لم يكن يتوقع أحد منهم ما الذي سيحدث لهم..
لم تكن ليلة عادية ربما القلق أو الاطمئنان كان هو السائد..
هناك قصص وأحاديث طويت مع من قضوا نحبهم وهناك قصص ستروى من أقاربهم الذين تواصل معهم الضحايا تلك الليلة..
تخيلوا أحياء بكل من فيها من المساكن والسكان تصبح مع ضوء الفجر في خبر كان… آلاف المساكن بمن فيها من السكان تنهار فجأة…
الناس والأطفال والشيوخ والرجال الشباب والشابات، الأرامل والثكالى والحوامل والأطفال الرضع، كلهم تحت الأنقاض.. منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر بصيص أمل، لعلها منحة ربانية وانبعاث من تحت الركام..
الصراخ والأنين يملأ الأمكنة والشوارع يلفها الحزن والأسى لمن قضوا في الزلزال الذي دمر مناطق في شمال سوريا وجنوب تركيا.
يا إلهي ماذا حدث لهؤلاء؟ وماذا سيحدث بعد كل هذا؟ ولا راد لقضائك.. ولكن نسألك اللطف فأنت أرحم بهم منا فإنهم عبادك ولا احد يعلم منا ماذا تخبئ لهم ولماذا اخترتهم دون غيرهم وما الحكمة بمن أبقيت وأجلت واستثنيت..
الصور والمقاطع التي شاهدناها، نقلت مشاهد مرعبة تحكي ألف قصة وقصة للحظات ما قبل وما بعد الانهيار..
من الضحايا من تكسرت وتهشمت أجسادهم وأضلاعهم.. تحت الأنقاض تتعالى الصيحات والتكبيرات..
كيف تتداخل الدموع والأحزان والبكاء والنحيب والأنين.. الخوف والرجاء، الموت والحياة، ما أصعب الكلام وكيف يمكن للخيال والمفردات أن تحكي ما حدث..
فهذا يصرخ انقذوني وآخر يلفظ أنفاسه ويتمتم بالشهادة..
وطفل وطفلة يناديان عمو عمو نحن هنا عالقون بين بقايا حديد الأعمدة والجسور وآخرون بين أثاث وأخشاب مساكنهم المنهارة….
وماذا عن الذين لم تصل إليهم فرق الإنقاذ بعد.. فلا ماء ولا هواء ولا غذاء؟..
بعضهم ينادي البعض الآخر ولا مجال لأن يساعد أحدهم الآخر، فالحواجز تحول دون الرؤية أحيانا ودون الوصول أحياناً أخرى ..
أيها العالم المتحضر.. ماذا بوسعك أن تقدم لمن تبقى منهم من مد يد العون والنجدة؟..
مع كل لحظة وخطأ انقاذي يموت آخرون وتتفاقم المعاناة وتتصاعد أرقام الضحايا.. ومع تأخر عمليات الإنقاذ تتضاءل فرص النجاة..
وليس بيدنا في اليمن المنكوب والمحاصر والمكلوم ما يمكن أن نقدمه سوى مشاعر الحزن والدموع والألم.. ومشاعر يلفها الأسى..
نحن هنا في اليمن المكلوم عشنا ونعيش تلك اللحظات ولكنه تدمير وزلزال متعمد من الغزاة والأشرار للمساكن والسكان بمن فيها من الأطفال والنساء والشيوخ..
برعاية من العالم المنافق المتزلف الذي يتباكى اليوم على ضحايا الزلزال الرباني في سوريا وتركيا..
فأي مجتمع دولي هذا الذي تسيِّره إرادة أمريكا وبريطانيا ومن لف لفهما من العالم المنافق المتخاذل اليوم مع ضحايا سوريا المحاصرة والمنكوبة..
نحن هنا في اليمن نعيش أوضاعاً مشابهة من الأحزان والآلام نتيجة آثار وتداعيات العدوان والحصار والموت البطيء الذي يغتال شعباً بأكمله على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي الذي رهن ضميره وإنسانيته خلف استار المال المدنس..
وهل صور ومشاهد القتل والدمار والمجازر التي ارتكبها تحالف العدوان ما تزال عالقة في أذهان المجتمع الدولي؟ أم أنها طويت في عالم النسيان ومخالفة لقواعد النشر في وسائل الإعلام المتحضر المتجرد من إنسانيته في آن معاً؟..