ألم الفراق..

خالد النواري

 

 

الحزن على فقد الأب لا يضاهيه أي ألم .. تشعر بأن السماء أطبقت على الأرض .. أن الحياة توقفت لبرهة من الزمن .. ينتابك إحساس لأول مرة بعدم الرغبة في الاستمرار بالعيش ، بعدما تفقد أعز البشر إلى قلبك.
مع التسليم بقضاء الله وقدره .. عشت تجربة مريرة ، أشفق على كل عزيزٍ وصديق أن يتجرعها .. أسلم والدي العزيز روحه إلى بارئها ، وأجاب رب دعاه مصداقاً لقوله تعالى (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي).
كلنا يعلم يقينا أن الموت حق على كل مخلوق .. وهو الحقيقة التي لا بد منها وسنة الله في الكون .. والحمد لله ، كان أول ما تبادر إلى ذهني فور سماع نبأ وفاة والدي هو الآية الكريمة «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ» ، تلك الآية خففت من وقع النبأ الأليم .. وفاجعة الموت .. وصدمة الرحيل لأبي ، الذي عاش عزيزاً .. كريماً .. ودوداً، وكان بالنسبة لي ولإخواني بمثابة الأخ.. والصديق.. من خلال تعامله ونصحه وتوجيهاته التي غُرست في أذهاننا .. وتبلورت في وجداننا .. وتكونت معها شخصياتنا .. وانعكست من خلالها تعاملاتنا مع محيطنا الاجتماعي والأُسري.
وبرحيل الأب من المؤكد أن يخالجك الشعور بفراغ كبير في حياتك حتى لو كنت في العقد السادس من عمرك، لأنه خفت ذلك الصوت الجميل الذي يسدي إليك النصح من القلب .. وتوارت ابتسامة الرضا.. والنظرات التي تمنحك جرعة الأمل.. وابتهالات الدعاء التي ترافقك في الحل والترحال.
وفي الوداعية الأخيرة للمغفور له بإذن الله (أبي) .. كان الحضور الكريم للفيف الأصدقاء والزملاء والأقارب هو أسوتنا وعزاؤنا في مصابنا الجلل .. فكانت الأكف التي تصافحنا تمنحنا القوة .. وتمدنا بجرعة الأمل لاستمرارية الحياة وتحمل عبء فاجعة الرحيل.
ولا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لكل من واسانا ووقف إلى جانبنا سواء من حضر جثمان الفقيد الراحل أو من حضر مراسم العزاء أو الذين حالت الظروف دون حضورهم، فكان لكلماتهم وقعها عبر الأثير أو رسالة نصية جسدت معنى الأخوة في مواقف الشدة.
شكر الله سعيكم .. وأحسن عزاؤكم .. ولا أراكم الله مكروهاً في صديق أو قريب.. والحمد لله على قضائه وقدره..

قد يعجبك ايضا