“حصار تعز» !
يكتبها اليوم / عباس السيد
ازداد الحديث عن حصار تعز في الفترة الأخيرة ، نواح وبكائيات ، احتجاجات وفعاليات ، هاشتاجات ، كذب ودجل و تهويل ، يتجاوز حجم القضية …
أصبح حصار تعز الشغل الشاغل لوسائل إعلام تحالف العدوان ومرتزقته، ومن الواضح أنها حملة منظمة تنضح بالتحريض والتعبئة والتحشيد وتخلو من الإنسانية .
تعز وكل المحافظات اليمنية تعاني من الحصار الذي يفرضه تحالف العدوان منذ سبع سنوات .. حصار بري وجوي وبحري ، تحولت اليمن بموجبه إلى سجن كبير مساحته نصف مليون كيلومتر مربع ، ولم يسبق لأي دولة في العالم أن تعرضت لحصار مماثل على مدى التأريخ، ومع ذلك يتم التغاضي عن حصار اليمن وتداعياته الكارثية ، وإلهاء الداخل والخارج بـ «حصار تعز « .. فما هو الحصار الذي فرضه «الحوثيون» على تعز ؟!.
هل منع الحوثيون وصول المواد الغذائية أو المشتقات النفطية مثلا إلى تعز ؟!
هل منع «الحوثيون» أبناء تعز من التنقل من وإلى المحافظة ؟! .
لماذا هذا التهويل ؟! ألا ترتبط تعز بكل المحافظات المجاورة لها ، الحرة والمحتلة ؟!
لماذا يتباكى إعلاميو وناشطو المرتزقة على الحوبان ، بينما يتغافلون عن المخا التي تحولت إلى منطقة عسكرية تابعة لتحالف العدوان ، محظورة على أبناء تعز ، بما فيهم المحافظ الذي يدعي الشرعية !!
إذ لا يسمح لأبناء تعز الوصول إلى مديرية المخا، وعليهم السفر إلى عدن ومنها إلى المخا !!
لقد فرضت ظروف الحرب أن يتخندق طرفا الحرب كل في مواقعه ، وانسحب الجيش واللجان الشعبية من مدينة تعز إلى الحوبان حقنا للدماء ، بعد أن أخذت المعارك في المدينة وضواحيها بعدا مناطقيا ومذهبيا ، استبيحت خلالها الأرواح والدماء والأموال والأعراض بناء على الهوية والعائلة والمنطقة .
تموضع الجيش واللجان في الحوبان اقتضى استخدام طريق بديلة للتنقل من وإلى مدينة تعز .
نعم تسببت الطريق البديلة بمعاناة للمسافرين ، نظرا لوعورتها وطولها ، لكنها لم تكن رغبة للجيش واللجان ، بل خيارا فرضته الحاجة الأمنية لطرفي الحرب ، وأيضا الحاجة الأمنية للمواطنين .
وفتح طريق الحوبان أمام المسافرين يتطلب تنسيق طرفي الحرب ، يراعي كل طرف هواجس الآخر ، وعدم استثمار معاناة الناس كتكتيك لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية .
عشرات الآلاف من أبناء محافظة تعز لا يستطيعون العودة إلى بيوتهم في تعز ، ليس بسبب «حصار الحوثيون» بل بسبب خوفهم على حياتهم من المليشيات التي تسيطر على المدينة وعدد من مديرياتها ، فهي من تتحكم بهوية المسافرين من و إلى المدينة .. وهي من ارتكبت مئات المجازر والانتهاكات بحق الآلاف من أبناء المحافظة لمجرد الشك بأنهم يختلفون معها فكريا أو سياسيا .
وبفعل هذه السياسة النازية للمليشيات في تعز ، تم تهجير ونزوح عشرات الآلاف من أبناء المحافظة إلى العاصمة صنعاء والمحافظات الحرة .
أكثر من ثلاثمائة منزل في مدينة تعز تم نهبها والسطو عليها خلال 2015م فقط ..
قرى بأكملها حوصر سكانها وتم التنكيل بهم من قبل المليشيات التكفيرية التي تشكل جزءاً أساسيا مما يسمى «الجيش الوطني « ، ومن نجو من آل الرميمة في حدنان أو آل الجنيد والسروري في منطقة الصراري تم تهجيرهم خارج المحافظة و احتلت بيوتهم ومزارعهم ..
حتى مفتي المحافظة المرحوم سهل بن عقيل ، تم تهجيره والسطو على منزله .
أيوب طارش ، أيقونة تعز ، تم التضييق عليه إلى أن هاجر إلى العاصمة .. والمفارقة المثيرة أنهم كلما ازدادوا غرقا في وحل العمالة والارتزاق رددوا أناشيده «لن ترى الدنيا على أرضي وصيا» .
الكلمة الفصل :
في كلمته خلال حفل تخرج دفعة جديدة من كلية الشرطة ، كان موقف الرئيس مهدي المشاط من حصار تعز واضحا ، ينم عن مسؤولية وطنية عالية ، حين طمأن أهلنا في تعز ، بأنه لن يألو جهدا لرفع المعاناة عن المحافظة وإيجاد بدائل وحلول مناسبة «حتى وإن كانت من طرف واحد»، فهو يدرك أن الطرف الآخر غير جاد في الوصول إلى حل ، وأن المليشيا المسيطرة على تعز ، ورعاتها في الخارج يستخدمون موضوع الحصار ، للمتاجرة بمعاناة الناس وتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية .
aassayed@gmail.com