الثورة نت|
أكد رئيس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، أن مركزية الدول الغربية التي أنتجت مجموعة من المفردات والمصطلحات المليئة بالمغالطات التاريخية وصيغ جديدة مست حياة الآخرين وثقافتهم، هي في الواقع كارثة على شعوب العالم.
جاء ذلك خلال مشاركته اليوم في مفتتح أعمال الندوة الوطنية التي أقامتها وزارة حقوق الإنسان اليوم بصنعاء تحت عنوان “التواطؤ والازدواجية في التقارير الدولية اليمن- فلسطين – أوكرانيا نموذجا”.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن المجتمعات العربية والإسلامية ينبغي عليها أن تقف أمام المفردات والمفاهيم المغلوطة وتعمل على تصحيحها لكي تكون واضحة للجيل الحالي والأجيال التي ستقرأ عن واقع الحال في تاريخنا الذي تم تشويهه بمجموعة من المفردات والمفاهيم ذات البعد الأيديولوجي لمغالطة القارئ والمستمع كنتاج طبعي للرؤية التي تبنتها الدول الاستعمارية منذ 400 سنة ويزيد.
وقال “إن تلك الرؤية تعمق في مختلف الشعوب غير الأوربية ومنها شعوبنا العربية والإسلامية، المركزية الأوربية وبأنها من تقدم للإنسان أجمل الأعمال وستحرر الكرة الأرضية من القضايا المتخلفة القديمة والتقليدية عبر خلق نظام ثقافي وإنساني يساعد على تحرير الأمم والشعوب”.
وأضاف “حينما تأتي قضية كبرى مفصلية كالقضية الفلسطينية فإنها تفضح زيف ادعاءاتهم وتعري كل الكلام والقيم التي يروجون لها عبر فعالياتهم وإعلامهم وزيف الدراسات التي يحاولون باستمرار أن يغرسوها في أذهان الأجيال”.
وتابع “نذكر هنا الوقائع التاريخية التي تتحدث عن الأوربيين حين ذهبوا لغرب الكرة الأرضية وقاموا بمحو الثقافة الأصلية للشعوب والأمم التي كانت قائمة وأبادوا الأغلبية الساحقة من أبنائها وعمدوا إلى زراعة فكر ودين وثقافة على خلاف ما كانت عليه تلك الشعوب وهو ما تعرضت له أيضا الشعوب الأفريقية التي كان من بينها من يتحدث اللغة العربية”.
وبين رئيس الوزراء أن الدروس التي تقدمها أوروبا للبشرية منذ خمسين عاما هي دروس كارثية عنصرية مقيتة تنضح بإرثهم الفكري الذي يمجد العرق الآري وينظر إلى غيره من الأجناس بدونية.
وأشار إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية قلبت كل شيء رأسا على عقب وأسقطت الدعاية البراقة للمنظومة الغربية الرأسمالية برمتها ودروسها عن الحقوق والحريات.. لافتا إلى أن التمييز العنصري في هذه الأزمة كان طاغيًا بالتفرقة بين لاجئي أوكرانيا واللاجئين إلى أوربا من باقي الدول غير الأوربية، سيما إن كانوا عربا، والذين يموتون على حدودها أو غرقا في عرض البحر.
ومضى الدكتور بن حبتور قائلا ” في واقعنا اليمني نجدهم يسعون لتكريس المفهوم الذي يقوم على تكريس مفهوم أن الصراع الحالي صراعا داخليا فحسب، وهو ما أنجر اليه العديد من الكتاب والصحفيين ممن كنا نعدهم إلى حد ما محايدين، وارتضوا بأن يكونوا خونة وعملاء يعملون مع الدول المعتدية على وطنهم”.
وذكر أن صراع الشعب اليمني مع النظامين السعودي والإماراتي وداعميهما المعروفين حقيقة واضحة، ومن لا زال متأثرا بمفردات الحرب الباردة فذلك شأنه.
وتطرق رئيس الوزراء إلى القضية المركزية الفلسطينية بقوله :”أربعة وسبعون عاما والكيان الصهيوني الغاصب يقتل ويشرد وينكل بإخواننا في فلسطين ويأتي شخص كمحمد بن سلمان أو محمد بن زائد وغيرهم ليطبعون مع الكيان الصهيوني على ذلك النحو المذل والمستفز، متناسين القضية الفلسطينية والمعاناة الكبيرة التي مر ويمر بها الفلسطينيون حتى اللحظة”.
واعتبر الوقوف إلى جانب أي جهة تقاوم التطبيع وتسعى لدعم الأشقاء بفلسطين في مقاومة المحتل الصهيوني هو شيء مقدس بالنسبة لكافة الشعوب العربية والإسلامية التي لم تتلوث بأي شكل من الأشكال بالتطبيع مع عدوها التاريخي والأزلي وكذلك بالمصطلحات المسمومة.
وجدد الدكتور بن حبتور التأكيد على أن أي دولة تمد يدها للشعب اليمني في مواجهة العدوان، هي بطبيعة الحال حليفا لنا أكانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية أو غيرها من الدول العربية والإسلامية وحتى الأجنبية.
وعبر في ختام كلمته عن الشكر لوزارة حقوق الإنسان بقيادتها وجميع موظفيها على تنظيم هذه الفعالية الهامة وما سبقها من فعاليات تخدم الفكرة الإنسانية وأبعادها الحقوقية والسياسية.
وفي الندوة التي حضرها وزير الدولة لشؤون مجلسي النواب والشورى الدكتور علي أبو حليقة والدولة الدكتور حميد المزجاجي وعضو المكتب السياسي لأنصار الله فضل أبو طالب، أكد القائم بأعمال وزير حقوق الإنسان علي الديلمي، على أهمية الندوة لمناقشة المعايير الدولية التي تتعامل بها الأمم المتحدة إزاء قضايا الصراع في العالم والكيل بمكيالين تجاه ما تتعرض له عدد من البلدان العربية، كقضية الشعب الفلسطيني واليمن والعراق وسوريا وغيرها.
وأشار إلى أن الأوساط الدولية ومنظمات الأمم المتحدة تستخدم مصطلحات انتقائية واستثناءات وخاصة ما يتعلق بالقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان كمصطلحات “الأضرار الجانبية، وأزمة داخلية، واقتتال داخلي، والأخطاء والشرعية الدولية” وغيرها من المصطلحات الاستفزازية والتهميشية لكثير من القضايا في عدد من البلدان التي ترتكب فيها أفظع وأبشع الجرائم ضد الإنسانية وتنتهك فيها حقوق الإنسان.
ولفت الديلمي، إلى أن أهم المبادئ الشرعية الدولية التي لا يتم تطبيقها إلا في بلدان محددة دون أخرى، هو مبدأ المساواة في تطبيق القانون، والذي تم تهميشه منذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة، والتي عملت على إرساء مبادئ وقواعد الشرعية كحظر استخدام القوة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان.
وتساءل “هل ما تسمى التدخلات الإنسانية في البلدان تدخلات إنسانية حقيقية أم أن هناك علامات إستفهام كثيرة وراء تلك التدخلات وفلسطين واليمن وأوكرانيا نموذجا”.
وتطرق الديلمي، إلى كيفية إدارة الأزمات الدولية من قبل الأمم المتحدة واستخدام مبدأ الكيل بمكيالين في كثير من تلك الأزمات وازدواج للمعايير لتوفير الغطاء للغزو والاحتلال كما حدث ويحدث في العراق وفلسطين واليمن.. مؤكدا أن هناك تلاعب بالقيم والمبادئ الدولية لصالح منتهكي حقوق الإنسان ومن يقومون بجرائم الحرب.
وأشار إلى الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها تحالف العدوان في اليمن كجريمة الصالة الكبرى وأطفال ضحيان والسجن الاحتياطي بصعدة وعرس سنبان وقتل الأسرى وغيرها من الجرائم والإنتهاكات، والتي وُفر لها غطاء وتبرير من الأمم المتحدة ما جعلهم يتجرأون على ارتكاب المزيد من الجرائم، وكذا ما حصل من التفاف على المواثيق الدولية والمبادئ الخاصة بحماية الأطفال وإخراج دول تحالف العدوان من قائمة العار بل وجعلهم وبكل جرأة ضمن الدول التي تسعى لحماية الأطفال.
وأضاف القائم بأعمال وزير حقوق الإنسان” لم تقم الأمم المتحدة باتخاذ أي إجراءات إزاء الجرائم التي ارتكبها تحالف العدوان في اليمن ولم تقم بتشكيل لجان تحقيق أو اتخاذ أي أجرأت لضمان عدم تصدير الأسلحة لتلك الدول”.
وقدمت في الندوة ثلاث أوراق عمل، حيث استعرض مدير إدارة منظمات المجتمع المدني بوزارة حقوق الإنسان إبراهيم الحبيشي، في الورقة الأولى، نماذج من التقارير الدولية الصادرة حول اليمن وفلسطين وأوكرانيا.
وتناولت الورقة الثانية التي قدمها السفير بوزارة الخارجية الدكتور نجيب الزعيمي، تحليلا للتقارير وارتباطها بالأهداف والمصالح الإقليمية والدولية وتأثيرها عليها، فيما تطرق رئيس المتحف الحربي العميد عابد الثور، في الورقة الثالثة إلى تأثير قوة الردع في فضح الازدواجية الدولية وتغيير توجهاتها.
وقد أثريت الندوة التي حضرها عدد من المسؤولين وأعضاء مجلسي النواب والشورى وممثلي منظمات المجتمع المدني والحقوقيين والمهتمين، بالنقاشات والمداخلات من قبل الحاضرين.