عن ” الصيد والتفحيط” في اليمن

يكتبها اليوم / عباس السيد

 

 

مثل عجوز تحاول إخفاء تأثير الزمن على وجهها بالمساحيق والألوان ، يبذل عملاء تحالف العدوان ومرتزقته كل ما في وسعهم لتمديد فترة عمالتهم والمحافظة على رغبة وثقة الحليف السعودي والإماراتي .
بعض قيادات المرتزقة تنكروا لهويتهم اليمنية ، واستبدلوها بـ «الجنوبية »، ارتدوا الغترة والعقال ، وعلى ملابسهم خصصوا مساحات دعائية يلصقون عليها أعلام دول العدوان وصور قادتها، وشربوا بول البعير ..
كل ذلك لم يشفع لهم ، حتى وإن شربوا بول الأمير ، لأن رغبة التجديد و الاستبدال والركض لاقتناء كل جديد تشكل هوساً بالنسبة للسعودي والإماراتي ، فلديهم من فائض المال ما يلبي كل رغباتهم المعيشية والسياسية ، من التفحيط في شوارع المدن إلى التطبيع في شوارع السياسة .
وما يجري في محافظاتنا المحتلة من فوضى وعدم استقرار هو انعكاس للسلوك السعودي الإماراتي الذي يتجسد في تكرار عمليات التجديد والاستبدال لعملائها ومرتزقتها ، من قيادات ما تسمى «الشرعية « وقيادات المليشيات إلى قادة تنظيم القاعدة .
عمليات التجديد لا تقتصر على الشخصيات ، بل حتى المليشيات التي ينفقون مئات الملايين لإنشائها ، يتم تجديدها واستبدالها ، وكأنهم يطورون حظيرة لتفقيس الدواجن .
فنسمع مثلا عن « جيش وطني ، وعن حماة الجمهورية، وعن مقاومة وطنية وأخرى تهامية ويافعية وعن ألوية اليمن السعيد ، وعن عمالقة وأقزام »، سمعنا عن مليشيات باسم « نخبة شبوانية ، ثم قوات دفاع شبوة »، عن « نخبة حضرمية ، ثم حلف حضرموت » عن أحزمة أمنية ، ثم عن مليشيات « درع الوطن» ، وهي آخر صرعة سعودية في سوق المليشيات في المناطق المحتلة .
وإذا ما حاولنا البحث « بتجرد » في أسباب العبث والفوضى السائدة في المناطق اليمنية المحتلة منذ ثماني سنوات، سنرى أن هناك أسباباً عدة ، منها : أن السعوديين والإماراتيين لا يستخدمون عقولهم لإدارة مخططاتهم السياسية وتحقيق «طموحاتهم الاستعمارية » في اليمن والمنطقة العربية ، بل إنهم يعتمدون فقط على سيل من الأموال التي جرفت في طريقها الدين والسياسة والقومية والعروبة والثقافة والفن .
وهنا نُذكِّر بمقولة وزير الخارجية القطري السابق ، حمد بن جبر آل ثاني ، أواخر 2017م، الذي قال : « احنا تهاوشنا على الصيدة ، وفلتت الصيدة واحنا قاعدين نتهاوش عليها «، وقد كان يشير إلى نتائج تورط بلاده إلى جانب السعودية والإمارات في الحرب على سوريا .
قد تنجح استراتيجية «البترودولار» في بعض الجوانب ، كما في حالة الفنانين العرب الذين تحولوا في إطار موجة التجديد إلى طبالين في البلاط الملكي والأميري ، وتحولت الرياض ودبي إلى عواصم فنية بدلا عن بيروت والقاهرة ، كما أستبدل لقب «معشوق الجماهير» بـ « معشوق تركي آل الشيخ» ، لكن «استراتيجية» البترودولار» لا تكفي وحدها لإخضاع شعوب والسيطرة على بلدان شقيقة حتى وإن كانت فقيرة وضعيفة .
السبب الثاني في إطالة أمد الحرب في اليمن- والفوضى السائدة في المناطق اليمنية المحتلة- يعود إلى قيام السعودية والإمارات بمغامرة أكبر من قدرتهما ، فكلاهما دولتان طارئتان على الجغرافيا والتاريخ ، لا يوجد لهما ماض ٍاستعماري ولا قدرات الدول الاستعمارية المعروفة ، وقد وصف المفكر العربي الفلسطيني عزمي بشارة، دولة الإمارات بأنها « إمبراطورية على ساق دجاجة « وإذا طبقنا نفس القياس على السعودية، ستكون « .. على ساق نعامة ».
نحن هنا لا نسخر من قدرات إخواننا في السعودية والإمارات ولا نقلل من إمكانياتهم، فهما قادرتان على النهوض والتطور لتصبحا في مصاف دول العالم صناعيا واقتصاديا، لكنهما غير قادرتين على أن تكونا دولا استعمارية ، «طارت الصيدة » منهم في سوريا ، وستطير في اليمن وفي ليبيا والعراق ولبنان والصومال أيضا .
بعد ثماني سنوات من العبث الذي يمارسه التحالف السعودي الإماراتي في اليمن ، عليهم الاعتراف : هل هم مستعمرون جدد «تحت التدريب » أم مجرد سماسرة و وكلاء للمستعمر القديم ؟ . هل هم صيادون أم كلاب صيد ؟.
وعلى إخواننا من « العملاء والمرتزقة المحليين» الذين لا يزالون في خدمة الحليف السعودي الإماراتي، إن خذوا العبرة من مصير عيدروس ومليشياته ونخبه وأحزمته ، إن كنتم قد نسيتم مصير الإصلاح ومليشياته .. أنتم مجرد إطارات وقطع غيار لسيارة دفع رباعي ، صنعت في شراكة أمريكية بريطانية ، يستخدمها السعودي والإماراتي للتفحيط في اليمن .
aassayed@gmail.com

قد يعجبك ايضا