مسيرات شعبية ومباركة للعمليات الفدائية وانتفاضة مستمرة
التفاف الفلسطينيين حول المقاومة.. خيار يعمق يأس الكيان الصهيوني
بدأت الساحة الفلسطينية تشهد واقعاً جديداً منذ بداية الانتفاضة أضحت تبعاته تؤثر بشكل كبير في المشهد السياسي الفلسطيني والحياة الاجتماعية الفلسطينية، ولم يقتصر هذا التأثير على الساحة الفلسطينية بل تعداها إلى كافة الأطراف في المنطقة، وكان لتنامي المقاومة الفلسطينية الفضل في استمرار الانتفاضة واكتسابها هذا الزخم الذي تتمتع به. ومع الإفراط الإسرائيلي في العنف الموجه للشعب الفلسطيني بدأت المقاومة تأخذ مكانا بارزا في إدارة الصراع مع العدو الإسرائيلي ما جعل الشعب الفلسطيني بكل أطيافه يلتف حولها ويراهن على خيارتها ويصطف معها في خندق مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب.
فيما يلي شواهد أثبتت عمق التفاف الفلسطينيين حول المقاومة خلال ما تشهده البلاد مؤخرا من تداعيات سياسية وعسكرية…
الثورة / أحمد السعيدي
التفاف شعبي
التفاف الشعب الفلسطيني حول المقاومة كخيار أساسي تمثل في مسيرات جماهيرية شهدتها المرن الفلسطينية دعما وتأييدا لقائد حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في غزة يحيى السنوار، بعد حملة التهديد والتحريض الإسرائيلي على اغتياله كما أكد غالبية الشعب الفلسطيني رفضهم لاستهداف قادة المقاومة الفلسطينية في كل مكان حيث شهدت مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة مسيرة جماهيرية وجابت المسيرة شوارع المدينة وصولاً لمنزل السنوار بمشاركة جماهير وقادة الفصائل الفلسطينية، وأشاد المحتجون بدعم وحماية كتائب القسام لقادة المقاومة الفلسطينية، ورددوا هتافات داعمة للسنوار وقيادة المقاومة.
وفي السياق ذاته شارك طلاب فلسطينيون في قطاع غزة، الإثنين الماضي، في مسيرة، رفضا لدعوات أطلقها إعلاميون وسياسيون إسرائيليون، لاغتيال زعيم حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بغزة، يحيى السنوار وعلّق المشاركون في المسيرة، التي نظّمتها الكتلة الإسلامية، لافتة كبيرة أمام مكتب السنوار بغزة، كُتب عليها عبارات منها “مقدّساتنا خط أحمر”، و”اغتيال القادة خط أمر”.
التفاف الفصائل الفلسطينية
وعلى مستوى الكتل السياسية فقد توحدت على الوقوف صفاً واحداً مع قيادة المقاومة حيث أدان المتحدث باسم حركة “حماس”، عن مدينة القدس، محمد حمادة، الدعوة لاغتيال “السنوار” واعتبر التهديد بالاغتيال، نَغمة ألِفها الشعب والقادة، منذ سنوات، ولم تكسر العزيمة والتهديد لن يثني القادة عن السير في طريق التحرير، بل يمدهّم بالعزم والإصرار نحو ذلك.
اما رئيس الكتلة الإسلامية بغزة محمد فروانة فقد أكد أن تعرض إسرائيل للمقدسات الإسلامية، واغتيال القادة الفلسطينيين، هو “خط أحمر “وأضاف: ” إن الحاضنة الشعبية تقف متحدةً خلف المقاومة الفلسطينية”.
كما حذّر القيادي في حركة الجهاد الإسلامي “خالد البطش”، من أن المساس بأيٍّ من قادة المقاومة الفلسطينية في الداخل أو الخارج سيفتح على الاحتلال ما وصفه بباب من أبواب جهنم.
العمليات الفدائية
العمليات الفدائية التي تنفذها المقاومة كانت مؤشر على تأييد الشعب الفلسطيني والفصائل الفلسطينية لخيار المقاومة وكانت عملية العاد البطولية شاهد على ذلك التأييد حيث باركت الفصائل الفلسطينية عمليتَي الطعن التي نُفِّذت في منطقة “إلعاد” شرقي “تل أبيب”.
حركة “حماس” اعتبرت العملية جزءاً من غضب الشعب الفلسطيني على اعتداءات الاحتلال بحق المقدسات وعلى اقتحام المسجد الأقصى الذي لا يمكن أن يمر من دون عقاب وما العملية البطولية في تل أبيب إلا تطبيق عملي لما حذّرت منه المقاومة، من أنّ الأقصى خط أحمر فالشعب الفلسطيني اليوم أمام حالة نضال متكاملة ومستمرة في كل أماكن وجود الاحتلال الصهيوني الذي لا يستطيع إخماد الجبهات في غزة والضفة والداخل المحتل.
بدورها حركة “الجهاد الإسلامي” باركت العملية البطولية في منطقة إلعاد واعتبرتها انتصاراً للأقصى وعلى نفس الخطى باركت “كتائب الأقصى” – لواء العمودي، العملية البطولية، ودعت إلى استمرار العمليات الفدائية في كل المناطق الفلسطينية المحتلة أمّا “حركة المجاهدين الفلسطينية”، فرأت، من جهتها، أنّ العملية هي “جزء بسيط من الرد الطبيعي على الاستهداف الصهيوني للقدس والأقصى”، مشيرةً إلى أنّ “هذه الضربة الجديدة للمقاومة يتهاوى أمامها أمن الكيان الصهيوني الموقت” وشدّدت على أنّ “عملية إلعاد تؤكد رسالة التكامل بين الجبهات والساحات لصدّ العدوان عن القدس والمقدسات والشعب الفلسطيني.
المكتب السياسي لـ”الجبهة الديمقراطية” هو الآخر أكد أنّ عملية إلعاد المزدوجة، هي تطور نوعي في مواجهة إجرام الاحتلال في القدس والضفة الغربية، مشيراً إلى أنها أثبتت أنّ “المقاومة هي الخيار القادر على رفع تكلفة الاحتلال المستمر في عدوانه على شعبنا ومقدساتة”.
الفلسطينيون وخيار المقاومة
إلى ذلك أكد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم أن التفاف جماهير الشعب الفلسطيني في القدس وباحات المسجد الأقصى حول رموز المقاومة الفلسطينية والهتاف لها ولرموزها ورفع راياتها، يعكس عمق إيمانها بخيار المقاومة كطريق لاسترجاع الأرض والمقدسات.
وقال قاسم في تصريح صحفي مساء الجمعة: “يمثل قائد أركان المقاومة محمد الضيف لدى جماهير شعبنا الفلسطيني أيقونة نضاله في ثورته المعاصرة، فالرجل تجسيد للثورة التي لا تهدأ والقتال المتواصل لانتزاع الحرية والكرامة، وهتاف الجماهير باسمه، تعبير عن ثقتهم الكاملة عن ما يمثله من نخوة الثائر ورجولة المواقف” وشدد على أن “هذه الثقة بالمقاومة ورجالها من أهلنا في القدس، تزيد من ثقل المسؤولية على حركة حماس وقوى المقاومة تجاه الأرض والمقدسات، وسنظل على العهد والوعد حتى تحقيق أهداف شعبنا بالتحرير والعودة” وأردف: “شكلت الوحدة الميدانية لكل مكونات شعبنا الفلسطيني في القدس واحدة من أهم عوامل الصمود والتحدي والقدرة على مواجهة سياسات الاحتلال وعدوانه”.
صمود أقلق الكيان
ارتبك الكيان الصهيوني أمام صمود المقدسيين، الذين تصدوا لظلمه هذه المرة كفلسطين واحدة موحدة. كيان الاحتلال لن يقف متفرجاً هذا لا شك فيه، حيث سيزيد من بطشه وسيبذل المزيد من المحاولات لكي يعيد قلب الطاولة فيرسي معادلته التي كانت سائدة حيث أن ما تعيشه فلسطين حالياً هو “أيام مجيدة والتطورات الفلسطينية أعادت تموضع الداخل الفلسطيني في قلب المعادلة الإسرائيلية وأصبح الإسرائيلي يقف اليوم أمام قلقين أولهما هو التضامن والتكافل الفلسطينيان، وأما القلق الإسرائيلي الآخر هو الخوف من تحول الشعب الفلسطيني إلى حامي حمى المقاومة وخطها الخلفي وأن تصبح فصائل المقاومة الفلسطينية إلى “حزب الله آخر”.
وقد عبّر المشهد مؤخراً عن التضامن الشعبي الكبير في جبهات المقاومة بحيث أن العدو الغاصب بات يدرك أنه لا يمكنه الاستفراد بأي منها.
وهذا ما حذر منه قيادات في الكيان الصهيوني سابقاً إن الإسرائيلي يصبح أعجز من أن يخوض أي مواجهة من دون شراكة أميركية ويخشى من إضفاء الشرعية على المقاومة التي تعتبرها “إرهابية” ويبقى التحدي الحالي أمام الفلسطينيين هو كيفية تحقيق المكاسب مما يجري على ساحتهم، بما أن “إسرائيل” تريد تحييد غزة لكن الجبهة الفلسطينية باتت جزءاً من محور المقاومة.
الانتفاضة توازي المقاومة
وبينما تتخذ المقاومة الفلسطينية خياراتها في مواجهة الكيان الصهيوني يقوم الشعب الفلسطيني بخيار موازي للمقاومة وهو الانتفاضة الشعبية التي تدعم خيارات المقاومة في كثير من مراحل الاحتلال الصهيوني حيث ابتدع الشعب الفلسطيني في كفاحه الوطني أشكال وأساليب للنضال تكاد تخصه وفق واقعه ووفق موازين القوى التي يعيها جيدا وذلك عبر رحلته الطويلة منذ النكبة وحتى الآن ومن بين هذه الأشكال والأساليب النضالية الانتفاضات المتعاقبة التي يؤكد من خلالها رفضه لاستمرار الاحتلال ورفضه للانتهاكات اليومية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي الماسة بالحق في الكرامة والحق في الحياة. منذ الانتفاضة الأولى في عام 1987 لم تجد اللغات اللاتينية مرادفا دقيقا لتعبير الانتفاضة، فاضطرت كبريات الصحف العالمية ومن بينها جريدة “لوموند” الفرنسية أن تكتبها بحروف لاتينية Intifada وأكدت بذلك حق الشعب الفلسطيني الحصري في ابتكار هذا الشكل من النضال ضد الاحتلال. يواصل الشعب الفلسطيني استلهام الأشكال والأساليب التي ابتدعها عبر الانتفاضة الأم “انتفاضة 1987” والتي تسمى الآن إعلاميا انتفاضة السكاكين أو المدى ولكن في ظروف ومعطيات جديدة ومختلفة ومروراً بجميع الانتفاضات وصولاً الى انتفاضة هذه المرة حيث تشهد الأراضي الفلسطينية هذا العام 2022 انتفاضة وجود تدعم خيارات المقاومة والعمليات الفدائية وتواجه مخططات الاحتلال في استهداف المسجد الأقصى وكافة التراب الفلسطيني.