ثم ماذا بعد ؟!
يكتبها اليوم / أحمد يحيى الديلمي
تتماوج في الساحة سيناريوهات عديدة كلها تتحدث عن السلام والبحث عن شروط هذا السلام وأفق الوصول إليه، وما يثير الغضب واستفزاز المشاعر أن تتعالى دعوات أخرى تعتمد على فبركات الأخبار الزائفة بدعوى الحرص على هذا السلام، كما يحدث في قنوات الزيف والبهتان وعلى رأسها قناة الحدث الأكبر، فمنذ بداية هذا الأسبوع وهي تتحدث عن إجراءات تتم في نطاق المحافظات المحتلة بدءاً بعملية إقصاء الدنبوع وانتهاء بالقرارات الأخيرة التي تحدثت عن توحيد الجيش والأمن، كما يدعون.
ما أثارني جدا أن هذه القناة استضافت من تسميهم خبراء ومحللين سياسيين قالوا إن ما يجري منذ أول وهلة يسير في نطاق الدستور.. كم هو مسكين هذا الدستور!! وكم نشفق عليه ! وكم من الأرواح التي أزُهقت باسمه.. وأين الدستور مما جرى وما يجري؟!.
سألت أحد المراجع القانونية المعروفة الذي يُطلق عليه فقيه القانون والدستور عن هذه الخطوات ومقارنتها بما جرى في صنعاء منذُ سنوات عندما توافقت القوى السياسية على تشكيل المجلس السياسي الأعلى وتم اختيار الشهيد العظيم والمجاهد الكبير الصماد رئيسا له، فأجاب وهو يضحك “الفرق كبير والبون شاسع فما جرى في صنعاء تم من خلال أكبر قوى سياسية في الساحة وهي أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام وبعد ذلك أقرها مجلس النواب بنصاب حقيقي خاصة بعد اتصال عدد من الأعضاء الذين هم خارج الوطن ومباركتهم للخطوة، ولم يكتف المُشرِّع بهذه الخطوة بل أيدها ذلك الجمع الهائل الذي لم تشهد مثله العاصمة صنعاء من قبل ولم يحتشد أكثر من أربعة ملايين يمني من جميع المحافظات في مثل تلك الواقعة، وبالتالي فقد مثلت هذه الخطوة استفتاء شعبياً وتأييداً مباشراً من الشعب لعملية الإعلان الدستوري، وما جرى في الرياض فضيحة كبرى لأن قرار تعيين المجلس الرئاسي جاء من الرياض وأبو ظبي بل وبمباركة بريطانيا وأمريكا وتم الإفصاح عن الإعلان الدستوري من قبل المحتلين للوطن”.. وهنا ندرك البون الشاسع بين العمليتين لأن المدعو الدنبوع أُجبر على ترك المنصب وكذلك المدعو/ علي محسن الأحمر، تم إقصاؤهما بقرارات سعودية إماراتية !؟ إذاً لا علاقة للدستور من قريب أو من بعيد بهذه الخطوات، ومن العيب أن يتحدث من يعتبروا أنفسهم أساتذة في القانون عن هذه الأساليب التي لا تنم إلا عن الجهل والغباء رغم أن الخطوة مكشوفة ومعروفة، فالدستور اليمني الذي أقره الشعب في استفتاء عارم، دستور دولة الوحدة المعد من قبل لجنة وطنية من شطري الوطن سابقا، تعرض للانتهاكات منذ أول وهلة وجرى تعديله بدفع وتمويل من السعودية، وأخيرا دخلت الإمارات في نفس الاتجاه بعد أن فشلت – ومعها ألمانيا وبريطانيا – في إيجاد دستور بديل كان مفخخاً بالألغام القاتلة والعبارات الماجنة التي كان هدفها الأكبر إبقاء بذور الفتنة قائمة لإشعالها في أي لحظة يحتاجها الأعداء، وإن كان الضحايا من اليمنيين وهم اليوم يتلذذون بدماء اليمنيين حتى من هم معهم ويقاتلون باسمهم ، لأن هدفهم الأساس القضاء على أكبر عدد من اليمنيين.
واليوم بعد أن تم تمديد الهدنة لشهرين قادمين، نقول ماذا بعد ؟ الحقيقة أن الواقع ومشاهده الماثلة تؤكد أن النظام السعودي سيظل يتخبط ومعه النظام الإماراتي لأنهما لم يصلا إلى الغايات التي أرادت أمريكا الوصول إليها وخططت لها بريطانيا، وهي عودة اليمن إلى بيت الطاعة والانصياع لكل ما تخطط له أمريكا ولو عن طريق السعودية، وهذا يجعلنا نخاطب إخواننا الذين يعتبرون أنفسهم اليوم دولة ونقول: إلى أين أنتم ذاهبون وما مقياس المواطنة من وجهة نظركم؟.. من العيب بل ومن العار أن تظلوا أدوات في يد أعداء الوطنـ ومن العيب أن تحملوا – من تسموهم الحوثيين – وزر انقطاع المرتبات وأنتم تتحكمون في تصدير النفط والغاز وتشرفون على خمسة موانئ، بينما القيادة الوطنية في صنعاء لا تشرف إلا على ميناء الحديدة وتصل الواردات إليه في فترات متقطعة لأنها لا تزال تخضع لإرادة المحتلين وهم يحتجزون السفينة تلو الأخرى كل ما عنَّ لهم ذلك.. ألا تدركون أن هذه مغالطة كبيرة ومكشوفة تريدون من خلالها أن تخدعوا الشعب بهذه الكلمات المعسولة والمرتبات في بطونكم وفي خزائنكم وأنتم المسؤولون عنها منذ أن قمتم بنقل البنك المركزي إلى عدن والأمور تسير على نفس المستوى من الإحباط والتدني في الأخلاق.. فهل تدركون هذه الحقائق وتعودون إلى رشدكم ، المطلوب إذا كنتم فعلا تؤمنون بحق المواطنة أن تدركوا معاناة الشعب وأن لا تجعلوا هذه المعاناة مدخلاً للمزايدة والمضاربة فالزمن لن يرحمكم وأبواب الهجرة ستكون مفتوحة أمامكم بعد أن تتصاعد الثورة ضدكم حتى في المحافظات التي تعتبرونها خاضعة لإرادتكم . يكفي كل هذا الغي وعودوا إلى رشدكم.. والله من وراء القصد .