عقود بأكملها والغرب أمامنا عبارة عن منظومة متكاملة من التطور والتقدم والإنسانية وحقوق الإنسان والنظام والعلم وكل ما هو مثالي لدرجة أننا في أحيان كثيرة لم نعد نرى أنفسنا إلى أي مدى أصبحنا غربيين ،فهم المُثل والحضارة والتطور والنظام والاحترام وواحد + واحد = 2 فيما نحن عكس كل ذلك.
فجأة ودون سابق إنذار تبدى لنا الوجه الحقيقي للغرب فما حدث بعد ساعات فقط من بدء الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا جعل كافة المنجذبين للغرب أو بالأصح المخدوعين بهم أمام حقيقة مغايرة فالغرب يقرر حصار روسيا ولا يترك أي وسيلة أو مجال دون أن يقرر مقاطعة روسيا من خلاله من الاقتصاد الى الثقافة والرياضة, بل وحتى التعليم وما هو دون ذلك… ذلك كان جزءاً من الصورة, أما الجزء المتبقي منها فهو التعامل مع الأوكرانيين والجاليات في أوكرانيا ممن فروا نحو الحدود البولندية, فالأولوية للأوكرانيين ولا مجال لتقديم المساعدة للعرب والأفارقة والصينيين وغيرهم.
ترى ماذا يحدث ؟ هل هؤلاء هم الغرب الذين لطالما أزعجونا بالحديث عن شعارات حقوق الإنسان والعدالة والمساواة .. نعم هم كذلك وهذه الممارسات ليست إلا القليل مما يخفونه من قبح تحت الأقنعة المتدثرة بالشعارات الكاذبة.
إن ما جرى خلال الأيام الماضية يكشف للجميع من هم الغرب من واشنطن حتى باريس ومن لندن حتى برلين فالأزمة الحالية جعلتنا أمام صورة مغايرة للنموذج الأمريكي ولشعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وجعلتنا أمام حالة إضافية من ازدواجية المعايير فمن يتحدثون عن تجاوزات الروس في أوكرانيا هم من شنوا الحروب على العراق واليمن وليبيا وبلدان أخرى ومن يتباكون على الضحايا في كييف هم من ضحكوا كثيراً على مشاهد مآسي أطفال بغداد وكابول وطرابلس ودمشق وهم من يتجاهلون اليوم أطفال اليمن, وهم من تسببوا في حصارنا وقتلنا وانتهاك سيادة بلدنا وهم من يديرون الحرب العدوانية من خلف الستار ويدعمون أدواتهم لقتلنا وتدمير مدننا وقرانا.
الغرب أبشع وأقبح مما ظهروا عليه خلال الأيام الماضية فالولايات المتحدة الأمريكية ومعها أدواتها في أوروبا سرعان ما استخدمت سلاح الإعلام ضد روسيا وهو الإعلام الذي ظل يتحدث عن المهنية وحرية الرأي والرأي الآخر وعن المصداقية طوال السنوات الماضية وكم كنا أغبياء عندما صدقنا ولو بعضا من ذلك فقد طالعت خلال الأيام الماضية صحفا أمريكية وفرنسية وألمانية وهولندية وبريطانية وجميعها تمارس الهجوم الفاضح على روسيا والروس دون أن تلتفت إلى المهنية والمصداقية والموضوعية لدرجة أن بعض الأخبار عندما تقرأ تفاصيلها تجد فيها اتهامات مباشرة للروس دون التطرق إلى النفي الروسي أو وجهة نظر موسكو -كما هو المفترض إعلاميا- بل إن بعض وسائل الإعلام بدأت تحرض على الحرب والقتل والدمار وصارت أكثر قبحاً من خلال الاستخدام الوقح لفنون الإعلام الصحفي بما في ذلك الكاريكاتور والإساءة للروس وقيادتهم بشكل يجعل أي متصفح لتلك المواد أن يقول «سلام الله على إعلام دول العالم الثالث».
في إعلامهم كشفوا حقيقة شعار المهنية, وفي ممارساتهم أظهروا وجههم القبيح تحت شعار العدالة وحقوق الإنسان وفي قراراتهم أكدوا لنا أن حضارتهم ليست إلا زيفا وأكاذيب, وفي خطواتهم وتصريحاتهم بدوا لنا أبشع مما كنا نتصور وأقبح مما كنا نعتقد فشكراً لهذه الأزمة التي أزالت القناع عن دعاة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وكشفت لنا أن من يصدرون شعاراتهم إلينا ليسوا إلا جماعات مصلحية مادية لا تمتلك أي قيم ولا تلتزم بأي شعارات ولا تنتمي إلا لأهدافها في السيطرة على العالم والتحكم به والتعامل مع سواهم على أنهم مجرد مستهلكين لبضائعهم ولشعاراتهم بل مجرد عبيد في مملكتهم الكبيرة.
تنويه .. تتضمن محاضرات السيد حسين بدر الدين الحوثي إشارات واضحة إلى حقيقة الغرب بما في ذلك الشعارات الزائفة المرفوعة من قبلهم وكذلك سبق للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أن تطرق وبشكل واسع للصراع بين الخير والشر وكيف أن هذه القوى تمثل جانب الشر وهو ما تظهره لنا في ممارساتها ومواقفها.
Prev Post
Next Post