في ٢٣/٢٤ أغسطس ١٩٦٨م أقدمت عصابة انقلاب ٥ نوفمبر الرجعي في العام ١٩٦٧م على ارتكاب مجازر رهيبة في حق أبطال السبعين يوما الذين كسروا الحصار الذي فرضه مرتزقة النظام السعودي؛ المحليين والأجانب على العاصمة صنعاء؛ في محاولة منهم لإسقاط النظام الجمهوري.
مرت ذكرى هذه المذبحة دون أن يتطرق إليها أحد من الكتاب والصحفيين والنشطاء.
في مثل تلك الأيام أقدمت العصابة الانقلابية، وبأوامر من نظام بني سعود الإرهابي بقتل أفضل رجالات الجيش والأمن من الضباط والصف والجنود، واعتقلت الكثير مدنيين وعسكريين وشردت من بقي منهم، بعد أن حرضت عليهم ونعتتهم بأبشع النعوت الطائفية، بل وقتلت بعضهم على الهوية.
لقد افتعلت العصابة الانقلابية صراعا بين وحدات الجيش والأمن، وأججت الأحقاد والكراهية بين رفاق السلاح من أجل تصفية من تريد منهم، ومن أجل تقوية قبضتها على الحكم، بإضعاف الصف الجمهوري الوطني، وإفساح المجال لقوى النفوذ المشيخي والعسكر المرتبط بالأسرة السعودية المتورطة مع أمريكا وإسرائيل وايران الشاه بقتل اليمنيين ومحاربتهم على أرضهم.
لقد كانت هذه المذبحة مقدمة للتفاوض والخضوع المخزي للنظام السعودي الطامع في أراضي وثروات اليمنيين، وفرض نفوذه وهيمنته على اليمن.
بعدها تم إملاء اتفاقية على اليمنيين “الجملكيين” وأصبح الحكام في صنعاء أدوات طيعة لأسرة بني سعود ينفذون لها ما تريد.
ومن يومها فرض السعودي وصايته على اليمن. ولم تشكل حكومة في صنعاء إلا بإشراف السفير السعودي، ورضا مملكة اليهودة والتصهين.
مذبحة أغسطس كانت البداية لقتل وملاحقة الوطنيين، وقيام حكام ما بعد أغسطس بقتل الناس وهدم قرى الفلاحين، وتوجيه كل القوات ونشاط الدولة وأجهزتها باتجاه محاربة الجنوب، بدعم من مملكة التصهين الوهابي.
ومن تلك المذبحة، وحتى اليوم ودم اليمنيين يسفح ليلا ونهارا؛ وما ينفكون من حرب إلا ويدخلون في غيرها؛ والسعودي يخطط ويأمر ويمول.
ووصل الأمر إلى أن تقتل السعودية عملاءها وأدواتها الذين تنتهي مهمتهم.
قتلوا عبدالرقيب عبدالوهاب الذي قاد كسر الحصار على صنعاء وسحلوه بالشارع أمام العالم، ثم انقلبوا على الارياني وأتوا بالحمدي، ثم قتلوه، وأتوا بالغشمي، ثم قتلوه، ولفقوا التهمة للنظام في الجنوب، ثم أتوا بأكبر عميل لهم؛ الذي أصبح دمية مطيعة لبني سعود.
كانت أجهزة صنعاء الأمنية والإعلامية جاهزة لتبرير كل ما يحدث لليمنيين من قتل واغتيال وابعاد، بل وتشارك في هذه الجرائم، وتلوي عنق الحقائق، وتحيل الحق إلى باطل، والباطل إلى حق، والليل إلى نهار. وتمارس القهر على اليمنيين.
وما بني على باطل فهو باطل.
لقد دمرت قوى التخلف والإرهاب اليمن على كل المستويات؛ نهبت الثروات، وقتلت الأحرار، وتآمرت مع الخارج ضد الوطن. ومذبحة بعد مذبحة، حتى فقد اليمنيون وطنهم، وأصبحوا نازحين فيه، ومشردين في دول العالم.
وبالأخير سلمت البلد للعدوان والاحتلال، وأوصلت اليمنيين إلى المجاعة.
أصبح ٨٠ ٪ من اليمنيين يعانون من المجاعة ونقص الطعام، بشهادة المنظمات الدولية.
قطعوا مرتبات الموظفين، وتمادوا بالتضييق على الناس، وحاصروا البلاد من الغذاء والدواء والوقود، ومازالوا يرتكبون الجرائم في حق الناس.
منذ مذبحة أغسطس ودم اليمنيين مستباح من الحكام الذين فرضهم النظام السعودي، ومن السعودية نفسها، تحت كل الأعذار والمبررات الواهية.
ومنذ انقلاب ٥ نوفمبر ١٩٦٧م فرض النظام السعودي على اليمن أسوأ الحكام الذين ساموا اليمنيين سوء العذاب.
ولم يجد اليمنيون في ظلهم أمنا ولا استقرارا، ولا تنمية، ولا حياة كريمة.