لم تجد أمريكا ما تواجه به روسيا في أوكرانيا غير زج أوروبا في مواجهة الروس من خلال العقوبات التي بلغت الآلاف. الأمريكان ورطوا أوروبا في هذا الجانب، وهي التي تعتمد على الطاقة الروسية بنسبة ٤٥٪ وخاصة المانيا وايطاليا ودول البلطيق وشرق أوروبا كاملا.
أمريكا كانت هي المستفيد الأكبر من العقوبات على روسيا؛ إذ تقوم ببيع الغاز المسال لكثير من دول أوروبية، وبأسعار تفوق قيمة الغاز الروسي.
الرئيس الروسي بوتن في أول رد على العقوبات الغربية طالب المشترين الغربيين للغاز الروسي الدفع بالروبل في أمر يوحي نهاية سيطرة الدولار كعملة عالمية، بل إن بوتن أمر البنك المركزي الروسي بربط الروبل بالذهب، وعلى المشترين للصادرات الروسية أن يدفعوا قيمة الروبل بالذهب.
ذلك يذكرنا بالروبل الذهبي أيام الاتحاد السوفييتي.
الغرب الأوروبي وقع في ورطة لا يمكنه الفكاك منها إلا بالخلاص من التبعية الأمريكية التي تكلفه الكثير من الأموال والمواقف.
المستشار الألماني قال : إن ذلك ابتزاز، ( يعني الدفع بالروبل ) ولم يعلم أن الغرب هو أكبر مبتز، وهو الذي بدأ الاقتراب من بيت الدبابير.
العقوبات سيتضرر منها الأوروبيون أكثر بكثير من الروس، لأن روسيا لديها بدائل كثيرة، وقد امتصت العقوبات السابقة عندما دخلت جزيرة القرم وإعادتها إلى الوطن الأم.
الغرب لاسيما أوروبا في استخدامه لسلاح العقوبات كمن يطلق النار على قدميه.
لقد خان الغرب الرأسمالي مبادئ الرسمالية، وقضى على القيم اللبرالية في الحرية الاقتصادية وحرية التعبير وتحول إلى عصابة لصوص تسرق أموال المستثمرين، وخاصة الروس؛ وبين حين وآخر يهدد بتأميم ونهب وسرقة الشركات الروسية العاملة في الغرب.
لم يبدأ بعد تنفيذ العقوبات، وإذا ما نفذت فإن مصانع سوف تتوقف، وعمال سوف يتعطلون، وسيرتد ذلك على الأنظمة الحاكمة بشكل مظاهرات، وأزمات اقتصادية واضطرابات.
لم يبق لدى الغرب إلا ورقة واحدة ألا وهي؛ الإعلام الكاذب الذي تعود على تسويق الأكاذيب وتزييف الحقيقة. وهذا ديدنه منذ الحرب الباردة.
كان بوتن محقا حين قال عن الإعلام الغربي بأنه امبراطورية أكاذيب.
والغريب أن ينساق الإعلام النفطي وراء امبراطورية الأكاذيب، فنشاهد قنوات كالجزيرة الحقيرة والحدث والعربية تسخر كل جهدها الإعلامي باتجاه أوكرانيا ليلا ونهارا، منساقة وراء تلفيقات الغرب الإمبريالي العاجز.
القنوات النفطية تركت مشاهديها وتركت مهامها وذهبت تسوق الأكاذيب خدمة لأسيادها الأمريكان وذيولهم في الغرب التابع.
تركت قنوات الزيف النفطية دماء الفلسطينيين تنزف، وأطفال اليمن يموتون وذهبت تبث مشاهد الزيف في أوكرانيا دون حياء، ودون احترام لذهنية المشاهد. تريد أن تتوه المشاهد العربي عن قضاياه الداخلية، خدمة لأمريكا والغرب والأنظمة الاستبدادية العميلة للغرب.
العقوبات لم تؤثر على المواطن الأوروبي فحسب، بل أثرت على المواطن الأمريكي، لاسيما في ارتفاع أسعار النفط، مما اضطر الرئيس المسطول جو بايدن إلى الأمر بسحب مليون برميل بوميا نفط من الاحتياطي الفيدرالي تخفيفا من ارتفاع أسعار الوقود التي تتصاعد يوميا.
هذا ومازال الروس لم يقطعوا تصدير الطاقة إلى أوروبا إلى حد الآن. أما اذا صدر قرار المنع فإن الحياة في بعض دول أوروبا سوف تتوقف، بل سيموت أناس من البرد لعدم حصولهم على غاز التدفئة.
الركون على النفط والغاز في السعودية والخليج ربما لن يكون كافيا في حال خضعت براميل الخليج والسعودية للضغوطات الغربية في زيادة الإنتاج والتصدير إلى الغرب، لكن ذلك سيعتبر خرقا لقرارات منظمة الأوبك في تحديد حصص الإنتاج والتصدير لكل دولة.