المرتبات استحقاق إنساني ملحّ على طاولة المفاوضات
صنعاء تضغط باتجاه صرف مرتبات الموظفين كأولوية رئيسية لتمديد الهدنة
“السياسي الأعلى”:
تمديد الهدنة يقتضي الالتزام بصرف مرتبات الموظفين كافة
صرف المرتبات والمعاشات استحقاق طبيعي للموظفين والمتقاعدين كافة
عبدالسلام:
توحيد إيرادات النفط والغاز مع إيرادات ميناء الحديدة هو الحل لصرف المرتبات لعموم موظفي ومتقاعدي الجمهورية
القبول بصرف المرتبات هو الخيار الأمثل لتفادي استهداف المنشآت النفطية في السعودية
المبعوث الأممي: ملف مرتبات موظفي الدولة سيكون على رأس الأولويات التي سيتم العمل عليها
المرتبات استحقاق إنساني قبل أن تكون ورقة اقتصادية وسياسية تستخدمها دول العدوان في الضغط على الشعب اليمني والقيادة السياسية والثورية ، التي ظلت وما زالت تدفع نحو إلزام الطرف الآخر بالمضي في تنفيذ اتفاق السويد القاضي بفتح حساب للبنك المركزي اليمني بالحديدة وتوريد إيرادات ميناء الحديدة فيه على أن تغطى فجوة الرواتب المتبقية والبالغة أكثر من 70 % من إيرادات النفط والغاز التي تتم سرقتها وتوريدها إلى حسابات خاصة في البنوك السعودية والإماراتية دون أن يستفيد منها الشعب اليمني ، وفي هذا الخضم ومع بروز مفاوضات تمديد الهدنة لفترة ثالثة تبرز قضية المرتبات كأحد الاستحقاقات الرئيسية لشعبنا التي يطالب بها المجلس السياسي الأعلى والوفد الوطني المفاوض وحكومة الإنقاذ واللجنة الاقتصادية العليا في صنعاء مقابل تمديد الهدنة لفترة ثالثة وهو الأمر الذي لقي ارتياحا واسعا في الأوساط الشعبية وفي مقدمتهم شريحة الموظفين البالغ عددهم اكثر من مليون و200 الف موظف والذين انقطعت رواتبهم منذ العام 2016م بعد قرار الفار هادي نقل صلاحيات البنك المركزي اليمني إلى عدن.. وفي نفس الاتجاه تبرز دعوات موجهة إلى وزارة الخدمة المدنية في صنعاء بضرورة البدء بإعداد وإضافة العلاوات السنوية على كشوفات الموظفين، المجمّدة منذ أكثر من ثماني سنوات، وتجهيزها بصورتها النهائية قبل أي تسوية سياسية أو اقتصادية، مع الأخذ في الاعتبار مرتبات السنين الماضية، لا سيما وأن رواتب الموظفين قد فقدت أكثر من 60 % من قيمتها السعرية والنقدية.. إلى التفاصيل:-
الثورة / أحمد المالكي
حيث وصلت الهدنة إلى ساعاتها الأخيرة، في ظل مباحثات يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ لتمديدها لفترة جديدة، غير أن صنعاء ترى أن الفترة السابقة كانت تجربة صادمة ولا يمكن تكرارها، لأن التحالف لم يلتزم ببنود الهدنة السابقة، ويرفض حتى الآن مناقشة القضايا السياسية والعسكرية.
وبحسب مصادر مطلعة فإن المبعوث الأممي طرح مقترحا لتمديد الهدنة لمدة ثلاثة أشهر، على أن يكون هناك تعويض لعدد الرحلات إلى مطار صنعاء، والسفن إلى ميناء الحديدة، لكن صنعاء تطرح أيضا ضرورة أن يتم فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة بشكل كامل، إضافة إلى ضرورة تسليم رواتب الموظفين من إيرادات النفط الخام وإيرادات ميناء الحديدة، وترى أنه ما لم يتم تحقيق ذلك فالتمديد عبثي، وعلى التحالف تحمل مسؤولية أي تصعيد.
حساب خاص
فيما أكد المجلس السياسي الأعلى، أنّ “تمديد الهدنة يقتضي الالتزام بصرف مرتبات الموظفين كافة، وبقية الخدمات التي قطعها العدوان بهدف مضاعفة معاناة أبناء الشعب اليمني”.
وأضاف المجلس في بيان صدر عنه مؤخرا بالقول : “بادرنا إلى فتح حساب خاص في فرع البنك المركزي بالحُديدة، وجرى توريد إيرادات الميناء إليه؛ للإسهام في صرف المرتبات لموظفي الدولة كافة”، لكن الطرف الآخر والأمم المتحدة “لم يلتزما بسد الفجوة لصرف المرتبات بعد أن تم فتح حساب خاص لذلك”، مشيراً إلى أنّ “صرف المرتبات والمعاشات استحقاق طبيعي للموظفين والمتقاعدين كافة”.
مستمر
وكان القائم بأعمال رئيس اللجنة الاقتصادية العليا -محافظ البنك المركزي هاشم إسماعيل، قد شارك بشكل مباشر في اللقاء الذي عقد في العاصمة العمانية مسقط مع المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، برئاسة رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام.
وجرى خلال اللقاء مناقشة مسار الهدنة والعراقيل التي واجهتها، وضرورة صرف مرتبات موظفي الدولة.
وأشار إسماعيل إلى أن مبادرة المجلس السياسي الأعلى الخاصة بفتح حساب خاص بالمرتبات في فرع البنك المركزي بالحديدة، وإيداع إيرادات سفن المشتقات النفطية إليه لا تزال قائمة منذ عام 2020م.
وأكد أنه ورغم شحة تلك الإيرادات إلا أن توريدها لحساب المرتبات لا يزال مستمراً، بما فيها إيرادات السفن التي دخلت بموجب الهدنة، وتستخدم في صرف نصف راتب بين الحين والآخر.
وجدد إسماعيل الاستعداد لتنسيق أي آليات تضمن إنهاء معاناة الموظفين والمتقاعدين في كل المحافظات، وصرف مرتباتهم بصورة منتظمة، إذا تحملت الأمم المتحدة أو ألزمت الطرف الآخر بتغطية فجوة المرتبات، وفقاً لاتفاق السويد الذي تم في ديسمبر 2018م.
وتطرق هاشم إسماعيل إلى العائدات الشهرية للنفط المنهوب من قبل الطرف الآخر، التي تقارب 260 مليون دولار شهرياً، على أساس سعر متوسط البرميل 110 دولارات، وهو ما يعادل 145 مليار ريال، والذي يساوي ضعف إجمالي جميع مرتبات موظفي الدولة.. مشيراً إلى أنه ورغم تلك الإيرادات لا يتم صرف مرتبات الموظفين في المحافظات المحتلة بصورة منتظمة، وتتأخر لأشهر كثيرة.
كما أكد القائم بأعمال رئيس اللجنة الاقتصادية العليا -محافظ البنك المركزي، أنه لا جدوى لأي هدنة لا تخدم المواطنين، ولا تساهم في تخفيف معاناتهم التي سببها العدوان والحصار والحرب الاقتصادية التي تستهدف كافة أبناء الشعب اليمني.
من جانبه أكد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ أن ملف مرتبات موظفي الدولة سيكون على رأس الأولويات التي سيتم العمل عليها.
توحيد الإيرادات
فيما قال محمد عبدالسلام -الناطق الرسمي باسم الوفد الوطني إن توحيد إيرادات النفط والغاز الواقعة تحت سيطرة الأطراف الأخرى مع إيرادات ميناء الحديدة هو الحل لصرف المرتبات لعموم موظفي ومتقاعدي الجمهورية
وكشف أنه دائما ما يطالب الأمم المتحدة بذلك، مشيرا الى أن اللجنة الاقتصادية على أتم الاستعداد للمناقشة متى ما أعلنت الأمم المتحدة جهوزية الأطراف الأخرى.
وأكد عبدالسلام أن الوفد الوطني تقدم بطلب من بداية المفاوضات بتضمين صرف المرتبات في هذه الهدنة وأن الطرف الآخر رفض ذلك جملة وتفصيلاً.
وأضاف ” نحن لا نمانع في صرف مرتبات الموظفين من الإيرادات التي تأتي من ميناء الحديدة والإيرادات الأخرى، بما فيها عائدات النفط “.
وتابع في حديث سابق لقناة المسيرة ” جددنا استعدادنا صرف المرتبات من إيرادات ميناء الحديدة وإيرادات الموانئ الأخرى، لكنهم رفضوا بسبب تفرقهم وعمليات النهب الكبيرة التي يقومون بها ” .
وطالب بتوجيه إيرادات البلاد إلى حساب خاص لصرف رواتب الموظفين، بما فيها رواتب المتقاعدين والمرتبات الموقوفة في السابق.
الخماسية
وعلى ذات الصعيد، عقدت اللجنة الخماسية الدولية “أمريكا، بريطانيا، السعودية، الإمارات، سلطنة عمان” اجتماعاً افتراضياً عبر اتصال مرئي لمناقشة الوضع في اليمن، بمشاركة المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، ومنسق الأمم المتحدة المقيم ديفيد غريسلي، ودعا بيان اللجنة الخماسية الدولية المعنية باليمن لاستغلال موارد كل الأطراف لصرف المرتبات، وهو ما يؤكد نجاح صنعاء في فرض قضية الالتزام بصرف الرواتب كشرط أساسي لتمديد الهدنة في اليمن.
ويرى مراقبون ومهتمون بالشأن السياسي والاقتصادي في اليمن أن رضوخ تحالف العدوان الأمريكي السعودي لهذا الشرط يأتي تحت ضغط الحاجة إلى استقرار سوق الطاقة، المضطرب بفعل الحرب في أوكرانيا، ومن شأن عودة عمليات اليمن في عمق تحالف العدوان أن تجعله أكثر اضطرابا، حيث أكد رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام أنه لا استقرار في المنطقة ما لم يكن هناك استقرار في اليمن.
حراك دبلوماسي
وبحسب مصدر مطلع في الوفد الوطني المفاوض، فإن الأيام الأخيرة شهدت حراكا دبلوماسيا واسعا تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا، بهدف تمديد الهدنة في اليمن، لكن الوفد الوطني رفض تمديد الهدنة بشكلها الحالي، مؤكدا أنها لا تصب في صالح اليمنيين، ولا ترضيهم، وأصر على قضية صرف المرتبات كشرط أساسي لأي تمديد، باعتبار أن استمرار تمديد الهدنة دون أي تطور في الجانب الاقتصادي أو مسار الحل السياسي الشامل، لا يمثل أي فائدة حقيقية لليمنيين، بل يجعل من الهدنة غاية بدلا عن كونها وسيلة لإنهاء الحرب.
ووفقا للمصدر، فقد وافقت السعودية والإمارات والولايات المتحدة وبريطانيا أو ما تسمى بالرباعية الدولية على شرط صنعاء، وتم الإعلان عن ذلك من خلال البيان المنبثق عن اجتماع في مسقط لهذه الدول التي باتت تشكل إلى جانب سلطنة عمان ما يعرف باللجنة الخماسية.
وأكد نص بيان اللجنة الخماسية على أهمية” أن تستخدم جميع الأطراف العوائد، بما في ذلك عوائد ميناء الحديدة، لدفع الأجور” وهي العبارة التي بدا وكأنها استنسخت تماما من تصريحات رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام، بالإضافة إلى أنها المرة الأولى التي تتحدث فيها دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي عن صرف المرتبات باستخدام جميع الموارد منذ اتفاق السويد.
وكان محمد عبدالسلام قد أكد أن صنعاء لا تمانع من صرف المرتبات، بل هي التي طالبت بذلك منذ البداية، والطرف الآخر يرفض جملة وتفصيلا.
وقال عبدالسلام: نحن نقول أمام الرأي العام أن تصرف مرتبات الموظفين من عائدات ميناء الحديدة، والإيرادات الأخرى، مؤكدا أن عائدات ميناء الحديدة لا تصل إلى 10 مليارات، وفي المقابل هناك إيرادات من مبيعات النفط التي يقوم الطرف الآخر ببيعها، تصل في الشهر الواحد إلى 240 مليون دولار.
وشدد عبدالسلام على صرف مرتبات الموظفين، ليس فقط المرتبات في الوقت الحالي، ولكن حتى المرتبات المتأخرة، ومرتبات المتقاعدين الحالية والمتأخرة.
الخيار الأمثل
ويرى مراقبون أن قبول اللجنة الخماسية بمقترح صنعاء لصرف المرتبات يأتي من إدراكه أن عدم تمديد الهدنة، يعني العودة إلى استهداف منشآت النفط السعودية والإماراتية، وهو ما سبق أن طرقت الرياض بشأنه ناقوس الخطر في شهر مارس الماضي، حيث أعلنت أن الهجمات التي تطال منشآتها النفطية تهدد إمدادات النفط العالمية، وإذ لا حيلة لتفادي هذه الهجمات إلا بتمديد الهدنة، وكان القبول بمقترح صنعاء لصرف المرتبات هو الخيار الأمثل.
إضافة العلاوات
ويرى مراقبون وكتاب أن تأكيدات الطرف الوطني في المفاوضات على صرف المرتبات كجزء رئيسي من أي تمديد مرتقب للهدنة الأممية، قد أثار ارتياحا بين أوساط الناس، وأوجد بصيص أمل، وأحيا بارقة تفاؤل في نفوسهم، لكن الأهم من تلك التصريحات هو التمسّك بهذا المطلب الإنساني الملح، وعدم إبداء أي مرونة أو تساهل فيه، كما كان الحال خلال الهدنة في مرحلتيها السابقتين، مع الأخذ في الاعتبار مرتبات السنين الماضية.
وقالوا: إن هذا الراتب الشهري بفعل التضخّم وارتفاع الأسعار وتراجع العملة الوطنية بفعل العدوان والحصار، قد فقد أكثر من 60 % من قيمته، فمن كان راتبه من الموظفين ما يساوي خمسمائة دولار، أصبح لا يعادل حاليا مائة دولار، ناهيك عن ارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية والضرورية إلى أضعاف مضاعفة عمّا كان عليه الحال قبل بداية العدوان في العام 2015م.
ودعا المراقبون والمهتمون وزارة الخدمة المدنية، إلى القيام بمباشرة إعداد وإضافة العلاوات السنوية على كشوفات الموظفين، المجمّدة منذ أكثر من ثماني سنوات، وتجهيزها بصورتها النهائية قبل أي تسوية، بما يضمن حقوق الناس، ممن أنفقوا مدّخراتهم، وباعوا مجوهرات نسائهم وسياراتهم، وكل ما يملكون من أجل البقاء أحياء، وتأمين لقمة عيش أطفالهم في زمن انقطاع المرتبات، والتي ستبقى وصمة عار في جبين العالم، الذي لم يحرّك ساكنا إزاء هذا العقاب الجماعي غير المسبوق في تاريخ الإنسانية.
تنصّل
وكانت اللجنة الاقتصادية العليا بصنعاء، قد عبَّرت في وقت سابق عن أسفها إزاء تنصّل الطرف الآخر، وعدم جدية الأمم المتحدة في تنفيذ كل الالتزامات والتفاهمات والاتفاقات السابقة، بشأن استئناف صرف المرتبات لموظفي الخدمة المدنية وفق كشوفات 2014م.
وحمَّلت اللجنة في بيان صادر عنها الطرف الآخر والمجتمع الدولي، المسؤولية الكاملة تجاه استمرار معاناة الموظفين اليمنيين.
وأشارت الاقتصادية العليا إلى المحاولات المتكررة من جانبها للمضي قدماً في إجراءات صرف المرتبات لعموم الموظفين على امتداد الجغرافيا الوطنية، التي كان آخرها الاستعداد لتفويض أحد مكونات المجتمع المدني لإدارة والإشراف على حساب المرتبات في البنك المركزي بالحديدة في حال قيام الطرف الآخر بتغطية العجز لصرف المرتبات لموظفي الخدمة المدنية وفق كشوفات ٢٠١٤م، كتعبير حقيقي عن مدى جديتها وحرصها على تنفيذ الاتفاق.