جاءت الحرب العالمية الثانية 1939ـ 1945م نتيجة عسكرية ترتبت على هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى والتي شكَّلت قوة دفع أساسية، جرَّاء الهزيمة لدى النازية التي نشأت في ألمانيا، كردة فعل لتلك الحرب، برغم أن القوى الغربية كانت لديها علاقة مع هتلر وحكومته وتحثه على أن يكون توجهه العسكري للتوسع والسيطرة باتجاه جمهوريات الاتحاد السوفيتي لاعتبارات عدة، أبرزها الصراع الذي كان يجري بين الرأسمالية المتمثلة بالقوى الاستعمارية القديمة وثورة 17 أكتوبر بقيادة المعسكر الاشتراكي.
لذلك وقَّع هتلر في نهاية عقد الثلاثينيات اتفاقية مع ستالين الذي كان يدرك أن النازية لن تلتزم بما تم الاتفاق عليه وأن ذلك ليس إلا تكتيكا مرحليا لكي لا تكون موسكو في حالة يقظة عما يقوم به هتلر من ترتيبات تضع الاتحاد السوفيتي ضمن هجومه العسكري الكبير الذي نفذه، في سابقة خطيرة لم تكن متوقعة بسبب تلك الاتفاقية وإن كان اجتياح القوات الألمانية لفرنسا واحتلالها يرجع إلى خلافات بين البلدين على قضايا فرضتها ترتيبات ما بعد الحرب العالمية الأولى وما نتجت عنها من اتفاقيات مجحفة ضد ألمانيا التي كانت ملزمة بدفع تعويضات سنوية لفرنسا، وهو ما اعتبره هتلر ظلما ناتجا عن الحرب العالمية الأولى، لكن فيما يخص هجومه على الاتحاد السوفياتي لم يكن مبررا وكان بالتأكيد محسوبا بدقة من قبل الجيش الأحمر قبل تنفيذ الهجوم العسكري، ترافق ذلك مع قيام المخابرات التابعة لموسكو المعروفة باسم الـ (كي جي بي) سابقا بتوزيع خرائط تضليل عن أماكن تواجد الوحدات العسكرية الخاصة بالجيش الأحمر على غرار الخرائط العسكرية المتعلقة بالأورال وذلك لاستدراج القوات العسكرية الألمانية إلى مستنقعات الأورال، وقد ساعد فصل الصيف وهطول الأمطار والثلوج على إعاقة تقدم القوات النازية، خلافا لما حدث في الجبهة العسكرية للسوفيت، حيث استفادت من العوامل الطبيعية ناهيك عن الخندق الكبير الذي تمت إقامته من قبل الجيش الأحمر لمواجهة زحف قوات هتلر الذي كان يعلم مسبقا أن هجومه على الاتحاد السوفيتي لن يكون سهلا ولكنه مكلف للغاية.
فعقب معارك طويلة ومعقدة نفذها الجيش الأحمر بكفاءة عالية واقتدار استطاع من خلالها تكبيد القوات الألمانية خسائر فادحة، جرى تتويج ذلك الانتصار على أنه الذي حققه ذلك الجيش في 9 مايو 1945م وأنهى بذلك الانتصار الحرب العالمية الثانية، وليس كما تذكر بعض الوثائق والأدبيات أن ضرب مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين من قبل الولايات المتحدة الأميركية بالقنابل الذرية هو الذي أنهى تلك الحرب.
لأن ذلك الإجراء العسكري الذي حدث من قبل البيت الأبيض كان تجريبا للسلاح النووي بعد إنهاء خطر النازية من قبل الجيش الأحمر وما نتج عن ذلك من هزيمة لقوات هتلر إثر الحرب التي دارت مع الاتحاد السوفيتي وقد أوجد ذلك الانتصار ظروفا جديدة في السياسة الدولية استطاعت من خلالها أن تبرز موسكو كقوة أساسية في موازين القوى الدولية ما لم تكن طرفا فاعلا في تشكيل النظام الدولي الذي نتج بعد تلك الحرب، تلى ذلك بدء المباحثات بين الغرب والاتحاد السوفيتي حول مستقبل ألمانيا التي منيت بالهزيمة، حيث جرى تقاسمها إلى ألمانيا الشرقية وكانت تتبع سابقا حلف وارسو العسكري الذي تقوده موسكو وألمانيا الغربية جرى ضمها في إطار حلف الناتو التابع للرأسمالية، وخلاصة القول إن انتصار الاتحاد السوفيتي سابقا على النازية شكَّل بداية حقيقية في مسار استقرار العلاقات الدولية وغيَّر وجه العالم بأسره.