علماء ودعاة : الغفلة وإتباع الهواء والمجاهرة بالمعاصي والعقوق .. من أسبابها

الاستقامة والتقوى والتوبة الصادقة تضمن لصاحبها حسن الخاتمة
أخذ باكت سيجارته متناولا سيجارة بعد أخرى لساعات متأخرة من الليل رافعا صوت الأغاني منسجما معها , صعدت إلى غرفته وسألته : أبي .. هل أحضر لك وجبة العشاء الآن ¿ فلقد قضيت وقتا طويلا مع القات والسيجارة ولم تصل بعد مغرب ولا عشاء وقد قارب الوقت لمنتصف الليل , فلم يعير لكلامي اهتماما , فأزمعت العودة لغرفتي , وعندما كنت أنزل من سلالم المنزل وإذا بي أسمع صراخا مخيفا من غرفة والدي فعجلت مسرعة إليه ورأيت والدي في أسوأ منظر ……
, عيناه شاخصتان لأعلى ولسانه ثقيل وجسمه مرتعش فأدركت أنه في سكرات الموت فحاولت مرارا أن استنطقه الشهادة ولكن لا فائدة , فقد كان يردد صوت الأغنية الأخيرة التي سمعها , فأبكي وأترجاه أن يكف عن ذلك , فيجيبني باكياٍ: لا أستطيع !! حتى انقطعت أنفاسه واسود وجهه ولا حول ولا قوة إلا بالله !!
هكذا سردت لنا إيمان عبد الجبار – طالبة جامعية قصة وفاة والدها , وسوء الخاتمة التي حالفت نهاية مشوار حياته, وأردفت قائلة : مازالت صورة ومشهد وفاة والدي لا يفارقني حتى اللحظة ولكنها رغم آلمها ومرارتها عبرة لمن اعتبر!!
حادث مروع
فاجعة أخرى يرويها عبد القادر 55 عاما عن ولده محمد 20 عاما قائلا : لقد كان ولدي ولدا عاقا لوالديه , لا يصلي ولا يطيع الأوامر مقدما أصدقائه وسخافاتهم على نصائحنا ومواعظنا, لدرجة كان يعتدي فيها على أمه بالضرب والكلام الجارح شاهراٍ سلاحه الأبيض عليها إن رفضت أن تعطيه نقودا أو منعته من الخروج مع رفقاء السوء , كان آخرها يوم وفاته عندما صفعها على وجهها حتى سالت الدماء من على وجهها وما هي إلا ساعات منذ خروجه من المنزل حتى جاءت أخبار وفاته بحادث مروري في شارع الستين , في حادث مروع اختلفت فيه أضلاعه عندما داسته شاحنة واقتلع فيه رأسه من جذوره بعد أن دعت عليه والدته في ساعة غضب بأن لا يعود للمنزل إلا جثة هامدة !!
وقد قال بعض الجيران إنه حال غسلهم وتكفينهم للجثة وجدوا أن رائحة كريهة تصدر من الجثة كلما غسلوها زادت فعمدوا إلى تكفينها ودفنها على التو !!
نهاية مأساوية
شابة في مقتبل العمر كانت برفقة زميلاتها ولم يعلم من أمرها شيء ولكنها الأعمال تفضحها وتبينها سوء أو حسن الخاتمة , بينما كانت الأجواء تحفها الضحكات والبسمات وإذا بالفتاة تنفض من مكانها مذعورة وهي تصرخ : لا .. ليس الآن ¿ . الأمر الذي أثار الخوف بين صفوف زميلاتها وقد حاولن تهدئتها إلا أن صراخها ورعشة أطرافها في تزايد وهي تصرخ مشخصة أنظارها للسماء , فأدركن أنه الموت فقالت إحداهن لها مراراٍ: قولي أشهد أن لا إله إلا الله , فقالت : أشهدكم بأني أرى مقعدي في النار !!

سوء الخاتمة
وفي هذه الزاوية يبين لنا عدد من العلماء والدعاة الأعمال التي قد تودي بالإنسان والعياذ بالله إلى سوء الخاتمة وشر النهاية حيث يستهل العلامة عصام شايع حديثه بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذِا أِرِادِ اللِهْ بعِبúدُ خِيúرٍا اسúتِعúمِلِهْ قِبúلِ مِوúته قِالْوا يِا رِسْولِ اللِه وِكِيúفِ يِسúتِعúملْهْ قِالِ يْوِفقْهْ لعِمِلُ صِالحُ ثْمِ يِقúبضْهْ عِلِيúه )
وقال : وهذا ما بينه قوله تعالى ( إن الِذينِ قِالْوا رِبْنِا اللِهْ ثْمِ اسúتِقِامْوا تِتِنِزِلْ عِلِيúهمú الúمِلِائكِةْ أِلِا تِخِافْوا وِلِا تِحúزِنْوا وأبشروا بالúجِنِة الِتي كْنúتْمú تْوعِدْونِ ) وهو ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله أن أحد الناس قيل له وهو في سياق الموت: قل لا إله إلا الله فقال: وما يغني عني وما أعرف أني صليت لله صلاة¿! ولم يقلها , ونحو هذا ما ذكره الحافظ الذهبي رحمه الله رجل كان يجالس شراب الخمر فلما حضرته الوفاة جاءه إنسان يلقنه الشهادة فقال له: اشرب واسقني ثم مات و ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله عن رجل عرف بحبه للأغاني وترديدها فلما حضرته الوفاة قيل له: قل لا إله إلا الله فجعل يهذي بالغناء ويقول: تاتنا تنتنا حتى توفي ولم ينطق بالتوحيد , وقال ابن القيم أيضا: أخبرني بعض التجار عن قرابة له أنه احتضر وهو عنده وجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله وهو يقول: هذه القطعة رخيصة وهذا مشتر جيد هذه كذا. حتى قضى ولم ينطق الشهادة !!

الغفلة والندامة
وأضاف : كم شاهد الناس من هذا عبراٍ¿ والذي يخفى عليهم من أحوال المحتضرين أعظم وأعظم فإذا كان العبد في حال حضور ذهنه وقوته وكمال إدراكه قد تمكن منه الشيطان واستعمله فيما يريده من معاصي الله وقد أغفل قلبه عن ذكر الله تعالى وعطل لسانه عن ذكره وجوارحه عن طاعته فكيف الظن به عند سقوط قواه واشتغال قلبه ونفسه بما هو فيه من ألم النزع ¿ وجمع الشيطان له كل قوته وهمته وحشد عليه بجميع ما يقدر عليه لينال منه فرصته فإن ذلك آخر العمل فأقوى ما يكون عليه شيطانه ذلك الوقت وأضعف ما يكون هو في تلك الحال فمن ترى يسلم على ذلك¿ فهناك: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) فكيف يوفق بحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قلبه عن ذكره واتبع هواه وكان أمره فرطاٍ فبعيد من قلبه بعيد عن الله تعالى غافل عنه متعبد لهواه أسير لشهواتهولسانه يابس من ذكره وجوارحه معطلة من طاعته مشتغلة بمعصيته .
علامات التوفيق
فيما تحدث العلامة منصور الريمي عن علامات التي تعين حسن الخاتمة ومنها : النطق بالشهادة عند الموت (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) ومنها رشح الجبين أي : أن يكون على جبينه عرق عند الموت لما رواه بريدة بن الحصيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (موت المؤمن بعرق الجبين)
والموت ليلة الجمعة أو نهارها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر) و الاستشهاد في ساحة القتال في سبيل الله أو موته غازيا في سبيل الله أو موته بمرض الطاعون أو بداء البطن كالاستسقاء ونحوه أو موته غرقاٍ فعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما تعدون الشهيد فيكم¿ قالوا: يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال: إن شهداء أمتي إذا لقليل قالوا: فمن هم يا رسول الله ¿ قال: من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في البطن فهو شهيد والغريق شهيد).
ومضى يقول : إن من علامات حسن الخاتمة : موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها أو هي حامل به , وأيضا الموت بالحرق.
حسن الخاتمة
من جانبها تقول الداعية إيمان النجدي – جامعة القرآن الكريم وعلومه : إن خاتمة العبد دليل على مدى قوة أو ضعف إيمانه وصلة بالله سبحانه وتعالى 🙁 مِنú أِحِبِ لقِاءِ اللِه أِحِبِ اللِهْ لقِاءِهْ وِمِنú كِرهِ لقِاءِ اللِه كِرهِ اللِهْ لقِاءِهْ ) حيث أوضح المفسرون (معنى محبة العبد للقاء الله إيثاره الآخرة على الدنيا فلا يحب استمرار الإقامة فيها بل يستعد للارتحال عنها والكراهية بضد ذلك)
متطرقة إلى الأمور التي تعين على حسن الخاتمة منها : الاستقامة وتقوى الله والتوبة الصادقة المخلصة من الذنوب والآثام { وِتْوبْوا إلِى اللِه جِميعٍا أِيْهِا الúمْؤúمنْونِ لِعِلِكْمú تْفúلحْونِ} وحسن الظن بالله واستذكار الموت والدوام على الطاعات فمن عمل مثقال ذرة خيرا يره .

قد يعجبك ايضا