عادات وتقاليد اندثرت في شهر رمضان

 

تكثر العادات والتقاليد والطقوس الرمضانية في بلادنا، فمع اقتراب شهر رمضان من نهايته، يلاحظ المراقب أنّ ثمّة عادات ما زالت حاضرة ويمارسها الأهالي في حين أنّ أخرى اندثرت لأسباب تتعلق بمتغيّرات كثيرة في المجتمع والبلاد، لا سيّما تلك المرتبطة بالوضع الذي تعيشه البلاد في ظل العدوان والحصار.
من هذه العادات والتقاليد على سبيل المثال ما يلي:
اعدها اليوم/ أحمد السعيدي

الاهازيج
قديماً، عند الإعلان عن اليوم الأوّل من شهر رمضان، كانت شوارع صنعاء القديمة تمتلئ بالأطفال الذين يرددون الأهازيج والأناشيد الشعبية المرحّبة بالشهر الكريم، من قبيل «أهلاً أهلاً رمضان، شهر التوبة والغفران»، و«يا رمضان يابو الحماحم، إدّي لي قرعة دراهم»، لكنّ هذه العادة تلاشت مع بعض العادات والطقوس التي اندثرت بفعل الظروف الاقتصادية التي تغيرت وتعسرت، وخاصة في السنوات الأخيرة.

المحراس
عادة كان يتم بناء المحاريس في ساحات الحارات بداية سبعينيات القرن الماضي، حيث كان يقومُ فتيان كل حارة أو حي من أحياء صنعاء بجمع الحجارة والطين وخلط الأخير بالماء لبناء المحراس، ويقومون بتغطية سطحه بجذوع الأشجار وأوراقها.. و(المحراس عبارة عن غرفة صغيرة بمساحة متر ونصف في مترين)، والتي تصبح مقر تجمّعهم في ليالي رمضان، «يتجمع الفتيان فيه من بعد صلاة العشاء، وحتى الساعة الواحدة عند التسبيحة الأولى يتبادلون الحكاوى التي يكونون قد سمعوها من كبار السن ويرددون الأناشيد والأهازيج»، حيث أن الفتيان كانوا يتجمعون ويذهبون يمسون (يلقون تحية المساء على أهل المنازل) في الحارات المجاورة؛ فيستقبلهم فتيان الحارة الأخرى، إلا أنّ الأمر لم يكن يسلم من الاشتباكات في بعض الحالات في ما بينهم.

المكحلة 
ومن العادات الرمضانية في صنعاء قديمًا عادة المكحلة، وهي عبارة عن وعاء أو قنينة يتم تعليقها في المسجد، ويوضع فيها الكحل، الذي يحرص الصبية والكبار على التكحّل منها، إلا أنّ هذه العادة اندثرت في الوقت الراهن، فبالرغم من أنّ عادة المكحلة، والتي كانت مرتبطة بشهر رمضان فيها من المخاطر الكثير، إلا أنّ الله كان يلطف بالناس نظرًا لاستخدام الأميال في التكحيل من قِبَل الجميع، وهو ما يؤدي إلى انتقال أمراض العين كالرمد وغيرها.

الفوانيس
وكانت تشتهرُ بعض المناطق اليمنية، بما فيها صنعاء، بانتشار استخدام الفوانيس خلال رمضان… حيث كانوا يعملون مع قدوم شهر رمضان على توفير الفوانيس التي تضيء باستخدام مادة الجاز أو الزيت لاستخدامها في التنقل الليلي إلى المساجد والمنازل، ومن ثم جاءت فيما بعد ما عرفت بـ “الأتاريك”، وهي “مصابيح كهربائية ببطاريات”، وتكون محمولة باليد، والتي كانت ضرورية جدًّا، خاصة في الليالي المظلمة، لكن اليوم اندثرت عادة الفوانيس بسبب توفر الطاقة البديلة وإنارة المصابيح الكهربائية.

 مدفع رمضان
ومن الأشياء الجميلة التي ما زالت موجودة بقلة وتشارف على الاندثار في صنعاء، تحديدًا مدفع رمضان، فعند أذان المغرب يضربُ المدفع من جبل نقم – شرق صنعاء، فيسمعُ أهالي المدينة صوته، ويبدأون بالإفطار، وكذلك عند (أذان الفجر) عند الإمساك، بالإضافة إلى استقبال عيد الفطر ببعض الطلقات النارية من تلك المدافع العثمانية، والتي ما زالت موجودة، وتستخدمُ مع استخدام مكبرات صوت الأذان»، إضافة إلى تأثر عادات وطقوس رمضان لدى اليمنيين بما يسمى الاتصال الخارجي بشكلٍ كبير، حيث كانت اليمن في الماضي شبه معزولة، بينما الآن صار اتصالها بالعالم كبيرًا وواسعًا بفضل السفر ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والموبايل، والتي أثرت جميعها في بعض العادات والطقوس التي كانت تشهدها ليالي شهر رمضان في اليمن، ولقد اختفت الكثير من طقوس استقبال شهر رمضان في صنعاء بفعل عوامل كثيرة من بينها العدوان التي كان له تأثير في ما تبقى من الطقوس اليمنية في استقبال الشهر الفضيل، حيث أن لمدينة صنعاء القديمة خصوصية في علاقتها بكلّ أبناء اليمن وفي تعايشها مع ما تبقى من طقوسها، ولهذا تجدُ في رمضان أنّ أسواقها لا تنام، وتسمع مساجدها عامرة بالقرآن، وبخاصة في ليالي الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك.

قد يعجبك ايضا