تكرمت الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها الخاص إلى اليمن بتقديم مبادرة لإبرام هدنة إنسانية لمدة شهرين، هذه الهدنة تهدف إلى خفض تصعيد العنف ولمعالجة الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية، والهدف منها كما أعلن توفير بيئة مواتية للتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع، وليس القصد منها التوقف لإتاحة الفرصة لأي طرف بإعادة تشكيل مجموعاته واستئناف العمليات العسكرية، وهنا نشير إلى بعض الملاحظات الهامة وعلى النحو الآتي:
أولاً: إن هذه المبادرة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة حتى وأن نصت الديباجة التي احتوتها أنها تهدف إلى توفير بيئة مواتية للتوصل إلى تسوية سلمية للنزاع وليس القصد منها التوقف لإتاحة الفرصة للأطراف لترتيب أوضاعهم استعداداً لاستئناف الصراع وهذه مقولة تتجاوز الواقع ومعطيات ما يجري على ساحات المواجهة المستمرة منذ سبع سنوات دخولاً في الثامنة، والأمم المتحدة والمجتمع الدولي يسمع ويشاهد المآسي والكوارث التي تحدث من قبل آلة الحرب المجرمة والظالمة التي لم تحترم أي شيء من المبادئ والقيم الإنسانية الواجب احترامها في كل حال سواء وقفات السلم والحرب، بل أنها تكاد في بشاعتها تفوق إجرام حروب القرون الوسطى ومآسي الحروب العالمية من حيث ضحاياها وآثارها على الأرض والإنسان والحيوان.
لقد وجدنا حرباً تستهدف الطفل في مدرسته والمريض في المستشفى والعامل في المصنع والمسافر في الطريق والبهائم في حظائرها وأماكن استقرارها وكل ذلك تحت مبرر البحث عن الصواريخ والطائرات المسيرة عابرة الأجواء.
ثانياً: إن اعتبارات إعلان الهدنة الإنسانية ناجمة عن استخدام المعتدي والمحتل كل أنواع الوسائل الإنسانية وغير الإنسانية لتركيع إرادة الشعب اليمني ابتداءً بفرض الحصار براً وبحراً وجواً، وقطع الإمدادات الحيوية عن الشعب وتدمير أساس البنية التحتية التي بناها من مصادره وتمويلاته الذاتية، مما يؤكد أن الإدارة المجرمة تهدف إلى تدمير اليمن أرضاً وإنساناً تحت مبررات قذرة وهمجية لا تمت إلى الحقيقة بصلة، والفصل في التسريع بإعلان الهدنة الإنسانية يعود في المقام الأول إلى مستوى الردع اليمني الذي استطاع أن يصل إلى مكامن الثروة البترولية في أرض المعتدين، مما جعلهم يشعرون بالخطر طالماً والبقرة التي تدر عليهم أرباحاً طائلة صارت في مرمى أبناء اليمن، وإلا لما تم القبول والاستجابة لها بصورة سريعة ومباشرة.
ثالثاً: إن الاحتياجات الإنسانية التي جاءت من أجلها الهدنة هي عبارة عن متطلبات الحياة للإنسان، لا يجوز المساس بها، لأنها حق من حقوق الإنسان كإنسان لكنننا نجد أن الأمم المتحدة وتحالف العدوان قد وصلت بهم الصفاقة والوضاعة إلى قطع هذه الإمدادات وجعلها أساساً للمساومة على استمرار الحرب واستمرار الكسب العسكري وتحقيق أهداف الحرب القذرة التي تدار بواسطة أيادٍ وعقول اُنتزعت منها الفطرة الإنسانية السليمة، فكانت أشد فتكاً من حيوانات الغابة المفترسة.