الثورة /
بِحلّة مألوفة وليست بجديدة، يقوم تحالف العدوان السعودي الإماراتي بتوسيع دائرة الخلافات والصراعات بين أدواته بهدف تمزيق النسيج المجتمعي وإثارة الفوضى والعنف في المحافظات الجنوبية وبقية المناطق المحتلة.
وتأكيدا للمخططات التي يسعى تحالف العدوان لتنفيذها، وتزامنا مع تسلم جماعة الإصلاح الرئاسة الدورية لتحالف الأحزاب والقوى السياسية الموالية لتحالف العدوان السعودي الإماراتي مطلع مارس الجاري، أعلن مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن “هانس غروندبيرغ” انطلاق اجتماعات ثنائية مع قيادات تلك الأحزاب في العاصمة الأردنية عمّان.
ووفقا لمكتب المبعوث الأممي، فقد بدأ “غروندبيرغ” -الاثنين- سلسلة من المشاورات على هيئة اجتماعات ثنائية مع قيادة حزب المؤتمر ووفود من حزب الإصلاح والحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري ستستمر على مدى أسبوع كامل، ولم يرِد في البلاغ الصحفي الصادر عن مكتب “غروندبيرغ” أي حديث عن مشاورات مع المكونات الجنوبية الفاعلة على الأرض.
وبحسب مراقبين فان مثل هذه المشاورات تذكر بالمشاورات التي احتضنتها الرياض من قبل وأدت إلى تأجيج الصراع بين جماعة الإصلاح -جناح الإخوان المسلمين في اليمن- مع المجلس الانتقالي، التابع للإمارات والتي أدخلت المحافظات الجنوبية في مسلسل دموي وفوضى عارمة لا زالت مستمرة حتى اليوم.
مخططات جديدة
هذه المرة يتبنى تحالف العدوان -وتحديداً الإمارات- خطة جديدة تؤسس لصراعات قادمة بين المؤتمر الشعبي العام والمجلس الانتقالي الجنوبي، المواليَين لها، وخصوصاً في المناطق الجنوبية التي زادت فيها حِدة الصراع بين الانتقالي وشرعية الفار هادي المزعومة وقياداتها “الإصلاحية” وعلى رأسها “علي محسن الأحمر”؛ إذ تُحرك أبوظبي أدواتها في حضرموت والمهرة، ضد قوات الفار هادي وخصوصاً المنطقة العسكرية الأولى التابعة لها في مناطق وادي حضرموت، والتي يطالب أنصار المجلس الانتقالي برحيلها من المحافظة، وإحلال ما تُسمى بالنخبة الحضرمية بدلاً عنها.
وبعد إشهار فرع المكتب السياسي لما يُسمى بـ”المقاومة الوطنية” التابعة للإمارات والتي يقودها المرتزق “طارق صالح” أواخر فبراير الفائت، في مدينة عتق؛ بيّن الكثير من المكونات الجنوبية والناشطين والسياسيين أن تلك الخطوة -التي تمت برعاية إماراتية- تؤسس لمرحلة صراع جديدة بين الانتقالي من جهة والمؤتمر وحليفه الأول ضد الجنوب “حزب الإصلاح” من جهة أخرى، الأمر الذي أربك حسابات المجلس الانتقالي الذي بات في قلق من أن تقوم الإمارات بتقويضه واستبداله بأداة أخرى، وظهر ذلك القلق في تصريحات قياداته وأنصاره، ومنها تصريح رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي في لحج “رمزي الشعيبي” التي أكد فيها أن المجلس يتعرض لمؤامرات تهدف لشق الصف الجنوبي والإساءة لقياداته، محذراً من محاولات استفزاز الجنوب من خلال السعي لإنشاء كيانات شمالية في محافظاته.
فيما أشارت تصريحات الصحفي الموالي للمجلس الانتقالي “ياسر اليافعي” -رئيس موقع يافع نيوز الإخباري- إلى أن هناك تحالفاً جديداً بين المؤتمر والإصلاح بهدف السيطرة على الجنوب وتقويض المكونات الجنوبية، وأوضح أن حزب الإصلاح يُعد شريكاً حقيقياً لحزب المؤتمر وقاد معه حرب 1994، مضيفاً أن الحزبين -اللذين وصفهما بالمجرمين- تسببا بتدمير الجنوب وقتل وإقصاء وتشريد مواطنيه.
صراع في شبوة
ردود الانتقالي على إشهار مكون المرتزق “طارق عفاش” في شبوة غير متزنة؛ فقد سارع -الثلاثاء 1 مارس الجاري- إلى إغلاق فرع المؤتمر في التواهي بعدن، وهذه الخطوة قوبلت بانتقادات واسعة؛ ففرع المؤتمر في محافظة لحج أصدر بياناً أدان فيه العملية واعتبرها عملاً غير مسؤول ويتعارض مع كل المبادئ والقيم والأخلاق والأعراف السياسية والديمقراطية، فيما وصف “أحمد الميسري” -وزير داخلية هادي السابق- في بيان، اقتحام مقر المؤتمر في عدن بـ”العمل البربري الجبان”، مشيراً إلى أن العملية تمت بأوامر مباشرة من محافظ عدن والأمين العام للمجلس الانتقالي المرتزق “أحمد لملس”.
وأكد المجلس الأعلى للحراك الثوري الذي يقوده “فؤاد راشد” أن عملية اقتحام مقر المؤتمر بعدن أمر مرفوض واستخدام للقوة في المكان الخطأ ومخالفة للقوانين.
رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية “عبدالكريم السعدي”، من جانبه أدان اقتحام مقر المؤتمر ورآه غير مقبول ويبشر بتوجهات متطرفة تهدد مستقبل هذه البقعة الجغرافية المهمة سياسياً واجتماعياً وأمنياً، حد قوله، الأمر الذي يشير إلى وجود مخطط يستهدف تمزيق الصف الجنوبي.
رفض جنوبي
وفي المقابل، أعلنت هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي-في اجتماع لها برئاسة الأمين العام للمجلس المرتزق “أحمد حامد لملس”- رفضها القاطع لإنشاء أي كيانات “يمنية” في الجنوب، وذلك رداً على تدشين مكتب “طارق” السياسي في شبوة.
وفي الوقت الذي انتقدت عدد من الفعاليات إغلاق المقر في التواهي، أكد الخبير السياسي والعسكري “خالد النسي” أن عملية اقتحام مقر المؤتمر في عدن لا يعني غض الطرف عن نشاط الحزب في شبوة، مشيرا إلى وجود نشاط إخواني مصاحب لنشاط المؤتمر، هو أكثر خطورة يتطلب إيقافه على الفور.
وكان المؤتمر الشعبي العام قد جدَّد أنشطته في شبوة -في يناير الماضي- عندما عقد قطاع المرأة اجتماعاً في مقر الحزب بمدينة عتق، بعد تولي القيادي المؤتمري المرتزق “عوض بن الوزير” منصب محافظ شبوة، ورغم كل ذلك فقد قوبل الاجتماع باستياء الموالين للمجلس الانتقالي، الذين عدّوه ضمن الأنشطة الأخيرة التي يتبناها “طارق صالح” في المحافظات الجنوبية.
ووفقا لمراقبين فأن الخطوات التي ينفذها تحالف العدوان تتجه نحو إدخال المحافظات الجنوبية في دوامة عنف جديدة، أكثر ضراوة من سابقاتها، منوهين بأن تلك الخطط التدميرية والتمزيقية تهدف إلى إتاحة المزيد من الفرص للإمارات والسعودية ومن ورائهما أمريكا وبريطانيا وإسرائيل لتنفيذ أجنداتهم في باب المندب وجزيرتي سقطرى وميون والموانئ الاستراتيجية والثروات النفطية والغازية في حضرموت وشبوة وغيرها من المناطق اليمنية.