سنقطع يد السارق !

يكتبها اليوم /عباس السيد

 

في يونيو عام 2010م ، كنت في محافظة الأقصر المصرية ـ 800 كم جنوب القاهرة ـ وهي المحافظة التي تحتوي على ثلثي الآثار المصرية .. كان الطقس حارا منتصف النهار ، وبدت المقبرة الفرعونية التي كنا بداخلها أشبه بفرن .
انسحبت صاعدا السلم الخشبي وجلست بانتظار خروج بقية المجموعة ، فتبعني أحد السياح اليابانيين .. وهو يلوح من شدة الحر وجلس إلى جواري ، وبمجرد معرفته أنني يمني ، نسي الياباني « كدا keda» الأقصر بآثارها العظيمة ، وأخذ يتغزل بسقطرى اليمنية وجمالها وشوقه إلى زيارتها ، وهي بحسب برنامجه ستتم بعد ثلاثة أشهر .
السائح الياباني بدا مثل العاشق الولهان وهو يعد الأيام المتبقية لزيارة سقطرى ، بينما شعرت أنا بمزيج من الحزن والحرج والحسد في آن ، وكنت خائفا لو يسألني : هل زرت الجزيرة من قبل ؟ فكم هو محرج لي لو عرف الياباني أنني اليمني الذي يزور الأقصر ، لم أزر سقطرى اليمنية من قبل .
لكنه سألني سؤالا آخر : “هل تقطعون يد السارق في اليمن ؟ “. وكان قد شكا لي بحرقة فقدانه حقيبة أغراضه داخل المترو بالقاهرة ، طمأنته من هذه الناحية ، وتمنيت له زيارة ممتعة وإقامة طيبة في سقطرى .
حينها لم أكن أتوقع أن يأتي الوقت الذي يُغير فيه اللصوص على بلادنا من البحر والبر والجو ، لصوص بهيئة دول وأنظمة وجيوش ، لصوص كبار بحجم أميركا والسعودية والإمارات وإسرائيل.. لصوص لا يسرقون الجيوب والمحافظ والحقائب والخزانات الشخصية أو العامة بل يسرقون دولاً ، محافظات ، يسرقون موانئ وشواطئ ، وحقول نفط وغازاً ، لم أكن أتوقع أن تتعرض سقطرى نفسها للسرقة .
الإمارات تسرق سقطرى .. الأدلة واضحة على الجريمة ، وهنا بالذات ، سيطبق اليمنيون الحكم الذي سألني عليه الياباني في الأقصر، سيقطع اليمنيون يد السارق ، لأنه تمادى كثيرا في جريمته ولم يقدر أضرارها أو عواقبها .
لم يراع اللص الإماراتي إمكاناته ولا قدراته ، وغاب عنه أن يد اليمنيين طويلة وقد أثبتت أنها قادرة على الوصول إلى مخبئه في أبوظبي ودبي .
محاولة اللص الإماراتي تغيير هوية الجزيرة وسكانها ، استعانته بخبرات اللص الإسرائيلي ، استمراره في نقل الشحنات العسكرية واستغلال فقر أبناء الجزيرة لتجنيدهم ضمن قواته ، التهجير والتجنيس وشراء الأراضي ، كل ذلك لن يمكنه من تملك الجزيرة أو أن ينعم بخيراتها ..
لن يفرط اليمنيون بسقطرى ، مهما تأخروا في تنفيذ حكم الله.. هذه جزيرة “ أبويمن “ وليست جزيرة “أبوموسى “ أو جزيرة أبو “جلال “ قد يتأخر تنفيذ الحكم ، لكن القاضي “ أبو جبريل “ أصدر الحكم : “ سنحرر كل شبر من أرضنا المحتلة “ .
يبدو اللص الإماراتي جديداً على مهنة السرقة، استغل محنة اليمنيين، وباشر ارتكاب جريمة لا يجرؤ على ارتكابها لصوص كبار بحجم اللص الأميركي، اللص الذي يُدربه ويتعامل معه ككلب صيد تحت التمرين .
استعادة اليمنيين لجزيرة سقطرى، لن تكون خاضعة لصفقات ومفاوضات، لن يؤثر فيها تهديدات، ولن ينفع فيها تحالف مجلس التعاون أو قرارات مجلس الأمن ..
بالنسبة لليمنيين ، سقطرى هي اليمن ، واليمن هي سقطرى .. الصفقة الوحيدة التي سيقبل بها اليمنيون هي : سقطرى مقابل الإمارات . والسارق تقطع يده .
aassayed@gmail.com

قد يعجبك ايضا