الحراثة في الرمال وإهدار الأموال

م. هلال محمد الجشاري

 

 

منَّ الله على بلادنا ، وخصها بأخصب الأراضي الزراعية وتنوع المناخ على مدار العام وهطول الأمطار الغزيرة، وهذه نعمة يجب الحفاظ عليها واستغلالها الاستغلال الأمثل. ونسمع بين الحين والآخر عن تدشين زراعة الحبوب هنا وهناك، وزرعنا الصحراء وزرعنا والقيعان و…، صحيح الفكرة جيدة ومهمة ونقلة للتوسع الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ونشكر صاحب الفكرة هذه، ولكن هل سألنا انفسنا: ما هي أصناف الحبوب هذه الذي زرعناها وكم إنتاجها وهل هي محلية أم أصناف حبوب محسنة ؟! هل أنتجت أصنافاً جديدة ؟! هل هذا التوسع الذي تم في الرقعة الزراعية زرع بأصناف حبوب محلية جيدة ؟! وهل تم انتخاب أصناف حبوب وبقوليات بلدية محلي وإكثارها ؟!
هل تم اطلاق أصناف ذات الجودة والإنتاجية العالية ؟!هل تم تسجيل وصيانة الأصناف الزراعية وانتخاب وانتقاء السلالات وحفظ الأصول الوراثية ؟!
الإجابة طبعا: لا لا ، اذاً فنحن مستمرون في تيهنا وغفلتنا، وتم زراعة أصناف متدهورة ولا تعطي إنتاجاً مناسباً وبعض المناطق الكيس البذور أعطى إنتاجه (كيس) ويكاد المزارع يتوقف عن زراعة الحبوب، وموعد الحصاد ليس ببعيد، وقتها ستذكرون كلامي هذا .
كل هذا وغيره بسبب عجز وقصور عندنا نحن كجهات رسمية، فرغم الجهود الكبيرة الذي تقوم بها اللجنة الزراعية والسمكية العليا ومؤسسة بنيان التنموية فمنذ انطلاق الجبهة والثورة الزراعية خلال العامين الماضيين حققت انتصارات تركزت في الجانب المجتمعي والتنموي بجميع مجالاته وجزء لا بأس فيه بالجانب الزراعي ولا ننكر هذا، ولكن هنا أتحدث عنا كجهات مختصة عُمر اغلبها عشرات السنين، وهي كما هي تعمل بنفس الروتين، وان تغير فيها شيء فهي تقاريرها البعيدة كل البعد عن الواقع، واكبر دليل أصنافنا المحلية من الحبوب والبقوليات وغيرها تتدهور يومًا بعد يوم وتكاد تنقرض، ونحن نتفرج ونترقب وكل جهة تحمل المسئولية الجهة الأخرى، ولم نسمع يومًا بإنجاز يشفي صدورنا ويعطينا املاً باننا سننتصر في جبهتنا الزراعية، كما انتصرت وتنتصر كل يوم الجبهات العسكرية والتنموية، ولهذا النتيجة كما السابق للأسف، فلا زال اليمن يعاني في الوقت الراهن من فجوة غذائية كبيرة في محاصيل الحبوب الرئيسية خاصة القمح والذرة الصفراء وغيرها من المحاصيل (الاقتصاد القومي)، وهذا ما يجعل قضية تأمين الغذاء من أهم الأولويات التي تحتاج إلى تكاتف الجميع، والاهتمام بأصنافنا المحلية من الحبوب والبقوليات وال….. وما تبقى منها التي تكاد تنقرض مثلما انقرضت اغلبها، والاستفادة من المزارعين القدامى والمزارعين منتجي البذور، وتفعيل الزراعة التكافلية لتوفير البذور والسعي والبحث عن كل جديد، فالبذرة حياة ، والسعي دوما على تضييق تلك الفجوة وتحجيمها وصولا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بإذن الله، ويتجلى هذا من خلال الاهتمام بزراعة وتنمية إنتاج المحاصيل الاستراتيجية من الحبوب وغيرها المرتبطة بسيادة الدول وتحرر قراراتها فلن نتمكن من نيل حريتنا وامتلاك قرارنا السيادي إلا إذا تمكنا من إنتاج احتياجاتنا من الغذاء واكتفينا ذاتيًا، «ومن لا يملك قوته لا يملك قراره» وفي المقابل من لا يملك قراره لا يملك حريته واستقلاله وسيادته.

مدير عام الإعلام والإرشاد الزراعي المهندس يوسف صبرة:

قد يعجبك ايضا