قبل أن تحل ّ الذكرى السابقة للعدوان على الشعب اليمني الذي خلّف عشرات الآلاف من القتلى والجرحى وتسبب في حدوث اكبر كارثة إنسانية في العالم، ثمان سنوات حرب وعدوان وقتل ودمار وحصار، وجوع على الشعب اليمن من قبل دول تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي ثم نسمع دعوة من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليج العربي بدعوة من أسمتهم
بالأطراف اليمنية للجلوس على طاولة الحوار في الرياض.
فأي عقل ٍ سيوافق على هذه الدعوة وأي سياسي يرحب بها، وأي وفد ٍ مفاوض سيذهب للجلوس على طاولة الحوار في الرياض التي تقود تحالف العدوان!
فهل هذه الدعوة استخفاف بالعقول أم أنها دعوة لتحسين صورة المجرم وكأنه حمامة سلام!
هل يعقل بعد ثمان سنوات حرب وقتل وحصار ودمار لم يعرف العالم ماذا يجري في اليمن؟
هل يعقل أن العالم لازال يعتقد أن اليمنيين يتقاتلون فيما بينهم؟
وأن السعودية وبقية دول تحالف العدوان ليست لها ناقة ولا جمل في ما حدث ويحدث في اليمن؟
بأي عقل ٍ تفكر السعودية حتى تعتقد أن صنعاء ستذهب إلى الرياض لتحاور حكومة هادي الفار؟
فالسعودية ومجلس التعاون الخليجي بدعوته هذه يذكرنا بالمبادرة الخليجية التي وقعت في الرياض بين الأطراف السياسية اليمنية. والتي كانت إحدى الأسباب التي أوصلت اليمن إلى ما وصل إليه اليوم.
فكان الأحرى بالسعودية وبقية دول تحالف العدوان بعد هذه السنوات من الحرب والدمار والتي لم تجن منها سوى قتل الأبرياء وتدمير البُنى التحتية، وإنهاك الاقتصاد اليمني والخليجي بشكل عام، مئات المليارات أنفقت على هذه الحرب، ولم تحقق أهداف عدوانها ولن تحققه، هذه الحقيقة التي على السعودية أن تعترف بها، وتؤمن بها، وأن عليها كذلك أن تعامل صنعاء وأنصار الله معاملة النّدّ بالنّدّ وأن تعترف بهم الطرف الأقوى الموجود على الأرض، وإذا كانت السعودية جادة في تحقيق السلام في اليمن فإن أقصر الطرق للسلام في اليمن هي الجلوس على طاولة الحوار في دولة محايدة مثل عمان أو الكويت، وأن يكون الحوار أولاً بين صنعاء والرياض، وبعدها حوار بين اليمنيين أنفسهم بدون تدخلات خارجية ليحددوا مستقبل بلادهم، ونظام الحكم، ويصغيوا دستورهم بدون إملاءات خارجية، وكل هذا يكون بعد وقف العدوان ورفع الحصار.
أما الشعب اليمني بعد ثمان سنوات فلن يفرط في دماء آلاف الشهداء، ولم يعد لديه ما يخسره، بل إنه أصبح أقوى بكثير مما كان عليه من قبل، واصبح يمتلك من القوة العسكرية ما تمكنه من الدفاع عن أرضه وشعبه، بل واصبح هو من بيده زمام المعركة، وتحول من الدفاع إلى الهجوم.
فصنعاء 2022م ليست صنعاء 2015م وما قبلها، ولن تعود حديقة خلفية للرياض، ولن تكون السعودية من تزعمت العدوان على اليمن، هي نفسها راعية السلام في اليمن.