عاقبة البغي والاعتداء

البغي كلمة تحمل صفة سيئة يتصف بها كل من مارس الاعتداء جاعلا من فعله العدائي وسيلة للاستعلاء على الغير متجاوزا قدر نفسه تحت وطأه نقصها وحقاراتها في اعتدائها أو نهبها ما ليس لها من حقوق الغير وممتلكات الآخرين والعبث بالمصالح والمنافع العامة والخاصة …ولقذاعة فعل الباغي وشناعة ممارساته التخريبية لم يعد غريبا أن تجتمع شرائع الأنبياء عموما علي تحريمه وتجريمه إلى درجة أن القرآن الكريم ساوى جريمة البغي في الأرض بجريمة الإشراك به قال تعالى (قل إöنما حرم ربöي الفواحöش ما ظهر مöنها وما بطن والإöثم والبغي بöغيرö الحقö وأن تشرöكوا بöاللهö ما لم ينزöل بöهö سلطانا وأن تقولوا على اللهö ما لا تعلمون).
ونهى الله تعالى عنه بöصرöيحö القولö (إöن الله يأمر بöالعدلö والإöحسانö وإöيتاءö ذöي القربى وينهى عنö الفحشاءö والمنكرö والبغيö يعöظكم لعلكم تذكرون) وأكد النبöي -صلى الله عليهö وسلم- ما جاء فöي القرآنö فقال:«إöن الله أوحى إöلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغöي أحد على أحد» رواه مسلöم.
لا يمكن حصر البغاة فأنواعهم كثيرة في زماننا …فمابين قاطع الطريق والعابث المخرب لشبكات الكهرباء ومن يعتدي على الناس بقوة السلاح على غرار ما نراه اليوم متجسدا في تحركات جماعات مسلحة تنقل أنشطتها التوسعية من منطقة إلى أخرى بذريعة التمدد الطائفي الذي يعول على نشره وتوسعه بصور البغي وبث الرعب بين الناس … وهذا مايجعلنا نتوقع أن يبرر الباغي أفعاله بأنها مشروعة بهدف توسيع نفوذه منطلقا من عصبية المذهب والعرق بداعي حقه في الوصاية على الآخرين …ولعل هذا النوع من البغي يعتبر من أخطر الأنواع على البلاد والعباد لأنه ينطلق من رؤية دينية ضيقة قد تنطوي تحتها العديد من المفاهيم الجاهلة متجيشة تحت إمرة المستفيدين من تفاقم الأوضاع …ويبرر هؤلاء عمليات البغي التي يقومون بها أنها تقوم على أساس مذهبي ومرجعيات مقدسة … لكنهم يجهلون أن القرآن الكريم أشار إلى أن هذا الفعل من البغي كان من سمات أهل الكتاب وكان سببا لهلاكهم قال تعالى (وما اختلف الذöين أوتوا الكöتاب إöلا مöن بعدö ما جاءهم العöلم بغيا بينهم).
وبعبارة أوضح وأدق يمكن تصنيف هذا البغي بأنة بغي مذهبي أو سياسي … له مخاطره وآثاره السيئة ليس فقط علي حياه الناس بل وحتى في تشويه المعتقد والمنهج الديني الصحيح . كما وقع لقارون الباغي فإنه كان من عامة الناس فرزقه الله تعالى مالا عظيما فبغى بسببه (إöن قارون كان مöن قومö موسى فبغى عليهöم) ونصح فقيل له (وأحسöن كما أحسن الله إöليك ولا تبغö الفساد فöي الأرضö إöن الله لا يحöب المفسöدöين) لكنه لم يرعو عن بغيه ولم ينته عن فساده ونسب نعم الله تعالى إلى نفسه فكانت النتيجة (فخسفنا بöهö وبöدارöهö الأرض) وكم من صاحب مال وجاه يسير سيرة قارون في بغيه وعلوه على الناس فيكفر نعم الله تعالى عليه إذن قارون يتكرر في كل زمان في أفعاله الباغية شأنه شأن فرعون الذي علا في الأرض واستعبد أهلها…. ومازالت القصة جارية .
ولأن البغي في الأرض يوصلنا إلى مرحلة الفساد والإفساد وانتشاره بصوره مزرية كان لزاما على من يسير في هذا الطريق أن يراجع نفسه بالدرجة الأولى في أن بغيه يعود بالضرر أولا على نفسه (يا أيها الناس إöنما بغيكم على أنفسöكم متاع الحياةö الدنيا). وهذا يعني أنه لو سلمنا جدلا غياب العقوبة الدنيوية عن ردع الباغي وزجر المعتدي …فإن العقوبة الإلهية واقعة لا محالة عاجلا أو آجلا … وهذا ما يجب أن يدركه الباغي ..وبالمقابل هذا ما يجب أن نتعامل به ونحن نواجه هذه المحنة أن نعول على خطاب الدين في مواجهة البغاة المعتدين في مخاطبة مهجهم وضمائرهم ..لنصل إلى قناعة مشتركة بأن نتيجة البغي يتضرر منها الجميع وفي حال استمرار هذه الآفة القاتلة سيهلك الجميع .

قد يعجبك ايضا