هل من سبيل إلى جمع كل أحلام اليمنيين المتناثرة في ثورة حقيقية، ثورة حقيقية يُسوِّغون أهدافها جميعا بما يتفقون عليه من معاني الشراكة والمحبة والسلام ويدافعون عن بقائها، خاصة بعد أن أدركوا بأن السعودية- التي دعمت من حارب ثورة 26 سبتمبر لمدة ثمان سنوات- هي نفسها من دعم ويدعم المرتزقة التابعين لأعتى نظام ملكي وفي نفس الوقت يدّعون أنهم (حراسٌ للجمهورية) يا للعجب !!!!!.
هل آن الأوان أن يدرك اليمنيون بعد ثمان سنوات من العدوان والصراع البليد أن هذه البلادة لا تدل على أي قدر من الحكمة بل والمروءة والأخلاق؟!.
هل آن الأوان أن نتفق على كلمة سواء: ألاّ نعبد إلاّ الله وأن نكون يمنيين نحترم أنفسنا فنكف عن كل هذه المظالم المتفشية في كل مكان من البلاد، وأن نجبر الجوار على احترام سيادتنا ومراعاة قواعد الجوار المقررة في الدين والقانون والأخلاق والإنسانية.
هل آن الأوان لأن ندرك قيمة ومكانة اليمن وأنها أغنى وأقوى من أي دولة من دول العدوان بل ومن دول العدوان مجتمعة، إن نحن اتحدنا أو حتى اتفقنا على قواسم مشتركة ولا مانع من الاختلاف في الفرعيات والآراء التي يمكن أن نصنع منها وطناً يليق بالوحدة ويليق باليمن؟!.
هلاّ اتفقنا على خطوات تزيل ما علق بوجه اليمن من آثار الصراعات المتخلفة وموجات العنف البغيض الذي تحركه الأحقاد والأمراض التاريخية التي تبدو أنها أصبحت مستعصية؟ وهل من سبيل لجمع شتات هذه الأحلام في حلم وطني واحد لا يلغي أحداً ولا يدع أحداً يفكر مجرّد التفكير في إلغاء أحد، حلمٌ يضع حداً للتمزق، وضياع الوقت في احتفالات وقودها كلمات النفاق والمنافقين، ونتاجها تبديد الجهود وتعدد الغايات بتعدد المصالح الشخصية وتغليبها على المصلحة الوطنية العامة.. إن توحيد الغايات الثورية بحاجة إلى عقول يُحتكم إليها لا عقول متحكمة لا تمتلك من الحواس والرؤى ما يؤهلها لتحقيق هذا الهدف النبيل.
هل من سبيل لجمع كل هذا الشتات القاتل الذي يقف النفاق المتجذر حائلاً دون رؤيته والتعرف على خطورته؟؟
لا شك أن الإجابة على هذه التساؤلات الجوهرية ستكون بالإيجاب إذا ما تيقنا بأن الوحدة الحقيقية لا تقوم ولا تستقيم إلا باحترام التعدد، واستيعاب ما معنى: أن الدين القويم والقانون السليم يحترم المصلحة المشروعة على مستوى الفرد والمجتمع، وهذا بالضبط ما تعنيه القاعدة الشرعية المعروفة (أينما تكون المصلحة فثم شرع الله).
نعم لأن شرع الله إنما جاء لرعاية مصلحة الإنسان وتقويم حياته ، ليس الإنسان المتوحش المبتذل الذي ينظر للحرية على أنها الاستسلام للغرائز ، وجميع الثورات أو الأحلام بها أحلام مشروعة طالما كانت غاياتها تحقيق المصالح المشروعة المستمدة من جوهر الدين الذي لا يملكه فقهاء الدين ، وقواعد القانون المستمدة من إرادة الشعب هي محور التطبيق العملي لحماية المصالح، فالواجب على الجميع أن يضعوا القانون دائماً موضع الاحترام والإلزام ، بالطبع ليس المطلوب نظاماً مستبداً لكي نبحث عن الإجابة بواسطة ما يطلق عليه : (المستبد العادل ) إذ لا يوجد مستبد عادل لأن الاستبداد يناقض العدالة مهما كانت رؤية وعقل ومكانة هذا المستبد، فالسلطة والحكم شأن بشري يخضع للتمحيص والبحث ويتغير بتغير الظروف والأزمان ، وكل شريعة أو قانون يوجد فيها ثابت ومتغير أي لا يوجد شريعة أو قانون صالح لكل زمان ومكان بالمطلق وإلا فقد حكمنا على الحياة بالموت عند محطة تاريخية محددة، أي أن الحياة تكون قد انتهت ، بوجود شريعة أو قانون أبدي صالح لكل زمان ومكان- كما يزعمون- صحيح أن بعض المواهب القيادية يمكن الاستفادة منها في بداية التأسيس لأي نظام لكنها- أي هذه المواهب- لا تستقي أحكامها إلا من الواقع وممن فوضها بعمل، وتمتلك القدرة والحكمة على المواءمة بين الآراء المتعددة، أي أنها لا تصدر أحكامها من الفراغ ، العلم ثم العلم هو مصدر الأحكام القابلة للبقاء ووحدة القرار خاصة في المحطات التاريخية التي تحتاج لهذه الوحدة وإذا أعطيت لأي شخصية مؤهلة لاتخاذ القرار صلاحيات استثنائية معينة فيجب أن تكون هذه الصلاحيات الاستثنائية مؤقتة وغير عادية والظروف التي استوجبت ذلك ظروف مستعجلة ، ولكن غايتها الوصول إلى حالة الاستقرار وحالة الاستقرار للشرعية الدستورية ، والثبات في أي نظام سياسي بالطبع نسبية محكومة بتغير الظروف ، والوضع الطبيعي أي المستقر نسبياً لا يقوم إلا على الشراكة والقبول بالتعدد بمبدأ التداول السلمي الحقيقي للسلطة، مهما داهن المداهنون أو راهن المنافقون ، ومن هذا المنطلق فإن أي ثورة لا تؤدي إلى التداول السلمي للسلطة ليست ثورة ، وإنما هي واحدة من محطات السباق على السلطة، تبقى حالة الصراع عليها مستمرة إلى ما لانهاية .
يقولون إن الشمس حان غروبها *ولكن ضوء الحب ليس له حدود.