> المصارحة والتفاهم بين الزوجين و الابتعاد عن مواطن الشبهات .. من أبرز الحلول
> (79%) من جرائم القتل الأسرية سببها الشك والتصورات الذهنية الخاطئة !!
باركنا لزفافها منذ ثلاثة أشهر .. واليوم نشاطرها الحزن بطلاقها ,, ليست مريم محمود – 24 عاما وحدها ضحية هذا الطلاق المبكر , بل العديد والعديد من الحالات التي صار الطلاق حلا لها , ولكن المثير للحيرة والدهشة إن أغلب حالات الطلاق مبنية على الظنون والشكوك التي لا أساس لها من الصحة في الغالب , لتصبح إعصاراٍ يدمر الحياة الأسرية ويفتك بها , ولخطورة ذلك جاء الاسلام مشددا ومؤكدا على حرمة الوقوع بها وضرورة اجتنابها لما تسهم في انهيار العلاقات الأسرية والمجتمعية .. تفاصيل أخرى في زمام التحقيق الآتي ..
في البداية تقول سناء – ربة منزل عن واقعها الأسري : سبعة أعوام منذ زواجنا كأنها سبعين عاما , فزوجي لا أدري ما الذي غيره تجاهي , حتى يمنعني من الخروج من المنزل وزيارة أهلي وأقاربي بحجة الغيرة الزائدة المبنية على شكوك وظنون وهمية باطلة , فتارة يقول : أنا لا أرتاح لأهلك فهم يؤلبانك علي , وتارة يقول أنا لا أرتاح لفلان من أقاربك , وإذا مر شخص بجوار المنزل رافعا صوت المذياع من الأغاني , يقول لماذا يرفع صوت هذه الأغاني بجوار منزلي ماذا يقصد من ذلك فيخرج إليه ناشبا الصراخ والصراع من دون حق ولأوهام باطلة وأن رن هاتف المنزل ورديت عليه ’ يفتح ملف تحقيق .. من المتصل ¿ وماذا يريد ¿ ولماذا لم تجعليني أرد أنا عليه ¿
وتابعت سرد قصتها قائلة : والدته هي سبب ذلك فمنذ إن شرفتنا في المنزل حتى نشبت مختلف الخلافات بيني وبين زوجي وجعلته عديم الثقة بي , صبرت سنين على هذا الحال وكلما ضاق حالي واشتد ألمي أذهب إلى بيت أهلي فيعود إلي واعداٍ إياي بترك شكوكه الباطلة وما إن أعود حتى يرجع إلى طبيعته بحجة أنه يفعل ذلك من محبته لي وخوفه علي, وكلما نصحته يزيد أكثر لدرجة أنني طلبت منه الطلاق مراراٍ وهو يرفض الإقدام على ذلك !!
مكتب تحقيق !!
محمد صفوان –موظف يقول هو الآخر : زوجتي امرأة شكاكة لأبعد الحدود , فما إن أعود من الوظيفة حتى تسألني 99 سؤالاٍ وكل سؤال يحتاج له 180 إجابة وكأنك في مكتب تحقيق !! وتسألني عن كل العاملات في الوظيفة , من هي فلانة وما وظيفتها وهل هي مرتبطة أم ماذا ¿ وإن تأخرت أو سافرت لعمل ما تأخذها الظنون والهواجس كل مأخذ , وإن أهديتها شيئا من دون مناسبة , ما سر هذا الكرم المفاجئ ¿ وآخر مرة أهدينها عطرين من صنف واحد فقامت القيامة لمن العطر الآخر ¿ هل في حياتك امرأة غيري ¿ وغيرها من الشكوك التي نصبح ونمسي عليها لدرجة أصبحت لا أطيقها فما قيمة الحياة الزوجية إن غابت فيها الثقة والتفاهم وإحساس الأمان بين الزوجين .
الصراحة الكاملة
كنت أتعامل مع زوجي بمصداقية وصراحة تامة ولم أكن أعلم أن هذا الصراحة ستتحول في يوم ما إلى بركان يفجر حياتنا الزوجية ,, هكذا استهلت أم حسان -30 عاما حديثها معنا , ومضت تقول : الحكاية وما فيها بأنني كنت مخطوبة على ابن عمي وكنا على مشارف الزواج الا أنه ثمة مشاكل حدثت بين الأهل دفعنا نحن ثمنها وانفصلنا وصار كل منا في طريقة , حتى ارتبطت بزوجي منذ ثلاث سنوات فكان كثير الأسئلة عن خطيبي الأول وكنت أخبره بكل شيء بصراحة أنه كان إنساناٍ مهذباٍ وذا أخلاق عالية ولم يعيبه شيء غير مشاكل الأهل , ومنذ ذلك الحين إن أخطأت بشيء أو قصرت يقول : ليس بغريب أن تقصري بحقي مادام حاضرك لا يزال مرتبطاٍ بالماضي , ومهما عملت لأجله لا يقتنع ويقارن بينه وبين ابن عمي وحرمني من زيارة أهلي لشكوكه بإخلاصي له فما إن علم والدي بذلك حتى أصر ألا أبقى معه لحظة واحدة !!
وسائل الإفساد
وفي هذه الزاوية يحذر العلماء من عاقبة الظن السيء والشكوك الباطلة التي تهدم أسمى علاقة أسرية وتنذر بكارثة مجتمعية ,, حيث يقول العلامة حمزة النيلي : إن وسائل وطرق الشيطان اللعين للإفساد بين الزوجين وتفريق شملهم كثيرة ومن أهم ما يلجأ إليه ويعتمد عليه في نشر العداوة والبغضاء وقطع أواصل المحبة بينهم وهو أن يجعل بعضهم يتهم بعضا بلا بينة ولا برهان وذلك بأن يقذف بينهم أكذب الحديثالذي هو مجرد توهم وخيال لا حقيقة له في واقع الحالقال الإمام ابن كثير – رحمه الله-: “هو التهمة و التخون للأهل والأقارب والناس في غير محله” فقد قال سبحانه وتعالى : (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم )
ومضى يقول : وبذلك يقول الشيخ السعدي –رحمه الله- :” نهى الله عز وجل عن كثير من الظن السيء بين المؤمنين عامة والزوجين خاصة لعظمة ذلك وأخطره حيث قال:( إن بعض الظن إثم ) وذلك كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة وكظن السوء الذي يقترن به كثير من الأقوال والأفعال المحرمةفإن بقاء ظن السوء بالقلب لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلكبل لا يزال به حتى يقول ما لا ينبغي ويفعل ما لا ينبغيوفي ذلك أيضا إساءة الظن بالآخر وبغضه وعداوته المأمور بخلافها منه , وقد وحذرنا منه كذلك نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال:” إيِاكْمú وِالظِنِ فإن الظِنِ أِكúذِبْ الحديث
إيذاء لحياتهما
وأما الداعية أماني العيني – جامعة القرآن الكريم وعلومه فقد استهلت حديثها معنا بقول ابن القيم : ( سوء الظن فهو امتلاء قلبه بالظنون السيئة بالناس حتى يطفح على لسانه وجوارحه فهم معه أبدٍا في الهمز واللمز والطعن والعيب والبغض يبغضهم ويبغضونه ويلعنهم ويلعنونه ويحذرهم ويحذرون منه . ويلحقه أذاهم ..خارج منهم مع الغش والدغل والبغض) وقول الغزالي : (من ثمرات سوء الظن التجسس فإنِ القلب لا يقنع بالظن ويطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس وهو أيضٍا منهي عنه قال الله تعالى : وِلا تِجِسِسْوا ) فالغيبة وسوء الظن والتجسس منهي عنه في آية واحدة ومعنى التجسس أن لا يترك عباد الله تحت ستر الله فيتوصل إلى الاطلاع وهتك السترº حتى ينكشف له ما لو كان مستورٍا عنه كان أسلم لقلبه ودينه) , وما يدب عن ذلك من زيادة الخلافات والمشاكل الأسرية وغياب الثقة بين الزوجين ومصدر الإيذاء في حياتهما وسبب شقائهما وتفكك الأسرة وضياع الأولاد حتى ينتهي بهم الأمر بالفرقة والانفصال رغم الحب والود الذي يربطهما وبذلك يقول السلف الصالح (الغيرة مذمومة منها غيرة يحمل عليها سوء الظن فيؤذى بها المحب محبوبه ويغري عليه قلبه بالغضب وهذه الغيرة يكرهها الله إذا كانت في غير ريبة ومنها غيرة تحمله على عقوبة المحبوب بأكثر مما يستحقه) .
ما هو الحل¿!
ومضت تقول : وقد أوضح لنا العلماء طرق علاج الظن السيء والشك الباطل بين الزوجين وذلك من خلال المصارحة بين الزوجين وتحقيق أكبر قدر ممكن من التفاهم والانسجام و إظهار اهتمام به(بالطرف الشاك ) والحنو عليه و الابتعاد عن مواطن الشبهات ومواقف الريبة فإن وقعت فلا بد من التصريح بما يدفع الشكوك قال صلى الله عليه وسلم لصحابيين جليلين وقد رأيا معه امرأة في الليل فقال لهما “إنها صفية” و كثرة التعوذ بالله(علاج للمتشكك) والمداومة على الأذكار ودفع الوساوس والشكوك بالذكر بالإضافة إلى مراجعة طبيب النفسي لأنه قد يكون الشك والظن نتيجة مرض نفسي معين .
وساوس قهرية
من جهته يقول الدكتور عبد الخالق خميس- أستاذ مشارك في علاج الطب النفسي جامعة صنعاء : إن مرض الشك والتصورات الظنية تعد من حالة سلوكية شاذة تستحوذ الفرد بفكرة أو خاطرة أو صورة وساوس وهواجس غير مرغوبة يجد الفرد فيها نفسه مندفعا لتحقيقها وملازمة تكرارها ليجد تدريجيا صعوبة بالغة في الإقلاع عنها رغم إدراكه العقلي والنفسي بغرابة وعدم حقيقة ذلك أو فداحة قوله وتصرفه.
وأضاف خميس أن هذا المرض يظهر على صور: الوساوس الشكوكية والظنونية ( الهواجس) ويعني تسلط فكرة على الشخص وتتكرر بشكل دوري دون أن يحصل فيها أي تغيير أو تعديل وتكون استحواذية تأتيه بصورة قسرية أو قهرية على الرغم من رفضه ومقاومته الداخلية لها تأخذ صورا عدة ذات طابع عاطفي أو عدواني أو أخلاقي أو رغبات جامحة تتردد عليه بين لحظة وأخرى قد تحرضه أحيانا لتصرفات والقيام بمواقف خطيرة تدمر حياته الأسرية نتيجة ما يؤمن ويعتقد
نسبة الجرائم
في دراسة بعنوان “الجرائم بسبب الشك قال مركز قضايا المرأة : إن السبب الأساسي لارتكاب جرائم الشرف هو الشك في السلوك حيث بلغت نسبة جرائم القتل بسبب الشك (79%) . وتؤكد الدراسة أن هناك عددٍا كبيرا من النساء المجني عليهن يتم قتلهن لمجرد الشك.
مؤكدة على ضرورة تقديم علاج اجتماعي ونفسي تحليلي تدعيمي يساعد على اكتشاف الأسباب التي أوجدت الفكرة أساساٍ لدى المريض ويسهم في حلها بالنصح والإرشاد الاجتماعي والنفسي الذي قد يتطلب أحياناٍ مشاركة أسرة المريض وبالذات الزوجة. وقد يستغرق هذا النوع من العلاج فترة زمنية طويلة نسبياٍ بحسب حالة المريض ومدى استجابته وتعاون المحيطين به .