فلسطين وحال الأمة قُطريا وقومياً.. (11)

طه العامري..

 

 

علي خلفية ما سبق من القول، تم وبرعاية نظام آل سعود تكريس مصطلح (الصراع السني.. الشيعي) لتتحول (إيران) إلى عدو لبعض العرب بدلاً من (العدو الصهيوني) الذي تم التسويق له كصديق وحليف إستراتيجي لبعض الأنظمة العربية ومنها وفي مقدمتها نظام ( آل سعود) ، ليبدأ هذا الصراع من داخل مجتمع هذا النظام الذي انقلب بداية على ثوابت قيامه برعاية بريطانيا حيث نصت اتفاقية انضمام المنطقة الشرقية التي تتكون من (الإحساء والقطيف والدمام والجبيل والخبر والظهران) وهي المناطق الغنية بالثروة النفطية، ونصت اتفاقية انضمامها لنظام آل سعود على أن تبقى إمارة هذه المنطقة بيد أسرة (آل جلوي) حتى قيام الساعة، وظل هذا الاتفاق ساريا حتى قيام الثورة الإيرانية وتفجر الحرب مع العراق فأقدم( نظام آل سعود) على خرق هذا الاتفاق وأزاح عن إمارة الشرقية محمد بن جلوي وأسرته وعين( الملك فهد نجله محمد بن فهد) ، ثم راح نظام آل سعود يعامل أبناء تلك المنطقة كمواطنين من الدرجة الثالثة، وأي تذمر كان يبديه أبناء تلك المناطق تعبيرا عن حقهم بالمواطنة ورفض الإجراءات الاستثنائية التي تتخذ من قبل النظام بحقهم، سرعان ما كان نظام آل سعود يلقي بمسؤوليتها على (طهران) ومشككا بوطنية مواطنيه وانتمائهم ..!! وتزامنا مع هذه السلوكيات، بدأت المطالب الخليجية (بالجزر الإماراتية) ، ثم حدثت حادثة (جهيمان العتيبي) كتعبير احتجاجي من أبناء نجد والحجاز وتعبيرا عن صراع بدأ في أوساط النظام وبين أقطابه، غير أن النظام أخمد وبطريقة دموية حركة (جهيمان) واستعان بنخبة من قوات (المارينز الأمريكي) الذين دنسوا الحرم وأبادوا كل من تحصن فيه من أتباع (جهيمان) ويقال إن تلك الحادثة دفع ثمنها (الملك خالد) الذي تم تصفيته على يد( ابنه فهد) وقد حمّل النظام السعودي مسؤوليتها على إيران…؟!
وهكذا راحت كرة الثلج تتدحرج والأزمات تتفاقم وأمريكا تخطط ونظام آل سعود ينفذ..؟! في المقابل راحت غيرة آل سعود تظهر على (عرب الأهواز) الذين لم يحضروا في ذاكرة هذا النظام منذ تأسيسه..!!
سلوكيات تم توظيفها لحشد الوعي العربي ضد إيران والثورة الإيرانية، خلال الحرب مع العراق، ومع إخفاق هذا المخطط كان البديل إسقاط النظام العراقي بهويته القومية وتفجير الصراعات الطائفية والمذهبية في أوساط المكونات الاجتماعية العراقية باعتبار العراق أكثر من مؤهل لمثل هذا الصراع على خلفية تركيبته الاجتماعية وتعدد شرائحه ناهيكم أن أول من دعم وساند( الانفصاليين الأكراد) كان هما النظامان (السعودي والصهيوني)، وظلت علاقة النظامين بأكراد العراق تتطور حتى اليوم..؟!
بعد إسقاط النظام في العراق على يد الاحتلال الأمريكي والبريطاني، كان النظامان الصهيوني والسعودي أكثر الأنظمة حماسا لتقسيم الجغرافية العراقية وقيام (ثلاث دويلات على جغرافيته، فتقام دولة كردية في شماله، وأخرى شيعية في جنوبه، وفي الوسط دولة سنية) وهذا كان مشروع الحاكم الأمريكي (بريمر) والنظام السعودي ممثلا بالأمير بندر بن سلطان وشاءت الأقدار أن تقف إيران وسوريا ضد هذا المشروع ثم المقاومة العراقية وبطولتها، بل إن بريطانيا الدولة الاستعمارية التي قسمت الوطن العربي ورسمت حدوده وعينت غالبية حكامه وقفت ضد هذا المشروع محذرة أمريكا ونظام آل سعود من مغبة المضي بهذا المشروع الذي سينقلب عليهم وعلى مصالحهم..؟!
كثيرة هي الأدوار التآمرية القذرة التي قام بها ومارسها نظام آل سعود بحق الأمة العربية وهويتها القومية وبحق القضية الفلسطينية، وأيضا بحق الإسلام والمسلمين، أدوار قام بها هذا النظام في خدمة الاستعمار والصهيونية، ولايزل يمارس هذا الدور التآمري سرا وعلانية، حتى أن فكرة إيجاد هذا( النظام السعودي) في أجندة القوى الاستعمارية كان الأهم، وكانت له الأولوية من فكرة إيجاد (الكيان الصهيوني) ، لأهمية الدور الوظيفي، الذي سيقوم به لاحقا في خدمتهم وتسهيل مهمتهم الاستعمارية في استلاب وتدجين الوعي الجمعي العربي وتمزيق خياراته ومبادئه وإشغاله في قضايا ترفية وأنماط سلوكية مجردة من كل قيم الهوية والانتماء والسلوك الطبيعي المعبر عن الشخصية العربية _الإسلامية السوية، وهذا ما حدث فعلا ويحدث حتى اليوم ..؟!
يتبع..

قد يعجبك ايضا