خليل المعلمي
الشهادة هي وسام شرف يمنحه الله لمن يصطفيهم من عباده، فالشهيد يقدم حياته وهي أغلى ما يملكه رخيصة في سبيل الله وفي سبيل وطنه وأهله، ليحظى ويكافأ بأعلى المراتب في الجنة ويفوز فوزا عظيما، فالناس تموت والشهيد حي يرزق عند مليك مقتدر فما هي إلا ثوان معدودة ويجتاز الشهيد قيود الحياة فينطلق حرا بروحه الطاهرة إلى الحياة الأخرى فيرى النعيم ما هو فوق البيان، فتفتح له الجنان وترحب به ملائكة الرحمن، فقد واجه أولئك الشهداء تحالف المعتدين والغزاة والمجرمين، فقُتل الشهيد مظلومًا، وهو يؤدي واجبه وما افترض الله تعالى عليه مدافعًا عن دينه وبلده ونفسه، وشهادته ترسخ إلى حدٍّ بعيد مظلوميته ومظلومية المجتمع الذي يدافع عنه وعدالة القضية التي يحملها…
إن إحياء فعاليات الذكرى السنوية للشهيد يعد اعترافا وامتناناً للشهداء بما قدموه وبذلوه من أجل أمن واستقرار وحرية وكرامة وعزة الأمة، فمنزلة الشهداء وفضل الشهادة في سبيل الله مكانة ومرتبة كبيرة وفضل عظيم من الله سبحانه وتعالى لا يناله إلا من وهب نفسه للجهاد في سبيل الله والدفاع عن سيادة وكرامة وطنه واستقلاله.
وهو كذلك إحياء لروح التضحية والاستبسال وتجسيد الملاحم البطولية في نفوس أبناء الشعب، وأن الاحتفاء بذكرى الشهيد السنوية، بحد ذاته يحمل رسائل قوية لتحالف العدوان بأنه لن ينال مراده في اليمن، وإن دماء الشهداء درب مسير نحو الانتصار ومواجهة الحرب الناعمة والانحلال الأخلاقي والديني، بروح وأخلاق الشهيد النضالية والدينية في الواقع العملي..
كما تعد الذكرى السنوية للشهيد محطة هامة للتزود بقيم ومفاهيم وعظمة الشهادة واستذكار تضحيات الشهداء، ومعرفة الجزاء الذي يناله الشهيد والمكانة التي يتبوأها، وعلينا ألا ننسى أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم ربهم عز وجل، وتأكيداً لمعاني إيمانية تليق بتضحيات الشهداء الذين سطروا بدمائهم ملاحم بطولية في مواجهة العدوان، من خرجوا في سبيل الله لا طمعا في غنيمة ولا فيء، ولا طلبًا للرزق، وإنما رغبة فيما عند الله من خير هو أبقى، فكانوا “أبطالاً تفوقوا بقلة إمْكَانياتهم وقوة إيمانهم وصدق توكلهم على الله، فهزموا تحالفاً عدوانياً تفوقُ قدراتُه قدراتهم بملايين المرات، عدداً وعتاداً.”
وكان حقًّا على الأمَّة أن تجعل محطة زمنية لذاك الشّهيد الذي ضحّى بحياته حتى لا يُختم على أمّته بالهوان والتَّبعيَّة والعبوديَّة، فتحيي ذكراه بما يليق بعظمة الذكرى.
تتنوع الفعاليات التي تشارك فيها مختلف الجهات الحكومية والمنظمات والفعاليات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني، وهي تشيد بمكانة الشهداء وما قدموا من تضحيات جسام في سبيل الله والدفاع عن الوطن، وتضمنت زيارات ميدانية رسمية وشعبية لأسر الشهداء وأنشطة ثقافية وإقامة معارض صور فوتوغرافية للشهداء في مختلف المحافظات وعلى مستوى المديريات، كما نظمت الكثير من الجهات فعاليات تكريمية لأبناء وأسر الشهداء والمرابطين في الجبهات.
وتحظى الذكرى السنوية للشهيد، باهتمام واسع من قبل أبناء الشعب اليمني في التذكير بالمواقف المشرّفة التي سجلّها شهداء الوطن في مختلف جبهات مواجهة العدوان السعودي الأمريكي وساحات العزة والكرامة، وتتعاظم مكانة الشهداء يوماً تلو الآخر، بتسابق الأحرار من خيرة أبناء اليمن لنيل شرف الدفاع عن الوطن وسيادته واستقلاله، في صورة تجسد معاني الإباء والشموخ في التصدي لقوى العدوان ومخططاتها التآمرية الرامية تمزيق النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية، ولم تقتصر تضحيات أبناء اليمن في جبهات الكرامة والبطولة، لكنها أصبحت شاملة لمختلف المجالات، مشكلة دافعاً كبيراً وعاملاً مهماً لتدفق المزيد من قوافل التضحية والفداء، ما يعكس انفراد الشعب اليمني وتلاحمه في الدفاع عن الأرض والعرض والسيادة الوطنية.
ولولا تضحياتُهم بدمائهم الطاهرة الزكية لَمَا وصلنا إلى ما نحن فيه الآن من العزة والكرامة والشموخ وأصبحنا في موقع القوة في كُـلّ الجوانب؛ لأَنَّهم هم الشهداء العظماء؛ لأَنَّهم لا يوجد في قاموس مشوار حياتهم أي معنى للخسارة على الإطلاق، ولا مكان في تاريخهم محطة للموت والفناء، فكل لحظة من حياتهم حياة وربح، وكل موقف سطروه مع الله وفي سبيله قادهم إلى موقع العظمة والشهادة والحياة والخلود والفوز والرضوان.
لقد تغنى الشعراء والمبدعون ببطولات الشهداء وتضحياتهم وإقدامهم وإيثارهم على تقديم أرواحهم من أجل عزة وكرامة هذا الشعب الأبي، وستناول العديد من القصائد التي جسدت هذه التضحيات: