حقائق ووقائع تؤكد خلفية العداء الأمريكي الإسرائيلي للأمة الإسلامية (2-3)
اللوبي الصهيوني .. من الحملات الصليبية إلى أحدث الـ11 سبتمبر 2001م
– إسرائيل غدة سرطانية ليس من الممكن المصالْحة معها لأنها طامعة ليس فقط في فلسطين بل تطمح في إقامة دولة من النيل إلى الفرات
رسائل الطرسوسي حرّفت القيم المسيحية وهيأت للحملات الصليبية وصولاً لأحداث الـ(11 سبتمبر 2001م) وما تلاها من حروب وجرائم بحق المسلمين
في الحلقة الأولى من «حقائق اختراق اليهود للنصارى والمجتمع الغربي والأمريكي»، وقفنا أمام الإشارات التحذيرية المبكرة التي أطلقها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي –رضوان الله عليه – إزاء تحركات اليهود وخبرتهم في تزييف الحقائق واختراقهم التاريخي للنصارى والمجتمع الغربي والأمريكي بالذات، كما قدمنا قراءة خاطفة للرؤى الواضحة في كلمة قائد الثورة سماحة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، المعمدة بالدلائل والشواهد الحية للحرب الأمريكية الإسرائيلية القائمة على معتقد ديني وثقافة لدى اليهود ضد الأمة الإسلامية، أما في هذه الحلقة سنواصل متابعة أهم محطات التاريخ الشاهدة على مساعي اليهود الصهاينة على التحريف والتزييف، من أجل السيطرة على النصارى، من تلك المحطات حركة الألفية السعيدة، والحركة الاسترجاعية وأسطورة هرمجدون، وحركة الإصلاح البروتستانتي، والصهيونية المسيحية، ومرتكزاتها العقائدية (المسيحية اليهودية)…… إلى التفاصيل
الثورة /إدارة التحقيقات
عطفا على تأكيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه – أن اليهود لديهم خبرة مئات السنين في مسائل التحريف، والتضليل، وتقديمها بشكل مصبوغ بصبغة دينية، يقول المؤرخ والباحث محمد حسين الفرح في كتابه عن “طبيعة الصراع مع أهل الكتاب- لقد كان بولس الطرسوسي يجمع الصفتين-كما يقول” فهو يهودي روماني، وكان يعترف بأنه رجل حربائي يلبس لكل حال ما يناسبه؛ فهو يهودي مع اليهود، وروماني مع الرومان، وقد دلت سيرة حياته على أنه لا عب مراوغ من الطراز الأول، وأنه بذلك استطاع أن ينتصر على كل ما فعله المسيح على الأرض، وأن يجعل من عقيدته دينا رسميا للإمبراطورية الرومانية، ومثل هذا التحول جذور الاختراق اليهودي للنصارى وبدايته، حيث أدخل الكثير من العقائد والخرافات التي خدمت اليهود فيما بعد.. مؤكدا أن هذه النظرية وتنطلقُ هذه النظريةُ من [إن بولس كان يعمل بإرادة مسبقة، وخطة مرسومة؛ لتحقيق أهداف معينة، وأن هذا التحول المفاجئ كان وسيلةً لجأ إليها لإنجاح خطته].
وأضاف الفرح، وتلك النظرية يشايعها كثيرٌ من المفكرين وما يسمى بعلماء تاريخ الأديان، ومن أبرزهم: ابن حزم، الذي يفسّر تحول بولس بدوافع شخصية وبتحريض من أحبار اليـهُـود؛ لإفساد دعوة عيسى – عليـه السـلامُ -، فأعلن هذا التحول المفاجئ ليسهل تحقيق أهدافه في طمْس دعوة النبي عيسى، باسم عيسى نفسه، بينما يعتمدُ ابنُ حزم في تأييد مذهبه هذا بما سمعه بنفسه من المعاصرين له من علماء اليـهُـود أنفسهم، حيثُ يقول: «وفيما سمعنا علماءهم يذكرونه ولا يتناكرونه: أن أحبار الدّين أخذوا عنهم دينهم التوراة، وكتب الأنبياء -عليهم السلام- اتفقوا على أنْ رشوْا بولس البنياميني وأمروه بإظهار دين عيسى – عليه السـلام- وأن يُضل أتباعه و يُدخلهم إلى القول بأُلوهيته، وقالوا: نحن نحتملُ إثمك في هذا، فافعل وبلغ من ذلك، حيثُ قد ظهر.
وخلص الفرح من تلك الأطروحات التاريخية المثبتة بالكتب والقصص الدينية، إلى أن بولس الطرسوسي يعد المؤسّس الفعلي للنصرانية المعروفة اليوم، وليس عيسى – عليـه السـلامُ – كما توهمنا بذلك الكنيسةُ وأناجيلها، وهناك من وصفه قائلاً: «لقد كان لهذا اليـهُـوديّ الخبيث، الذي دخل النصرانية، دورٌ كبيرٌ في تحطيم الاتّجاهات الصحيحة للمسيحية، فجعلها مبهمةً وغامضة ومتضاربة، وبعيدةً عن جوهر التوحيد».
أعجوبة تاريخية
لقد أجمع دارسو التاريخ، على أن الطرسوسي يعد من أعجب مغامري التاريخ، إذ لم ير عيسى – عليـه السـلامُ- ولم يعرفْه، ولم يسمعْ منه أو من حوارييه، ومع ذلك فـإنه يزعُمُ أن عيسى قد ظهر له، وأعطاه الأمر بتبليغ هذه النصرانية التي نقضتْ ما فعله المسيحُ طوال حياته، وناقضت ما كان يؤمنُ به الحواريون والمسيحيون الأوائل.. كما أ نـه يُـعد المفصل الرئيس في تاريخ النصرانية كلها، ونقطة التحول البارزة في النصرانية من دين التوحيد إلى التثليث، وعلامة رئيسة بين عهدين: عهد البساطة والمحلية، وعهد الانطلاق إلى العالمية، ويعزون هذا التحول التاريخي إلى ما يعتبرونه أعظم رسل النصرانية، وأخطرهم شأناً على الإطلاق، وهو بولس، ذلك الرسول الذي ميز بشكل حاسم بين صورتين للمسيح: «صورة مسيح النشأة، الذي كان بشراً رسولاً، يدعو اليـهُـود إلى التمسك بالناموس، ومسيح التطور أو الانطلاق، الذي أعلن عن ألوهيته، وكشف عن سرّ موته، وقيامته؛ باعتباره تكفيرًا عن خطايا البشر”.
وتبعا لذلك يذهب المؤرخ الفرح إلى أن التداخل الجدلي الذي شهدته سنوات ما قبل الإسلام بين اليهود والنصارى ارتكز على ذلك التشابه المعقد والخلط والتزييف والتضليل الذي أحدثه الطرسوسي، لذلك نجد القرآن الكريم قدم بوضوح حقيقة ما يدعيه اليهُـود والنصارى من معتقدات شركية لا يمكن أن يكون أي نبي جاء بها أبداً وليست انعكاساً للدين الإسلامي الذي أتى من عند الله، بل هي نتيجة تحريف بشري، يقولُ اللهُ – جـل شأنـهُ -: ﴿وَقالتِ اليـهود عزَيـر ابن الَّلِّه وَقالتِ النصَارى المَسِيح ابن الَّلِّه﴾﴿ التوبة اية 30﴾ كما نجد الكثير من الآيات التي تتحدث عن أهل الكتاب وتحذرهم من سلوك مشترك أو عقيدة خاطئة يعتقدونها جميعاً، يقولُ اللهُ – جـ ل شأنـهُ -: ﴿ يَا أهل الكِتابِ لَا تـغلوا في دِينكمْ وَلَا تـقولوا عَلى الَّلِّه إلَّا الْحقَّ ۚ إنَّما المَسِيح عِيسَى ابن مَرْيَم رسو ل الَّلِّه وكَلِمَته ألقَاهَا إلَىٰ مَرْيَمَ وَروح مِّنْه ۖ فآمِنوا بِالَّلِّه وَرسلِهِۖ وَلَا تـقولوا ثلَاثة ۚ انتـهوا خَيْرا لكمْ ۚ إنَّما الَّلّه إلَٰه وَاحِد ۖ سبْحَانه أن يكونَ له وَلد ۘ له مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأرض وَكفَىٰ بِالَّلِّه وكيلًا ﴾)النساء 171.
يؤكد المؤرخ محمد الفرح أن رسائلُ بولس خلفت أثراً عظيماً على المسيحية، حيث اعتمدتۗ عليه الكنيسةُ منذ العصور الأولى وإليه استندت الفِرَقُ المسيحيةُ المختلفة لاحقاً؛ لدعم معتقداتها، ومنهم مارتن لوثر -قائدُ ما يُعرف بحركة الإصلاح البروتستانتي-، كما أسست المعتقداتُ التي أدخلها إلى المسيحية لبروز حركات الألفية والعقيدة الاسترجاعية وأسطورة هرمجدون، وهيّأت لما حصل في الحملات الصليبية وما حدث نتيجةً لما يسمى حركة الإصلاح الديني في القرن السادس عشر الميلادي، وصولاً إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م وما تلاها من حروب وجرائم بحق المسلمين.
مقاربات الزمن والألفية السعيدة
إذا ما انطلقنا في اختزال ظاهرة اختراق اليهود للنصارى، للمجتمع الغربي والأمريكي حديثا، من مقاربات الزمن، يجب الإشارة أن إلى الألفيةُ الأولى، بدأت في السنة الأولى لميلاد المسيح وانتهت في السنة 1000م، بينما بدأت الثانية، من 1001-2000م، لتبدأ الألفية الثالثة بـ(2001-3000م)، والملاحظ أن بداية الألفية الثالثة 2001م شهدت أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي شهدت نقطة تحول علنية للحرب الغربية الأمريكية ضد الإسلام.
وفي سياق النظر إلى هذه المقاربة الزمنية يقول المؤرخ محمد حسين الفرح: (الألفية) أو (الحكم الألفي) في المسيحية هي معتقد ديني ظهر بداية بين مسيحيين من أصول عبرية حافظوا من معتقداتهم القديمة على ما يسمى بالماشيحية الزمنية والتأويل الحرفي لنصوص الكتاب المقدس، فهم يعتقدون أن المسيح سيعود إلى عالمنا هذا مع ملائكته والقديسين، ليحكُم الأرض كملك مدة ألف عام، ومن هنا جاءت تسميةُ الألفية. موضحاً أن هذه العقيدة إلى المسيحية، حيثُ أصبح أصحاب هذا الدين الجديد ينتظرون عودة المسيح إليهم باعتباره المخلص، ويظهر أن المسيحيين الأوائل شُغلوا كثيراً بهذا الموضوع، وهذا الانشغال لا يزال مستمرًّا في طوائف كثيرة من المسيحيين إلى اليوم وتتمسك بهذا المعتقد الآن عدةُ كنائس بروتستانتية.
ويواصل الفرح قائلا: كان هذا الاعتقاد سائداً في القرون الثلاثة الأولى من المسيحية فكل من يسمّون بالآباء المسيحيين يؤمنون بالملك الألفي، غير أن تلك العقيدة تلاشت، حتى اختفت في القرن الرابع الميلادي، وفقد أصحابُها الرجاء الذي تعتمدُ عليه تلك الأسطورة.. ثم ما لبثت أن عادت من جديد إلى الواجهة في بداية الألفية الثانية منذ عام 1000 ميلادي وكانت هي المحرّك الأبرز للحروب الصليبية، التي قام بها النصارى ضد المسلمين» وكان هذا هو شعار الحرب الصليبية الأولى ضد المسلمين، لقد ذهب أُولئك إلى القدس لتدشين ألفية المسيح.
منطلق الغربي العقائدي لدعم لليهود
في مقال له نشره في العدد الثامن من مجلة التسامح، تحت عنوان «عقائد نهاية العالم في الفكر الغربي – فكرة المخلّص في المسيحية وبعض نتائجها في التاريخ الأوروبي»، يقول إلياس بلكا: عند ظهور ما سمي بحركة الإصلاح البروتستانتي في القرن السابع عشر التي نادت بالتفسير الفردي للكتاب المقدس، فقد انبعثت تلك عقيدة الألفية وعادت إلى الواجهة بقوة من جديد، وُصُـولاً إلى القرن الثامن عشر الميلادي الذي انتعشت فيه قراءةُ الكتاب المقدس، وما تلاها من القرون إلى بداية الألفية الثالثة عام 2001م عندما تم توظيفُ أحداث 11 سبتمبر لتكون ذريعةً للهجمة الأمريكية الشاملة ضد العالم الإسلامي.
ويضيف بكا: مثلت تلك العقيدة أحد أهم أسباب الدعم الغربي للي ـهُـود في احتلالهم لفلسطين، « فلم يعد خافياً اليوم أن من أهـمّ أسباب الدعم الغربي –والأمريكي خاصةً – للكيان الصهيوني: العقيدة التي بمقتضاها سيعود المسيح -عليـه السـلامُ – مستقبلاً إلى الأرض، و من أهـمّ شروط هذه العودة تجمع اليهُـود في القدس وما حولها. لذلك يلزم تشجيعُ هؤلاء على الاستقرار بفلسطين تمهيداً وإعداداً لظهور المخلص».
وتعليقا على حديث إلياس بكا في مقاله، يقول المؤرخ الجليل محمد حسين الفرح: «هكذا تفكر طوائفُ مهمةٌ ومؤثرة في الحياة السياسية الأمريكية».. مشيرا إن من يقف وراء إحياء هذه العقيدة هو اللوبي الصهيوني الذي يترجم طموحاتُ الصهاينة اليـهُـود، فمنذ نشأتهم كانوا يحلمون أن يحقّقوا أُمنيتهم بامتلاك ما يسمونها بالأراضي الموعودة -كما ترد في العهد القديم- من النّيل للفُرات؛ ورغم قلة عددهم إلا أنهم يطمحون إلى دولة تحظى باعتراف رسمي عالمي، ويطمحون إلى استعاد ة أمجادهم المزعومة في الكتاب المقدس عندما يأتي المسيح المنتظر!!.
ويضيف الفرح: ولتحقيق ذلك، استفاد اليهُـود من قدرتهم على التزييف ومهاراتهم في التلبيس، فاستطاعوا أن يخترقوا النصارى، وبطريقة ما سيطروا على أذهان المسيحيين خاصة البروتستانت الذين يمثلون الأغلبية المسيحية في أمريكا، وأقنعوهم من خلال عقائد كتابية أخروية بضرورة مجيئ المسيح ليملك الأرض ألف سنة حرفياً، يتخذ من أورشليم عاصمةً لمملكته، وقد ربطوا عود ة المسيح بإرهاصات في أساسها تخدم اليـهُـود ومنها أن يكون لليـهُـود كيانٌ قومي من النيل إلى الفرات عاصمته القدس، وإبادة المسلمين وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.
وأكد الفرح، أن اليهود والنصارى المخترقين يستندون في ذلك الاعتقاد إلى نصوص محرفة دسها اليـهُـود سابقاً منذ بدء نشاط بولس الطرسوسي، ومنها أن وقت المجيء الثاني سيتم إعادة جمع شعب إسرائيل من الأمم.. وسيحكم المسيح كملك، وسيكون داوود الوصي على العرش، وستصبح أورشليم العاصمة «السياسية» لكل العالم، حسب تلك المعتقدات.
ويواصل العالم المبحر في تضاعيف التاريخ الديني والعقدي الأستاذ محمد حسين الفرح: عند تلك العقيدة انقسم المسيحيون إلى قسمين: القسم الأول يرى تفسير هذه النصوص تفسيرًا روحياً «وكذلك تفسير الألف عام بطريقة رمزية، ولا تؤمن هذه الكنائس بالملك الألفي الحرفي، بل تؤمن به كملك روحي للمسيح، بمعنى مملكة يملك فيها على قلوبنا وأفكارنا وإرادتنا». وقد أدركت الكنيسة الكاثوليكية منذ البداية، خطورة العقائد الألفية على العقيدة المسيحية، لذا وصفت -الكنيسة-العقيدة الألفية بأنـها «عقيـدةٌ على طـريقة اليـهُـود».. بينما البعضُ الآخر يفهمُ الألف عام مُلكاً حرْفياً جسدياً للمسيح على الأرض، وهذا القسم يرى حرفية وضرورة مجيء المسيح الحرفي ليملك ألف سنة، وسيأتي المسيح بهيئة منظورة مع قدّيسيه ليؤسس مُلكه حرفياً على الأرض، ويبقى حكمُ السلام لمدة ألف سنة.
ويقول الفرح: تم توظيفُ عقيدة الألفية المسيحية في هذا العصر واستغلالُها لتحقيق مصالح اليـهُـود بعد أن ربطت بالسياسة، من خلال ربطها بعقيدة اليـهُـود الاسترجاعية، فقد ربط اليهُـودُ عودة المسيح بعودتهم إلى فلسطين -وهي جوهرُ العقيدة الألفية- وتم ربط عودة المسيح بالسيطرة على ما يدعون بأنـها الأرض الموعودة من النيل إلى الفرات -وهي جوهرُ العقيدة الاسترجاعية -وساعد على ذلك انتشارُ الحركة الألفية في أوساط مسيحية واسعة في بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة، فمهدت للعقيدة الاسترجاعية وأصبح شغلهم الشاغل مصير اليـهُـود وارتباطهم -بما يسمونه- أرض الميعاد، ورأت أن من واجبها العمل على إعادة اليـهُـود إلى فلسطين. «هذا الاعتقادُ ألف في الماضي وهو يؤلف اليوم قاعدة الصهيونية غير اليـهُـودية التي تربُطُ الدين بالقومية. وأصبحت التقاليدُ والقيم العبرية والتاريخ على مدى ثلاثة قرون، عاملاً قوياً ومؤثراً في الأدبيات والثقافة الإنجليزية بوجه خاص والأُوروبية بوجه عام. وبدأت صورةُ «الفئة اليـهُـودية» تتغير تبعاً لذلك في أذهان المسيحيين الجدد».
ويذهب الفرح إلى أن «العقيدة الاسترجاعية»، مركزُ وعصب العقيدة الألفية، إذ يرى الاسترجاعيون، أن عودة اليـهُـود إلى فلسطين هي بُشرى الألف عام السعيدة، وأن الفردوس الأرضي الألفي لن يتحقّق إلا بهذه العودة، كما يرون أن اليـهُـود هم شعبُ الله المختار القديم، أو الأول؛ باعتبار أن المسيحيين هم شعبُ الله المختار الجديد أو الثاني؛ ولذا، فـإن أرض فلسطين هي أرضُهم، التي وعدهم الإلهُ بها، ووعودُ الرب لا تسـقُط، حتى وإن خرج الشـعبُ القـديم، عن الطريق “القويم” ورفض المسيح وصلبه، وكُـل من يقف في وجه هذه العودة يعتبرُ من أعداء الإله، ويقفُ ضد الخلاص المسيحي-حسب زعمهم- فأعداء اليـهُـود هم أعداء الإله، وعلى هذا الأساس يهدفون إلى أن تكون فلسطين قاعدة ومنطلق للسيطرة على البلاد الإسلامية وبالتالي إقامة مملكة داوود.
خلاصة الحلقة
كل المحطات والتحولات الموصولة بالصهيونية العالمية التي تسيطر على مفاصل القرار في الغرب وفي أمريكا هدفها الرئيس تحقيق الهدف التي اشتملت عليه الأدبيات الأسطورية المحرفة من الكتب السماوية «التوراة والإنجيل» والتي حرفت القيم المسيحية الأصيلة، لصالح الأطماع اليهودية، التي تصب كلها في السيطرة على القدس وما حولها، وقد لاقت دعماً غربياً أمريكياً كان نتاج تراكم لمسار تاريخي طويل من تحريف الحقائق وترسيخ العقائد المزيفة.
إن هذه الحقيقة تحيلنا إلى ما أورده الأستاذ محمد حسين الفرح من محاضرة قيمة ألقاها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي –رضوانه الله عليه- بمناسبة يوم القدس العالمي 28-9-1422هـ حيث يقولُ الشهيدُ القائدُ: «عندما أطلق على إسرائيل [غدةً سرطانية] معلوم أنَّ السرطان إذا ما ترعرع في أي جسم من أجسام البشر لا بد إما أن يتمكّن الإنسان من القضاء عليه واستئصاله وإلا فـإنَّه لا بد أن ينهي ذلك الجسم، لا بد أن يخلخل ذلك الهيكل الذي نما وترعرع فيه».. مؤكدا أَنَّ إسرائيل ليس من الممكن المصالْة معها، ولا السلام معها، ولا وفاق معها، ولا أي مواثيق أَو عهود تبرم معها.. إنـها دولة يـهـودية، إنـها دولة يـهـودية طامعة، ليس فقط في فلسطين، وليس فقط في أن تهيمن على رقعة معينة تتمركز فيها، بل إنـها تطمح إلى الهيمنة الكاملة على البلاد الإسلامية في مختلف المجالات، وتطمح إلى أن تقيم لها دولة حقيقية من النيل إلى الفرات، من النيل في مصر إلى الفرات في العراق؛ لأنَّ هذه الرقعة هي التي يعتقد اليـهـود أنـها الأرض التي كتبها الله لهم، وهي أرض الميعاد التي لا بد أن تكون تحت سيطرتهم وبحوزتهم، وأن يقيموا عليها دولتهم».