدي في مناطق سيطرة التحالف.
وتبعاً لتلك الممارسات انهارت قيمة الريال اليمني أمام العملات الصعبة من 250 ريالاً للدولار الواحد قبل القرار في سبتمبر 2016م إلى قرابة 1750 في نوفمبر 2021م، في مناطق سيطرة التحالف، وانهارت معه القيمة النقدية لمدخرات المواطنين مصيبة قدراتهم الشرائية في مقتل، بينما استقر سعر الدولار في مناطق حكومة صنعاء عند 600 ريال للدولار، بفضل قرار البنك المركزي بصنعاء منع تداول العملة غير القانونية في تلك المناطق.
الأخطر في القرار المدعوم من الإدارة الأمريكية كما يقول خبراء اقتصاديون ، أنه ترجم إرادة التحالف في عزل الإيرادات النفطية والغازية عن المركز، ليسهل له السيطرة عليها وتوريدها إلى البنك الأهلي السعودي، وتزامن مع ذلك فساد مستشرٍ في الحكومة المعترف بها دولياً وبنكها المركزي، طال احتياطيات البنك من الودائع الأجنبية التي جرى تبديدها إلى جانب تبديد الأرصدة اليمنية في الخارج من العملة الصعبة التي مُنحت الحكومة المعترف بها دولياً حق التصرف بها، بتواطؤ من واشنطن ومؤسسات النقد الدولي التابعة لها.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن تداعيات قرار نقل وظائف البنك المركزي لم تتوقف عند ذلك الحد، بل تجاوزته إلى التسبب في مراكمة المديونية المستحقة للغير على اليمن، فخلال سبتمبر 2016 إلى نهاية يونيو 2022 شهد الدين العام (الداخلي والخارجي) تصاعداً مستمراً ليصل إلى مستوى عالٍ غير مسبوق في تاريخه، حيث شهد الدين العام الداخلي بصفة عامة تطورات متسارعة بلغت معها قيمته الإجمالية نحو 3.449 تريليون ريال يمني. وفق تقرير البنك المركزي بعدن النصف سنوي الصادر مؤخراً عن الفترة (يناير – يونيو 2022).

أسوأ كارثة إنسانية
العدوان الغاشم والحصار والحرب الاقتصادية المتواصلة على اليمن منذ ثماني سنوات خلفت أزمة اقتصادية بكل المقاييس وأدت بحسب الأمم المتحدة إلى أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم في العصر الحديث، ومن المعلوم بأن الاقتصاد اليمني واجه كماً من المتغيرات السياسية والأمنية والتشريعية والتي كانت لها انعكاساتها المباشرة في رسم ملامح الاقتصاد في المرحلة الراهنة، حيث يمر الاقتصاد اليمني بعدوان وحصار اقتصادي غاشم أوهن قواه الحية وأضعف قدراته الإنتاجية وبدد طاقاته المادية والمالية والبشرية،ويقول خبراء اقتصاديون بأن استهداف دول العدوان للاقتصاد الوطني بشكل مباشر وغير مباشر أدى إلى تدهور حاد وعدم استقرار في الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية وأفضت إلى خسائر وتكاليف اقتصادية جسيمة ترتب على ذلك بروز عدد من الأزمات حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة (48 %) وبالتزامن مع ارتفاع المستوى العام للأسعار والذي اثر في انخفاض متوسط دخل الفرد بحوالي (68 %) أي أن الأفراد خسروا ما يعادل من ثلثي دخولهم وأدى ذلك إلى ارتفاع مستوى البطالة إلى ما يتجاوز (60 %) وأيضا أثر استمرار العدوان والحصار الاقتصادي وتداعياتهما على مدى ثماني سنوات بشكل أو بآخر على أداء الاقتصاد القومي وعمَّق من تدهور الأوضاع الاقتصادية الذي دفع بالكثير من السكان إلى دائرة الفقر والحرمان.

الصمود اليمني
الشعب اليمني أدرك الاهداف الحقيقية للعدوان منذ وقت مبكر لذلك ابدى التحاما وتماسكا منقطع النظير مع قيادته الثورية والسياسية وقد أدى ذلك الصمود من قبل الشعب والقيادة إلى انكشاف وفشل المشروع الامريكي للسيطرة على المنطقة وكان لليمن شرف كشف حقيقة أمريكا ونواياها الخبيثة في السعي لاحتلال اليمن ونهب ثرواتها الاقتصادية وأسقط الأقنعة المزيفة التي تدعي بها أمريكا من الأمن والسلام وهي تقدم الدعم الكبير للجماعات الإرهابية وتسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار بين الشعوب لغرض تنفيذ أهدافها الاستعمارية.
وها هي أمريكا وأدواتها اليوم تترنح وتتقهقر أمام صمود ووعي وثبات الشعب اليمني والقيادات الحكيمة التي أكدت منذ اليوم الأول للعدوان وإلى اللحظة بأن على الأمريكي وأدواته الرحيل من أرض اليمن ولابد أن يكون ذلك سلما أو حربا .

قد يعجبك ايضا