تعد الكلمة الطيبة عنواناً بارزاً للرزانة والرصانة والثقة بالنفس متى وحيثما وضعها الشخص في واقع حياته، وخاصة حين توجه لمن تنعدم معه وفيه صفات الذوق العام وأخلاقيات التعامل مع الآخرين «الذربة» مثلاً، فحتى لو تٓطلب الأمر شيئاً من الحزم مع بعض العينات البشرية في بعض المواقف إلا أن الكلمة الطيبة لا شك لها أثر كبير ومردود إيجابي يضفي على أي موقف من مواقف الحياة، قال تعالى : “مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ » صدق الله العظيم، ولذا حين نتأمل في معاني الآية الكريمة نجدها غاية في الوضوح والفهم، مما يحث الناس على دوام تبني الكلمة الطيبة والابتعاد عن النقيض «الكلمة الخبيثة» في جل تعاملاتهم ومواقفهم فيما بينهم، لما لها من آثار نفسية ومعنوية عجيبة إما بالإيجاب للطيبة أو السلب للخبيثة رغم كونها «كلمة»، وكما يقال في المثل الصنعاني :» الكلمة (الحالية/الطيبة) تكسر العودي اليابس».
لو نظرنا أن الرجل يتزوج المرأة في الإسلام ويتملكها فتصبح زوجة له على سنة الله ورسوله «بكلمه زوجتني» وبالقبول من ولي المرأة «بكلمة زوجتك أو وأنا قبلت»، وهو بالمقابل حين يتركها لحال سبيلها «بكلمة الطلاق» حيث تعتبر كلمة الطلاق أبغض الحلال إلى الله ، ولذا ومن خلال هذا نكتشف أثر الكلمة في حياة الناس، والذي يدعونا للقول :»كم من العوالم البشرية الماضية والحاضرة التي تذوقت المر بسبب كلمة، وكذا كم هي تلك التي نالت العزة والمكانة العالية بسبب كلمة ؟!!!».
والفرق بين تلكما الكلمتين هو أنهما كانتا إما حاملتين لمعان طيبة أو معانٍ خبيثة، وهنا وبين الكلمتين تختلف الأحداث العاقبة لكليهما، سواء على مستوى واقع الفرد أو الجماعة، فقد يتبنى الأخ كلمة طيبة مع أخيه فيدوم الود والإخاء وكذا الزوج مع زوجته والصديق مع صديقه والجار مع جاره والمجتمع مع المجتمع الآخر، قال تعالى : “هو الذي جاء بالصدق وصدَّق به” صدق الله العظيم، أي أن الآية توضح بشكل ميسر ودقيق أن ما جاء به رسول الله محمد «صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله» وعلم أمته وحثهم عليه، إنما كان هو الصدق الذي لا يحتمل اللبس والزيغ عبر كلمة طيبة استقبلها من ربه بصدق فصدق بها وبلغ أمته بصدق عنها متبنياً الكلمة الطيبة فصار أثرها وتحقق مرادها في واقع البشرية جمعاء إلا من أبى من كفار ومشركين، لأن المتأمل للآية الكريمة يجدها جاءت بأدق تفصيل في كيفية الدعوة إلى الله بكلمة طيبة مختصرة ومفيدة تمثلت بالصدق والتصديق ولا تزيد ولا تنقص من كثر الكلام وقله، ولكن بأسلوب معبر عنه كمعادلة «واحد اثنين»، ومن أراد أن يؤمن بالصدق ويصدق به وإلا فلا ضير، وكل واحد سيلقى الله، وهكذا تكون الكلمة الطيبة صادقة ومنبعثة من القلب إلى القلب بلا مجال للمزايدة فيها والجدال والتأويل الممل المنفر غالباً.
هناك مواقف حياتية جمة وملحة تستدعي من الناس تبني الكلمة الطيبة فيما بينهم مهما كانت الظروف والأحوال، لأن الكلمة الطيبة باعتقادي هي السبيل الأوحد لحل الكثير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية والعسكرية التي باتت مشاكل وإشكاليات تنخر في شتى مسارات الحياة لكل المجتمعات البشرية بلا استثناء والتي يمكن حلها بالكلمة الطيبة والابتعاد عن النقيض منها، وهو الأمر الذي يمكن تبنيه تجاه العنجهيات والمماطلات والتعقيدات التي تنتهجها كثير من الأنظمة والحكومات على حساب شعوب ومجتمعات مستضعفة، كما هو الشأن الفلسطيني مع الكيان الإسرائيلي المؤقت والشأن الإيراني مع الغرب المتحامل والمتآمر عليه بلا سبب يخوّل لهم ذلك إلا أنها قضية يتلاعب بها وفق سياسة عبرية صهيونية ماسونية خبيثة تستغل صراع الروس والغرب ليزجوا بإيران في وحل حقدهم وصراعهم، رغم حنكة إيران الواضحة في التعامل مع هفوات مراهقين السياسة الغربية، كما هو الشأن اليمني أيضاً مع شلة التحالف «السعوأمريكي»، الأمر الذي حتى ولو ظن الجانب الآخر أن الكلمة الطيبة منا له ضعف إلا أنها قوة كون الكلمة الطيبة تعني الدعوة للتعقل وتحكيم العقل وليس معناه تنازلاً عن القضية، وشتان بين العُقَّال والمراهقين حين التعامل مع كلام الرجال.
،،ولله عاقبة الأمور،،.