أكاديميون يتحدثون لـ( الثورة ) عن أهمية النهوض بالأوقاف على ضوء موجهات قائد الثورة: معاً من أجل بناء مؤسسة وقفية تنهض بالوقف وتحمي أمواله وممتلكاته وتحقق التكافل الاجتماعي
د. القطابري: نسعى لأن يمتد الوقف إلى المجالات الصحية والسكنية للفقراء والمحتاجين
د. الحرازي: نطمح إلى الانتقال من حماية الأوقاف وحصرها إلى تنميتها من خلال المشاريع الاستثمارية
د. شرف الدين: بعد أن جعلها النظام السابق مصدراً للنهب والتقسيم بين النافذين عادت الأوقاف إلى أهلها بفضل ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر
د. الرفيق: إذا ما أردنا تفعيل استثمار الوقف لا بد أن نواجه بعض التحديات والصعوبات والمخاطر.
د. داعر: نهدف إلى الوصول إلى الغاية المثلى للوقف وإدراك مصارف الوقف التي تصل إلى 150 مقصداً.
د. الحوثي: من توجيهات قائد الثورة للاهتمام بالأوقاف أن نعالج المشاكل بتأنٍ وعلى مراحل
د. الطوقي: البحوث العلمية سبيل لحل المشكلات لتخطو الهيئة إلى الأمام ويعم الخير على المواطنين
د. قاضي: ليتعاظم أجر الواقفين لا بد من توسيع المنافع وهذا لن يتأتى إلا بتنمية الموارد واستثمارها
يحظى قطاع الأوقاف في هذه المرحلة باهتمام كبير من القيادتين السياسية والثورية، وقد اعتبر قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي مجتمعنا اليمنيّ من أكثر المجتمعات التي قدمت الأوقاف على مدى القرون الماضية، لكن الجانب الرسمي على مدى السنوات الماضية كان يتعامل معها كمغنم توزع بين النافذين ولا تحقق مقاصدها ولذلك كان هناك توجه رسمي وشعبي لإصلاح الخلل في الأوقاف والاهتمام بها في هذه المرحلة من أجل بناء مؤسسة وقفية تنهض بالوقف وتحمي أمواله وممتلكاته وتحقق التكافل الاجتماعي وبما يتوافق مع مقاصد الواقفين.
“الثورة” واكبت المؤتمر الوطني الأول للأوقاف الذي أقامته الهيئة العامة للأوقاف تحت شعار “معاً نحو التحول الاستراتيجي في العمل الوقفي”، والتقت عدداً من الأكاديميين للوقوف على أهمية الأوقاف والنهوض بها على ضوء كلمة قائد الثورة في افتتاح المؤتمر … فإلى التفاصيل:
الثورة / أحمد السعيدي
في البداية كان الحديث حول البحث عن مجالات جديدة لمقاصد الأوقاف، حيث تحدث الدكتور محمد علي القطامي- رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر الوطني الأول للأوقاف قائلا:
” في البداية لقد أعطى السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي- قائد الثورة اهتماماً كبيراً بالأوقاف من خلال كلمته في تدشين المؤتمر الوطني للأوقاف وذلك لما يحظى به الوقف من أهمية قصوى نظرا للدور الإيجابي الهام الذي يحدثه في المجتمع، حيث يعمل على حمايه المجتمع من مخاطر الحقد والحسد والكراهية بين الطبقات الفقيرة والطبقات الغنية، كما يحمي المجتمع من تفشي حالات السرقة وشيوع حالات الفوضى والبطالة والفقر، ومن خلال هذا المؤتمر نحاول أن نصل إلى نهضة وقفية كبيرة تتمثل في أن يكون الأوقاف شاملا مجالات أخرى غير المتعارف عليها المساجد والمقابر والمصاحف وغيرها، فمثلا أن يمتد الوقف إلى المجالات الصحية كإنشاء عيادات صحية في مواقع جغرافية أكثر عوزاً وحاجة وأشد فقراً وكذلك صيدليات للفقراء والمساكين بأسعار رمزية إن لم تكن مجانية، أيضا الحالات الاجتماعية الفقيرة من خلال إنشاء صناديق للإسكان يخضع ريعها لدعم الفقراء والمساكين من خلال بناء المساكن أو من خلال دفع الإيجارات عنهم، أيضا أن تمتد مجالات الأوقاف إلى إقامة البرامج التوعوية في أوساط المجتمع حول أهمية الوقف، ونطمح أيضا من خلال المؤتمر الوطني للأوقاف وإنشاء الهيئة العامة للأوقاف إلى التركيز على توفير فرص عمل للفئات الاجتماعية الفقيرة، بما يسهم في حل المشاكل الاجتماعية المعيشية في المجتمع، والأهم من ذلك أن تكون الهيئة تحت مبدأ الإفصاح والشفافية في عملها من خلال اعتماد إصدار كتيب يتضمن إحصائيات مالية واستثمارية للهيئة، كما لا بد أن يستمر المؤتمر بشكل سنوي للاطلاع على ما تم إنجازه وأبرز الصعوبات، ولذلك ندعو المجتمع- كما اكد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في حديثه- إلى أن يتعاون مع الأوقاف في كل المجالات الإعلامية والتوعوية والأمنية والقضائية وغيرها من المجالات للخروج بنتيجة إيجابية تسهم في النهوض بقطاع الأوقاف.
التدرج والشفافية وتطبيق القانون
الدكتور محمد علي الحرازي – أستاذ الاقتصاد المشارك في أكاديمية الشرطة- عضو فريق الخبراء لوضع الاستراتيجية العامة لهيئة الأوقاف تحدث عن أهم ما تحتاجه نهضة الأوقاف حيث قال:
من “خلال الاستراتيجية التي وضعنا فيها الجانب الاستثماري وكيف تكون الأوقاف شركة قابضة وإيجاد شراكة مع القطاع الخاص، لننتقل من حماية الأوقاف وحصره إلى تنميته من خلال المشاريع الاستثمارية التي تخدم المجتمع وتحمي أموال الأوقاف وتحقق مقاصد الواقفين لكي تستمر أعمال البر والإحسان وذلك بضمان الديمومة من خلال تنمية واستثمار أموال الأوقاف، فمثلاً أراضي الأوقاف لا تتم زراعتها أو أنها تزرع أحيانا بمحاصيل لا تسهم بما يحقق الاكتفاء الذاتي باعتبار 70 % من الأراضي اليمنية أوقافاً وكذلك الجانب الصناعي والسكني والعقاري والتجاري تستطيع الأوقاف أن تسهم بما لديها من موارد في إنعاش هذا الجانب وتمثل القاطرة التي تؤثر على رجال الأعمال الذين لا يفكرون في الربحية وهدفهم تقديم الخدمات العامة للمجتمع وبالتالي فإن الأوقاف إذا وجدت لديها إدارة جيدة وإرادة حقيقية سيكون لها دور كبير في المستقبل القريب لمعالجة كثير من المشاكل الاقتصادية بشرط أن ترتكز على مبدأ الشفافية وتطبيق القانون، وبالرجوع إلى كلمة السيد القائد في تدشين المؤتمر الوطني الأول والتي تحدث فيها عن ضرورة التدرج في تطبيق الإجراءات، فحتى المريض إذا أعطيناه جرعة زائدة ممكن أن تقضي عليه لكن الأطباء يبدأون في معالجة المشكلة المستعصية ببعض المضادات والتدرج حتى الوصول إلى آخر الحلول، وكذلك الأوقاف يجب عدم فرض المبالغ الكبيرة في المأذونيات أو فرض إيجارات باهظة لمحدودي الدخل فيما يتعلق بمساكنهم، فإذا كان الموظفون الذين أنا وأنت منهم يعانون من تسديد الإيجارات الشهرية، فما بالك أن تأتي تطالب من شخص ثلاثة ملايين أو أربعة إيجارات سابقة، وما أود التركيز عليه وإبرازه في صحيفتكم هو أن المجمعات الصناعية في حدة أو في الزبيري وغيرها تم إيقافها من هيئة الأوقاف لعدم تجديد المأذونية التي تبلغ مئات الملايين وهذا للأسف يتسبب في زيادة معاناة الناس، حيث أن التاجر يرفعها على الأسعار ويتحملها المواطن، ولذلك يجب أن تكون المعالجات على أساس طبيعة الأوقاف المتمثلة في الجانب الروحاني والإنساني والرحمة والتعاطف والأهم من ذلك كما ذكرت سابقاً التدرج والشفافية وتطبيق القانون”.
مخاطر استثمار الأوقاف
الدكتور محمد يحيى الرفيق- رئيس جامعه ذمار سابقا هو الآخر تحدث عن أهم المخاطر التي تواجه نهضة قطاع الأوقاف قائلاً:
“كما نعرف جميعا أن الوقف يعني التخلي الدائم أو المستمر من قبل المسلمين عن أي ممتلكات منقولة وغير منقولة لأي غرض ديني أو خيري وكما نعلم أيضاً أن الاهتمام بالوقف جاء بتوجيهات صريحة من قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي والقيادة السياسية، ولذلك لا بد أن نحرص على الآتي- إذا ما أردنا تفعيل استثمار الوقف- أولاً أن نواجه بعض التحديات والصعوبات والمخاطر مثل ظهور القصور في الإطار التشريعي المنظم لمجالات عمل الهيئة وأيضا استمرار العدوان والحصار وعدم الاستقرار السياسي وبروز سلوكيات داخلية في المجتمع تتمثل في الاستغلال الشخصي للوقف، ولا ننسى تنامي المديونيات الحكومية لصالح الأوقات مع العجز عن تسديدها، وأيضاً تفشي ظاهره النزاع المسلح على أعيان الوقف وعدم الفصل في تلك النزاعات، وفي الأخير لا بد أن يجتمع الجميع على إنجاز ما تقوم به هيئة الأوقاف لإحداث نقله نوعية من خلال الاستفادة من آراء الفقهاء والعلماء حول آليات استثمار أموال وأملاك الأوقاف والاعتماد على الدراسة الحديثة في الإدارة وأهمية تطبيق الصيغة المبتكرة كما تطرقت له في البحث المقدم خلال الفعالية.
ثورة أعادت الحقوق
أما الدكتور علي حمود شرف الدين -نائب رئيس جامعة عمران- فقد علَّق على الموضوع قائلاً: ” في الحقيقة ان انعقاد المؤتمر الوطني الأول للأوقاف بادرة جميلة جدا وتقام للمرة الأولى في مجال الأوقاف، وهذا ما استدعى من السيد القائد أن يشيد بهذه الخطوة ويشدد على الوقوف إلى جانب الهيئة في أعمالها القادمة، وللعلم أن اليمن 70 % منها أوقاف، اليمنيون أهل الخير وبذلوا منذ عشرات السنين كل ما يملكون لينالوا رضا الله عز وجل، لكن النظام السابق وللأسف حوَّل تلك الأوقاف إلى مصدر للنهب والتقسيم بين النافذين والحمد لله أنه في ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر عادت الحقوق إلى أهلها ومنها الأوقاف وبإذن الله تقوم الهيئة الوطنية للأوقاف برد الحقوق إلى أهلها في المبرات والإحسان ولا بد أن نواكب العصر، فمثلاً عندما تكون الأوقاف لمساقي المياه فمن الممكن تحويلها اليوم إلى آبار ارتوازية تنفع المسلمين فالمهم أن يبقى المقصد الخيري الموقوف من أجله موجوداً».
150 مقصداً
أما ما يخص مقاصد الأوقاف، فقد تحدث الدكتور عمر داعر – عميد كلية الإعلام بجامعة صنعاء وأحد المعنيين بإدارة ورش العمل التي تقيمها هيئة الأوقاف لتصحيح الوضع الوقفي- فقال: «تعد كلمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي- قائد الثورة في افتتاح المؤتمر الوطني الأول للأوقاف إضافة حقيقية على أرض الواقع وتمثل موجهات على الحكومة اتباعها وأخذها بعين الاعتبار لأنها موجهات إذا ما تم الالتزام بها سيعود نفع الأوقاف على المجتمع بالدرجة الأولى، وهذا ليس بغريب على السيد القائد الذي يقدم الدعم المعنوي والمؤازرة المستمرة لكافة المؤتمرات العلمية ما يزيد إخلاص القائمين على هذه المؤتمرات في ظل ما يتعرض له الوطن من عدوان غاشم..
أما عن أبرز ما يحتاجه الوقف لتصحيح المسار واستعادة مكانته التي وجد من أجلها والنهوض به فبالأمس أثناء حديثنا مع السيد عبدالمجيد الحوثي- رئيس هيئة الأوقاف- وضع مجموعة من الحقائق وسلط الضوء على أهمية الوصول إلى المواطن اليمني من خلال إقامة عدد من الأبحاث العلمية لاستعادة مكانة الوقف الحقيقية، وهذا مؤشر حقيقي يلامس الجرح من رجل يعرف ما يريد، فطلب من الجهات الأكاديمية عمل الأبحاث والدراسات للخروج بنتائج إيجابية تساعد الهيئة العامة للأوقاف على إرجاع الوقف إلى مكانته الطبيعية التي صنعها أجدادنا، ولذلك أرى شخصيا أن يتم استحداث أموال الوقف بما يخدم متغيرات العصر خصوصاً في ظل العدوان، فعلى هيئة الأوقاف عبر مجموعة من العلماء المستنيرين أن تصل إلى الغاية المثلى للوقف فتلك الأموال لا توقف لمسجد أو لمقبرة فقط بل إننا عرفنا من العلماء أن مصارف الوقف تصل إلى 150 مقصداً وبالتالي على الهيئة العامة للأوقاف أن تراعي هذه المقاصد وتنزلها منازلها».
تأنٍ وإرادة
الدكتور عبدالله الحوثي-عميد الشؤون الأكاديمية والدراسات العليا في جامعة أقرأ- لخص أهم ما تحتاجه الأوقاف في الوقت الحالي في التالي:
«من واقع كلمة السيد القائد عبدالملك الحوثي وتوجيهاته الصريحة بالاهتمام بالأوقاف نجد أنه خاطبنا بأن نعالج مشاكل الأوقاف بتأن وعلى مراحل فهذه هي الطريقة الوحيدة لتصحيح الوضع الوقفي ومعالجة المشاكل التي تعد كثيرة في اليمن لكن الأهم أن توجد الإرادة فإذا وجدت الإرادة فإن الأوقاف ستشكل منطلقاً رئيسياً نحو التنمية ونحو جميع الاحتياجات التي يحتاجها المجتمع وعلى وجه الخصوص الفقراء والمستضعفين الذين سيكونون الهدف الأول للوقف في الخطة الوقفية الحديثة التي نحن بصددها وشدد السيد القائد على الوقوف إلى جانب أصحابها وهم هيئة الأوقاف».
البحث العلمي
الدكتور عبدالله الطوقي- أستاذ الاقتصاد في جامعة اقرأ- تحدث عن المؤتمر فقال: «استحق هذا المؤتمر العلمي الأول للأوقاف أن ينال إعجاب السيد القائد عبدالملك الحوثي -حفظه الله- لما يقدم من أوراق بحثية كلها رائعة، ومن خلالها نقول عن الجانب الاستثماري إن الأوقاف هي مال والمال هذا يمكن أن يسهم في عملية التنمية وحل قضايا المجتمع ورفع المستوى المعيشي للفرد، كما يسهم في امتصاص البطالة والحد من الفقر، فالمال عصب الحياة ونحن الاقتصاديون نقول إن الاستثمار في رأس المال البشري هو الأهم لأن الإنسان هو محرك الحياة الأساسي، فإذا وجد المال بيد كفاءات وقدرات لا بد للإنسان أن ينطلق ويحقق الكثير من المنجزات، والهيئة العامة للأوقاف لديها الأموال وما تحتاجه هو التدريب وتأهيل الكوادر وإذا استفادت من البحوث وحوَّلتها إلى الجانب العملي لا شك أننا سنخطو خطوات جبارة، فهذا المؤتمر يعد ظاهرة إيجابية فهو يعكس توجه رئيس الهيئة نحو البحث العلمي الذي بدونه لن تحدث أي تنمية وأي تطور لأن العلم هو الأساس والبحث العلمي يهتم به العالم أجمع في ظل تراجع الدول العربية والإسلامية عن هذا الاهتمام الذي يعد بالنسبة لهم واحداُ في الألف، بينما الغرب يحددون ما يقارب 5 % والبحوث التي قدمت اليوم كل منها يقدم مشكلة واذا تم إيجاد الحلول لهذه المشاكل ستخطو الهيئة إلى الأمام وسيعم الخير جميع المواطنين».
الشراكة مع القطاع الخاص
من جانبه قال الدكتور خالد قاضي- أكاديمي في بنك التضامن الإسلامي -الرقابة الشرعية: شاركنا في المؤتمر الوطني الأول للأوقاف لتعميق تجربة الاستثمار في البنوك الإسلامية لتنمية موارد الهيئة من خلال تطبيق صيغ التمويل الإسلامي بمبتكرات جديدة وتطبيقها في الهيئة التي عليها أن تعمل شراكة مع القطاع الخاص وتستفيد من تجارب البنوك وتشغيلها كي يكون ريعها أضعافاً مضاعفة للمقصد الذي أنشئت من أجله ويتعاظم الأجر للواقفين من خلال توسيع المنافع وهذا لن يتأتي إلا بتنمية هذه الموارد ولا بد أيضا من تحويل الوقف الثابت إلى وقف متحرك لتحقق الرعاية المطلوبة والمستدامة».