قبل 14 قرنا من الزمن وتحديدا في الثامن عشر من ذي الحجة، كان الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قد أتم شعائر حجة الوداع ومعه نحو مائة وعشرين ألف مسلم. وأتجه عائدا مع أصحابه إلى المدينة المنورة، وتشير الروايات إلى أنه توقف في منطقة غدير خم ليصلي بالناس صلاة الظهر والعصر ثم أقيم له منبر على اقتاب الإبل ليخطب في الناس خطبته المشهورة والتي ورد فيها حديث ولاية الإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه وتلك القصة تواتر الحديث عنها سواء في كتب أهل السنة والجماعة أو في كتب الشيعة ولا ينكرها مسلم، فقد انحصر الخلاف حول مفهوم ومعنى قوله صلى الله عليه واله وسلم ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) وأياً كان فلسنا هنا بصدد الحديث عن هذا الموضوع فقد تحدث الكثيرون عنه وما يزال وسيظل الحديث مستمرا بشأنه والجدل حول مفهوم حديث الولاية إلى قيام الساعة.
لكن اللافت للانتباه والذي دفعني للكتابة عنه هو تحديد موعد زيارة الرئيس الأمريكي بايدن للمملكة السعودية في هذا التوقيت المدروس بعناية من قبل اليهود وأذنابهم.. وتأتي تلك الزيارة على متن طائرة رئاسية أمريكية خاصة انطلقت من الأراضي المحتلة أو ما تسمى بدولة إسرائيل مباشرة إلى المملكة السعودية!!! وقد شارك الرئيس الأمريكي في القمة الخليجية التي انعقدت يومي 17 – و 18 ذي الحجة !!! وهي قمة تجمع دول الخليج التي أعلن معظمها التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني الغاصب فيما تستعد بقيتها لإعلان التطبيع خلال الفترة القريبة القادمة بعد أن هيأت شعوبها للقبول بالتطبيع الرسمي العلني مع الكيان الغاصب .. وقد خطب الرئيس الأمريكي بايدن في هذه القمة داعيا زعماء دول الخليج يومي 17 و 18 من شهر ذي الحجة لعام 1443هـ، خطابا دعا فيه إلى إحلال السلام مع إسرائيل وكاد أن يقول لهم (أنا أشهدكم أني أتولى الكيان الصهيوني فمن كنت مولاه فهذا الكيان الصهيوني مولاه وعليكم إعلان الولاية المطلقة لدولة إسرائيل!!!)، وقد استبق الرئيس بايدن ذلك بتصريح عند بدء زيارته لدولة إسرائيل قال فيه (ليس شرطا لتكون صهيونيا أن تكون يهوديا)، وهو بذلك لا يقصد نفسه فقط بل يقصد كذلك حكام دول الخليج فليس شرطا أن يكونوا يهوداً ليكونوا صهاينة، فبالإمكان أن يكونوا مسلمين صهاينة!!! هذا الكلام ليس تخمينا أو كلاماً مرسلاً بل هي الحقيقة التي يسعى الإعلام العربي لإخفائها بعناوين متفاوتة ومع ذلك يؤكد جميع الخبراء والمحللين السياسيين أن الهدف الرئيسي لزيارة الرئيس الأمريكي هو توجيه زعماء الخليج بسرعة إنجاز مرحلة التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني، فيما يحاول الإعلام العربي توجيه أنظار الشعوب العربية إلى أن هدف تلك الزيارة هو طلب زيادة إنتاج دول الخليج من النفط لتغطية العجز في الأسواق العالمية بسبب العقوبات الاقتصادية على روسيا.. وباعتقادي فإن ذلك الأمر كان بإمكان الرئيس الأمريكي الوصول إليه بتوجيهات مباشرة يصدرها البيت الأبيض لزعماء الخليج دون حاجة لزيارة الرئيس بايدن شخصيا !! بما يدلل على أن هذه الزيارة لها هدف أعمق وأكبر من موضوع النفط، والهدف يتضح من خلال توقيت الزمان والمكان المحدد للزيارة، فاختيار هذا التأريخ وأن يتم عقد القمة في المملكة السعودية وبعد إنهاء شعائر الحج له دلالات واضحة لمن كان له عقل واعٍ.. وباعتقادي أن تاريخ الـ 18 من ذي القعدة سيتحول من يوم للاحتفال بذكرى ولاية الإمام علي رضي الله عنه إلى يوم للاحتفال بذكرى ولاية الكيان الإسرائيلي!! ومن نراهم يعارضون اليوم الاحتفال بذكرى إعلان ولاية الإمام علي رضي الله عنه سنجدهم بالغد القريب يحتفلون بذكرى ولاية إسرائيل لترتسم بذلك صورة مؤسفة للأمة الإسلامية والحال الذي وصلت إليه بعد تفريطها بتوجيهات نبيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم ..والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل..