في مراحل التحولات التاريخية، إما أن تكون رقما كبيرا أو صفرا كبيرا، لأن أحداث الحروب بين الدول الكبرى مناسبة كبرى لك لتحدد موقفك الديني قبل موقفك الوطني وموقفك الأخلاقي قبل موقفك السياسي، وفرصة أكبر لقراءة الأحداث ومتابعة ردود أفعال السياسة بوعي تام وجهد عملي وعلمي يومي، وهو جهد جاد وشاق، لا يعرف الراحة، وليس مجرد عملية متابعة ردود أفعال فقط، لأن القراءة الواعية تعني التزامك القيام بجملة عمليات من التحليلات والدراسات التي تنقلك بمرونة لمعرفة الخبايا التي توضح لك جيدا الفرق بين التحركات الاستراتيجية وأهداف التكتيك، القراءة الواعية التي تجعلك ثابتا لا تغادر مطلقا الثوابت والمبادئ والقيم العليا التي تبني عليها مشروعك القادم..
في أحداث حروب الدول الكبرى لا تحتاج إلى أن تكون قويا لتواجه العالم لتعليمه الموقف الصحيح، يكفي أن تمتلك إرادة واعية، والوعي هنا هو الاعتماد على موقف قيادتك الثابت مع الله ، الموقف الذي لم يغادر يوما الثوابت والمبادئ والقيم العليا ، الوعي هنا هو الابتعاد كليا عن المحللين الذين ينتظرهم الناس لاستلهام الموقف من تحليلاتهم السياسية غير الموضوعية وغير الثابتة على أساس أو مبدأ، الوعي هنا هو عدم انتظار كتابات وأقاويل غياب الغائبين عن الوعي، لاستلهام موقفك من كل ما يقوله لك بعض المرتبكين الذي يطلعون علينا بتحليلات سياسية ما أنزل الله بها من سلطان، نتيجة الارتباك الفكري الشائع في أوساط العاملين في الحقل السياسي، الذين تجدهم مع طرفي الصراع في نفس الوقت كما يحدث الآن في الحرب الروسية لاستعادة أوكرانيا ، تجدهم تارة مع روسيا في حقها في الدفاع عن أمنها القومي، وتخوفها من وجود حلف الناتو على حدودها، وتارة أخرى مع أوكرانيا في استدعاء حلف الناتو إلى أراضيها بقضه وقضيضه للدفاع عن سيادتها..
إن أحداث هذا الأسبوع وقرار مجلس الأمن بمنع تزويد اليمن بالسلاح ، قرار ترك كل ما يحدث في العالم من تهديدات بإطلاق الصواريخ النووية وتدمير كوكب الأرض، وذهب لإصدار قرار حول اليمن، هذا يوضح إمكانية روسيا، ومنذ وقت مبكر جدا تم كشف وتوضيح وتعرية الصهيونية العالمية في أوروبا وأمريكا التي تدفع مليارات الدولارات، ليس لدعم حلفاء لهم بل لشراء عملاء وأتباع لهم، وما فعلته روسيا بأوكرانيا حتى الآن لا يعادل واحداً على مليون مما فعله كيان العدو السعودي والإماراتي بقيادة أمريكا والدول الأوروبية في الحرب على اليمن وحصارها، وبرغم ذلك لم نسمع أصوات النباح والعواء التي صدّع رؤوسنا بها الأمريكان وأذيالهم الأوربيون حول ما يحدث في أوكرانيا من قبل روسيا، ولم نسمع قول الحق من روسيا نفسها الذي يكشف ويوضح للعالم جرائم الحرب والحصار السعودي والإماراتي على اليمن وقيادة الصهيونية العالمية، ولا يدين أو يستنكر أو يكشف مواقف أوروبا وأمريكا من الحرب والحصار على اليمن ..
الوعي اليوم هو أن نركّز على فحوى سؤال وزير الخارجية الأمريكي عن إمكانية طرد روسيا من عضوية مجلس الأمن، ونسأل أنفسنا: هل الإجابة على هذا السؤال تعني أن العالم بدأ يعرف الأخلاق والمبادئ والقيم، ويريد أن يؤسس لانهيار منظمة الأمم المتحدة القديمة، وإعادة تأسيس النظام الدولي القادم على أسس مختلفة تماما عما هو موجود بقيادة أمريكا وأوروبا وإسرائيل وحلفائهم الذين جعلوا كل المؤسسات الدولية مجرد عصابات تعمل لصالح الصهيونية العالمية «عيني عينك»؟ أم أن الإجراءات العقابية التي تتخذها المؤسسات الدولية ضد روسيا هي البداية لزيادة الشروخ العميقة التي تؤدي إلى تقسم العالم وتجعله جزرا منفصلة، وتؤسس لعدد من التحالفات الدولية الجديدة المتوحدة حول تنفيذ بقية بروتوكولات حكماء صهيون، ففي الحرب على اليمن فقط تتحول عصبة الأمم إلى عصابة الأمم، وقد تتحول إلى عصابات الأمم..
الوعي هو أنه كما جعلت الصهيونية الدولة العثمانية (تركيا) رجل أوروبا المريض، وأعطت إرث العرش الاستعماري الذي جمعته فتاتها اللعوب (بريطانيا) للولايات المتحدة الأمريكية يبدو واضحا أن الصهيونية العالمية بحاجة لكسر مخلب النسر الأمريكي العجوز وتسليمه للدب الروسي، لهذا أشعلت الحريق واستغلت أصدقاء فتاتها اللعوب في جميع أنحاء أوروبا الذين بلعوا طعم حماية الأمن الأوربي الذي سربته لهم أدوات الصهيونية الأمريكية وأوحت به لهم، ولن يكتشف الجميع الخدعة الصهيونية إلا بعد فوات الأوان، وخروج التنين الصيني ليتلهم الكل ، فمن ينظر اليوم بتمعن لأراجوز أوكرانيا – يهودي الديانة والجنسية – وذل وهوان حكام الدول العربية والإسلامية المطبعين مع إسرائيل سوف يتأكد له أن أمريكا وأوروبا والصهيونية العالمية قد ولوا على العالم الكثير من العملاء والمطبعين والتابعين لتنفيذ بروتوكولات صهيون، وما سيخرجنا من براثن أي ارتباك أو تضليل أو قلق أو خوف من عصابة الأمم القديمة أو المتقدمة أو القادمة هو الوعي الإيماني بالله والتوكل على الله، والعمل وفق تعليمات سنن تغيير الله في الكون ، و الوعي بهدى الله، والتمسك بقيم كتاب الله..