المعلم هو حجر الأساس في العملية التربو/ تعليمية، لكن عصابات عفاش سابقاً ولاحقاً صادرت حقوقه، وناله الحصار والتجويع وقطع الراتب، حتى المعلمون في المحافظات المحتلة يعيشون جحيماً لا يطاق، فمرتباتهم تدنت قوتها الشرائية إلى أقل من النصف.
إذا كان مرتبك بالعملة الوطنية يساوى ( ١٠٠ ) الف ريال سابقا، فإنه بعملة القعيطي المزورة يتدنى إلى ما دون ٤٠ الف ريال بالعملة القديمة.
الكارثة التي يعيشها المعلمون باذخة؛ والمصيبة التي أدركتهم هي طباعة عملة ورقية دون غطاء نقدي انعكست آثارها سلبا على القيمة الشرائية للريال الوطني مقابل العملات الأخرى، بما فيها العملة اليمنية القديمة.
وأثرت هذه الكارثة على العاملين في الوظيفة العامة، لا سيما العاملين في الحقل التربوي الذين ليس لهم ظهر حزبي ولا سند يلحقهم بمليشيا الارتزاق والعمالة لتلقي رواتب إضافية بالريال السعودي.
ارتفعت تكاليف المعيشة، وأصبح المعلمون يعيشون على الكفاف، وبعضهم يتسولون على الأرصفة.
هذه الكارثة انعكست على أداء المعلمين بشكل غياب وتباطؤ وعدم دافعية أو فاعلية.
المرتب الذي يتقاضاه المعلم في مناطق ما تسمى “الشرعية” لا يساوي قيمة إيجار السكن، مما يضطر المعلم إلى البحث عن عمل آخر.
المعلمون وكل العاملين في التربية والتعليم في مناطق حكومة الإنقاذ قطع العدوان ومرتزقته مرتباتهم، وأصبحوا يعتمدون على الإعانات التي يقدمها الآباء أو منظمة اليونيسف أو الإغاثات الدولية.
عملية استهداف ممنهجة من قبل العدوان لضرب الأجيال بإضعاف العملية التعليمية على مستوى كل الجوانب، وبالذات عمودها الرئيسي وهو المعلم في معيشته، بحيث لم يعد قادرا على الأداء والإبداع، فيظل مشغولا في تدبير معيشته وأسرته وكل متطلبات البقاء.
لقد نجح العدوان في ذلك تساعده عصابات الارتزاق التي تهدر ثروات اليمن وريعها في الصرف على أهوائها في القاهرة واسطنبول ودول الغرب.
لقد أصيبت العملية التربو/ تعليمية في مقتل، فالظروف المعيشية لم تؤثر على المعلمين فحسب، بل أثرت على الطلاب والتلاميذ الذين لم تتوفر لهم وسائل التعليم فتسربوا من المدارس إلى سوق العمل، رغما عنهم.
المعاناة التي يعيشها العاملون في الحقل التربوي لا مثيل لها في التاريخ؛ ظروف قاسية، اضطرت البعض إلى العمل في المهن اليدوية والبوفيهات والمطاعم. ومن لجأ إلى العمل في المدارس الخاصة؛ احتقروا عطاءه، ففي هده المدارس لا تزيد قيمة الحصة عن (٢٥٠ ) ريالا.
التعليم الخاص لا يحمل رسالة بل هو عبارة عن تجارة تبحث عن الربح، ولا يحترم أحدا، هو يستغل ظروف الناس وبالذات المعلمين، فيملي عليهم ما يريد، كلهم تركوا المعلم والتعليم، ولم يهتموا إلا بجيوبهم، حتى النقابات التي تتسابق على الخصم من مرتب المعلم والتي تدعي تمثيله تركته نهبا للظروف.
الآن لديكم معلم جائع مطرود من سكنه أو مهدد بالطرد، البقال رفض أن يدينه بعد أن عجز عن السداد، خائف من اليوم والغد، فكيف تريدون منه أن يعطي أو يستوعب ما يعطي وهو مهموم ومشغول؛ تطحنه هموم الدنيا والآخرة!
لقد تركوا المعلم يعاني، ويتحمل الأعباء ولم يجد معيناً.
دمار يحيط به وحرب لا ترحم، ومعيشة ضنكى، وهموم نفسية ومعاشية تتبرأ منها الجبال !!